الخميس، 16 يوليو 2020

رأي الرابطة: سبب معاودة إنتشار وباء “كورونا” القاتل بعدد من الأقاليم، طنجة نموذجا ..


بعد تزايد عدد الوفايات والحالات الحرجة للمصابين بداء كورنا، أطلقت وزارة الصحة صيحة التحذير من التهاون مع وباء كوفيد 19 ، عبر بلاغها الأخير الصادر يوم 13 يوليوز الذي حملت فيه المسؤولية للمواطنين بسبب”عدم التزام العديد منهم بالإجراءات الاحترازية والوقائية الضرورية، إعتقادا منهم بأن الفيروس لم يعد موجودا بالرغم من التحذيرات المتواصلة ” وهو نفس الاستنتاج الذي أكده رئيس الحكومة في تصريح له لوكالة المغرب العربي، حيث أعرب عن “أسفه الشديد مما شهدته بعض المدن المغربية مؤخرا، آخرها مدينة طنجة، من بروز بؤر متعددة في نفس المدينة، وارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير، وزيادة عدد الحالات الحرجة التي يضطر الأطباء إلى إدخالها إلى غرف الإنعاش، وأوضح أن تخفيف الحجر الصحي من خلال السماح للمواطنين بالرجوع إلى أعمالهم وعودة الأنشطة الاقتصادية لا يعني زوال الخطر بشكل نهائي، أو أن الفيروس لم يعد موجودا”. وقد أغفل هذا التقييم الإشارة إلى وجود عوامل وأسباب أخرى ترتبط بطريقة تدبير المسؤولين لهذا الملف منذ الانطلاقة الأولى، حيث ظل التناقض والتضارب في الآراء هو سيد الموقف، الأمر الذي ساهم في بلبلة الرأي العام وخروج الغالبية العظمى من المواطنين عن طور الانضباط .. فهل نسيت الأطراف الحكومية تلك الخطابات الموغلة في التفاؤل، والتي أطلقوها طيلة فترة الطوارئ الصحية من قبيل التأكيد على استقرار الوضعية التي كان يقال أنها متحكم فيها، ثم الدعوة إلى التطبيع والتعايش مع الفيروس الذي سيستمر وسيصبح جزءا من حياة المجتمع، ثم كذلك إعطاء الأسبقية للجانب الاقتصادي من خلال الدعوة إلى التخفيف من قيود الحجر والسماح بتنقل المواطنين وإعطاء الانطلاقة لاستئناف الأنشطة الاقتصادية، والأخطر من ذلك هو التراخي في تطبيق التدابير الاحترازية والوقائية وعدم تفعيل كل القوانين التي صدرت بخصوص تأطير هذه المرحلة. فقد ظل أمر عدد من التدابير معلقا ولم يتم تطبيقها على الوجه الأنسب مثل (الحجر المنزلي، وحمل الكمامة، واحترام شروط التباعد..) وذلك لأن الجهات المسؤولة قد اكتفت بالاعتماد على التعليمات ولم تهتد إلى الأسلوب الأنجع لإقناع المواطنين والرفع من مستوى الوعي الاجتماعي.
تقييم أولي للمرحلة السابقة :
وإلى جانب ذلك، هل قامت وزارة الصحة بإنجاز تقييم موضوعي لتجربتها في مكافحة الوباء التي تقارب مدتها الآن خمسة أشهر ؟. وهل كانت تدخلاتها مطابقة للمعايير المحددة؟، وهل كانت التصريحات تعكس الحقيقة، وهل تمكنت من سد الخصاص في الأطر الصحية وفي المعدات والأدوات الطبية الكفيلة بتحقيق النجاعة، وهل تم توظيف إعتمادات صندوق التضامن في تقوية البنيات الأساسية وتوفير التجهيزات الضرورية ؟.. كل هذه الأسئلة تظل معلقة بدون جواب مقنع. وللتذكير ، فقد عزفت الوزارة طيلة هذه المرحلة عن التجاوب مع هذه الطروحات المثارة من طرف هيئات المهنيين بالقطاع ومن طرف النقابات ووسائل الإعلام وهيئات المجتمع المدني ووسائل التواصل الاجتماعي، بل إن كثيرا من القضايا المتعلقة بالتقصير في القيام بالمهام من طرف مسؤولي بعض المراكز الاستشفائية في علاقتها بالمصابين بالفيروس( على الصعيد الوطني) لم تكن لتنكشف للرأي العام لولا وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان المتضررون يضطرون لتوثيق الوضعية بالصوت والصورة من أجل إيقاظ المسؤولين من سباتهم .. وقد تعددت الكثير من الأشرطة التي تعكس مستوى الهشاشة داخل مراكز الاستشفاء وضعف الخدمات الصحية في العديد منها. وعلى إثر ذلك كانت الوزارة تقوم ببعض التدخلات المحتشمة هنا وهناك .. لكن المشاكل تظل هي نفسها.. وجوابا على السؤال المحوري المتعلق بأسباب معاودة انتشار الفيروس من جديد في الوقت الذي كانت الوزارة قد قررت رفع الراية البيضاء، وقامت بإغلاق كل المراكز على الصعيد الوطني والاقتصار على مركزين فقط ببنكرير وبنسليمان، ثم عادت مرة أخرى إلى إعادة افتتاح كل المراكز السابقة وتعزيزها بأخرى بعد تزايد عدد الإصابات،مما يدل على أن تقييمها لم يكن موفقا، بل كان متسرعا من أجل الإعلان عن النصر المبكر.
موقف الوزارة الذي يعلو ولا يعلى عليه:
قبل الإعلان عن دخول مرحلة الطوارئ الصحية في شهر مارس 2020 بادرت مجموعة من الأطر الصحية بطنجة إلى دق ناقوس الخطر عن طريق تنبيه المسؤولين إلى خطورة المرحلة القادمة بسبب عدم الإلمام بطبيعة المرض وكيفية التعامل معه ثم عدم توفر بنيات الاستقبال الملائمة، إضافة إلى النقص في الموارد البشرية والمعدات الطبية المناسبة..نفس الموقف عبرت عنه بعض الهيئات النقابية وكذلك رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين التي طالبت من جهتها بإبعاد مركز استقبال المصابين بمرض كورونا عن المستشفى الجهوي محمد الخامس ومستشفى الدوق دي طوفار من أجل حماية باقي المرضى من الخطر، مع تأكيدها على مطلب فتح مركز مستقل بمستشفى القرب ببني مكادة الذي ظل غير مشغل إلى الآن رغم اكتمال الأشغال والتجهيز منذ سنتين، ونفس الأمر بالنسبة لمركز محاربة داء السل بنفس المنطقة وكذلك مستشفى الأمراض العقلية بقرية شراقة. لكن المسؤولين كانت لهم مقاربة أخرى، حيث تم اللجوء في نهاية المطاف إلى استعمال فنادق خمس نجوم من أجل إيواء المرضى، مما كان سببا في تمييع العملية، لأن كل النزلاء كانوا من صنف المصابين بدون أعراض تدعو إلى الخوف من المرض، وهو ما حول وجودهم هناك إلى مجرد احتفال وفسحة سياحية للترفيه عن النفس إلى أن تنتهي مدة الحجر.

تغييب صوت المهنيين:

علاقةبهذا الموضوع توجهت الأطر الصحية العاملة بقسم الإنعاش(كوفيد 19) في مستشفى محمد الخامس بطنجة في وقت مبكر برسالتين إلى وزارة الصحة وزارة للمطالبة بتوفير مستلزمات الأشغال وأدوات الحماية، الأولى بتاريخ 10 مايو ، وقد تضمنت طلب توفير كل مستلزمات الوقاية والعلاج بالكمية والمواصفات الضرورية من أجل حماية الطاقم الصحي، مع الإخبار بعدم خضوع البذلة الوقائية لمعايير الجودة المطلوبة، حيث إنها تتمزق بسرعة فتعرض العاملين لإمكانية الإصابة بالعدوى، هذا إضافة إلى عدم توفر القفازات المعقمة وأدوات أخرى، الشيء الذي سيعرض المرضى للإصابة بعدوى المستشفيات..أما الرسالة الثانية فكانت بتاريخ 7 يوليوز ، أي بعد مرور شهرين على المراسلة الأولى، وهي تعكس ذلك الإحباط التي يحس به المشتكون تجاه موقف الوزارة التي لم تعرهم أدنى اهتمام، وذلك لكونها لم تعمل على إيجاد حل لوضعية العمل بهذه المصلحة، سواء من خلال توفير العدد الكافي من الأطر الصحية وكذلك أدوات الاشتغال الآمنة من ألبسة ذات جودة وأدوات الحماية الأخرى وأدوية ومعدات. كما يعبرون عن الإنهاك الذي لحقهم بسبب اشتغالهم المتواصل بهذه المصلحة منذ بداية الوباء جراء عدم إقرار المديرية الجهوية لنظام التناوب بهذه المصلحة ذات الطبيعة الخاصة، مما كانت له انعكاسات سيئة على حياتهم يمتزج فيها هاجس الخوف المستمر من الإصابة بالعدوى مع الإحساس بالتعب والإجهاد البدني والنفسي.
كل ذلك قد أثر على معنويات هذه الأطر التي فقدت حماسها وأصيبت بالإحباط، فأصبحت مدعوة لخوض احتجاجات من أجل إسماع صوتها ودق ناقوس الخطر المحيط بمجال عملها.، وينتظر أن ينظم التنسيق النقابي( خمس نقابات) يوم الخميس 16 يوليوز وقفة احتجاجية بباب المديرية الجهوية بطنجة احتجاجا على الاختلالات التي يعاني منها القطاع، ثم التعاطي السلبي للمسؤولين مع مطالب الشغيلة ..
إنتقال الإصابات إلى صفوف الأطر الصحية:
ذلك ما كان يخشى منه، وهو تحطم واجهة الأطر الصحية التي تقاتل في الصفوف الأولى ضد المرض أمام شراشة الفيروس، وكذلك ضعف التجهيزات الطبية والوسائل المتعلقة بالسلامة من الخطر ثم الوضعية المتردية لمراكز الاستشفاء، حيث سجل عدد من الإصابات في صفوف الأطر العاملة أطباء وممرضين وأعوانا داخل المستشفيات ..وقد قدر عدد المصابين في قطاع الممرضين بحوالي 64 حالة على الصعيد الوطني.. كما سجلت بطنجة مؤخرا انطلاقا من مستشفى محمد الخامس إصابة حوالي 39 حالة في صفوف الأطباء الداخليين ..وهو ما شكل موضوع تساؤل في البرلمان عن أسباب هذه الإصابات التي تهدد كيان القطاع الصحي وركائزه ..
وجهة نظر لأحد المواطنين:
رسالة تناقلتها وسائل التواص الاجتماعي، وهي تعكس وجهة نظر أحد المواطنين الذي قد يلتقي معه الكثيرون في هذا الطرح الذي يحاول من خلاله الإجابة عن إشكالية استقواء مرض كوفيد 19 بطنجة، وهذا نصها:
“قليك وزير الصحة محتار من استمرار تفشي الوباء في طنجة،
كمواطن من سكان طنجة سأجيبك بما يلي :
ساكنة طنجة محتارة من تفشي الغباء والوباء معا وليس الوباء وحده.
ساكنة طنجة محتارة من قرار إغلاق الأحياء وترك المصانع رغم أنها مصدر البؤر الوبائية.
ساكنة طنجة محتارة من استمرار عمل المصانع وعدم إغلاقها أسوة بما فعلت السلطات في آسفي ولالة ميمونة رغم تسجيل بؤر بمئات الحالات بمصانع طنجة (طبعا المصانع في طنجة ليست مجرد مصانع للفراولة أو تصبير السمك).
ساكنة طنجة احتارت من قبل إزاء قرار السماح لآلاف العمال بالسفر إلى طنجة من مختلف مناطق المغرب بعد العيد لاستئناف عملهم دون الخضوع لأي اختبارات أو حجر صحي في وقت كانت الحالة الوبائية بطنجة تحت السيطرة.
ساكنة طنجة احتارت من قبل واستغربت كيف تم الترخيص لمهندسي إحدى المصانع بطنجة بالعودة من فرنسا في ذروة انتشار الوباء في هذا البلد، والسماح لهم باستئناف العمل دون الخضوع لأي اختبارات أو حجر صحي إلزامي.
ساكنة طنجة احتارت من قبل واستغربت كيف سمحت السلطات بفتح الحمامات (وهي فضاءات مغلقة) ومنع الولوج للشواطئ (وهي فضاءات مفتوحة)
ساكنة طنجة محتارة كيف يطلب من المواطن عدم الخروج إلا للضرورة القصوى بترخيص استثنائي في وقت سمح للمقاهي بفتح أبوابها للزبائن (هل يعتبر الجلوس في المقاهي من الضرورات القصوى)؟
ساكنة طنجة محتارة كيف تم فرض الحجر على المدينة دون اتخاذ أي قرار بشأن عيد الأضحى.
ساكنة طنجة محتارة من النسبة المرتفعة للوفيات بالجهة مقارنة مع باقي الجهات، ومن النقص الكبير في الأطر الطبية والبنية الاستشفائية بالجهة وتأخر استكمال بناء المستشفى الجامعي بطنجة لسنوات، وعدم تقديمكم أي تفسير لذلك.
ساكنة طنجة محتارة من انتشار الوباء بمستشفى محمد الخامس بين الأطباء والممرضين والتقنيين، وتسائلكم كيف انتشر الوباء بينهم. ولماذا لم تجر لهم فحوصات دورية من أجل التأكد من خلوهم من الفيروس، رغم تضحيتهم بالغالي والنفيس من أجل القيام بالواجب المهني ورغم احتكاكهم مع المصابين؟
ساكنة طنجة محتارة من فشلكم في السيطرة على الوباء رغم التزامها بالحجر الصحي لمدة تزيد عن 3 أشهر، ذهبت كل تضحياتهم أدراج الرياح بفعل قرارات عشوائية وغير منطقية.
ساكنة طنجة تطالبكم بإغلاق المصانع التي ظهرت فيها البؤر والقيام بالتحاليل لكل العمال مع إلزام المصابين بالحجر الصحي والسماح للباقي بالعودة للعمل.
ساكنة طنجة تطالبكم بإلزام المصانع والشركات باحترام وتطبيق الإجراءات الاحترازية وإقفال وزجر المخالفين.
ساكنة طنجة تطالبكم باحترام مشاعر المواطنين وعدم إصدار بيانات في أوقات متأخرة من الليل، وتطالبكم باتخاذ قرارت مدروسة ومنطقية والتواصل مع المواطنين لشرح كل الحيثيات المتعلقة بالحالة الوبائية بطنجة وخططكم من أجل التغلب على الوباء”.

زيارة الوزير المكوكية إلى مستشفى محمد الخامس:
على إثر الفضيحة التي فجرت مستشفى محمد الخامس عقب تعرض حوالي 16 من الأطر الطبية داخل قسم الجراحة خلال إشرافهم على إجراء عملية جراحة لأحد المرضى كان مصابا بكورونا، قام الوزير بزيارة مكوكية إلى طنجة قادته إلى مستشفى محمد السادس، حيث أجرى مقابلة مع السؤولين من أجل الاطلاع على ملامح الوضعية واستقاء المعلومات بخصوص الحادث المشار إليه. ومن أجل تدارك الموقف صدر الأمر بنقل قسم الإنعاش(كوفيد 19) في مستشفى محمد الخامس بطنجة إلى مستشفى محمد السادس، ثم إجراء دراسة لمعرفة أسباب ارتفاع الحالات الحرجة ونسبة الإماتة بطنجة مقارنة مع باقي الأقاليم، وسيكون الهدف منها الخروج بخلاصة تبين السمات المميزة للفيروس الذي يصيب ساكنة المنطقة الشمالية، وذلك لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذا المشكل “(م .اليوم 24) ” ويضيف الموقع أن هذه “المشكلة، حسب ما أكدته أطر طبية للوزير، تتجلى في أن جزءا من الأسباب معلومة دونما الحاجة إلى استنزاف الوقت في دراسة، موضحين أن ارتفاع الحالات الحرجة في طنجة سببه الرئيسي، يتمثل في كون مسار التكفل بالمريض بدأ يطول مع ارتفاع أعداد المصابين، بل إن إجراءات الكشف عن حالات الإصابة تكون متأخرة، وبالتالي فإن النسبة المئوية لهذه الحالات سترتفع مع ارتفاع منحنى الإصابات بـ”كوفيد 19” المتزايدة في مستشفيات المدينة الأربعة” “أما عن الظروف التي يشتغل فيها الأطر الصحية والتمريضية في وحدة “كوفيد”، فقد أورد أن تلك الأطر قد ظهرت عليها علامات الإرهاق الشديد، وبالتالي تراجع مستوى الجودة والنظام وحسن التدبير، إلى درجة أن بعض المرضى يأتون مصابين في حالة متقدمة، ثم يعودون إلى بيوتهم في انتظار مواعيد الفحوصات بجهاز “سكانير”(م. اليوم 24 )
صيحة في واد يطلقها أحد المواطنين:
إن المتتبع للتصريح الوارد ضمن هذا الشريط سيقف على حجم معاناة أحد المصابين وأسرته بسبب ضعف الخدمات الطبية وسوء ظروف الاستقبال داخل المستشفيات إلى جانب إهمال المرضى وعدم التواصل معهم، مما يساهم في تفاقم وضعهم الصحي وتطور المرض إلى مراحل متقدمة .. كما يعكس من جهة أخرى زيف الشعارات التي تطلقها الوزارة عبر بلاغاتها التي تتحول إلى سراب، حسب رواية عدد من الأشخاص الذين تعرضوا للابتلاء في زمن كورونا ( الفيدو)
المكتب لمركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
14-07-2020

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: رأي الرابطة: سبب معاودة إنتشار وباء “كورونا” القاتل بعدد من الأقاليم، طنجة نموذجا .. Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top