 |
| سيلفي محمد العسري واسماعيل طاهري في طنجة |
العسري اللي عندي ف طنجة راه مات
هذا ما قلته لابنتي..
تألمت لانه في تمام العاشرة صباحا كان محمد العسري رحمه الله يهاتفني ليلتحق بي أينما كنت، وعادة ما كنت أركن نفسي وجسدي بين أكوام من الكتب والجرائد والأوراق في مقهى أريج بطنجة ودام هذا الأمر سنوات طويلة منذ بداية الألفية الثالثة. كان العسري مهموما بقضايا الشعب وذاق ويلات الطرد من العمل كأستاذ للإعدادي والاعتقال السياسي ولم يبدل تبديلا، كان يسابق الزمن لنشر العديد من كتبه في مجالات مختلفة رياضية وسياسية وحقوقية وفنية كان موسوعة حقيقية من المعرفة ومتمكن جيد من اللغة العربية والفرنسية والإسبانية، علاوة على كونه صحفيا ماهرا يكتب إنتاجاته مباشرة وبدون مسودة..نعم يكتب مباشرة مقالاته بدون مسودة، بأسلوب آخاذ وضبط مدهش لمصطلحات ومفاهيم كل مجال يكتب فيه.
أعبت عليه مرارا لماذا لا تكتب الرواية أ السي محمد؟
يجيب: لم أفكر في الأمر ، وأنا مشغول ولا وقت لي حتى لكتابة مذكراتي..
كان العسري يجهر بالحقيقة ولو على نفسه ويرفض أي مس بكرامة وله أنفة غير معهودة وظل نظيف اليد لم يقترب من مال عام.. وحتى في مجال الصحافة كان يكتب بالمجان وعلى حساب قوت عياله من إعلام منظمة العمل الى جريدة الشمال وفضاء البوغاز .
ذكر لي يوما أن أفراد من الأجهزة يراقبونه باستمرار وبعد أن قلل من الخروج الى المدينة مساءا ليجلس مع رفاقه وأصدقائه ليلعب "الباتشي" ويرتشف بشراهة كؤوس الشاي بالأعشاب أو في فضاءات أكثر حميمية أخرى، تجرأ بعض أفراد الأجهزة على الإتصال به في البيت ليسألوه مباشرة عن سبب غيابه وإن كان يحتاج الى مال أو أي شيء..
وقلت له إن هذا المخزن المغربي غريب الأطوار ومن الصعب القبض على ميكانيزمات اشتغاله..
رغم فارق السن بيننا كان السي محمد يعاملني كصديق رفيق يرى أنني أحمل نفس الهم السياسي والثقافي والإعلامي الذي ابتلي به طيلة مسار حياته المهنية والنضالية. وكم فرح فرحا عارما كطفل صغير عندما علم بنجاحي في مباراة التعليم.
رحمة الله على روح السي محمد مع هذا الصباح.
بقلم: اسماعيل طاهري
0 التعليقات
