13‏/12‏/2023

ذة: حياة دخيسي: عذرا يا تلميذ

ذة: حياة دخيسي

 
ومن أمة "إقرأ" نساء  ورجال صدقوا ما عاهدوا المدرسة عليه، لازالوا صامدين لا يثنيهم عن الحق تهديد ولا اقتطاع، لأنهم يؤمنون أن الاقتطاع من الكرامة أدهى وأخطر. يكرسون فلسفة الكوجيطو ليؤكدوا وجودهم كذوات مفكرة ومستقلة ترفض التركيع و الإذلال... وهناك في عالم الدهاليز  والكواليس تقابلهم سياسات ميكيافيلية حيث غاية الإستقواء تبرر وسيلة الاستضعاف تحت شعار: "أنا و الكرسي ومن بعدنا الطوفان"، طبعا فالأزمة هنا لم تهدد استقرار أبنائهم ولا  ثراءهم الفاحش، وهنا ستصبح العجلة في حلحلة ما هو عالق من الشيطان.

وبين هذا وذاك... كم تحزنني صورة تلميذ يلعب في الشارع بدون بوصلة تقوده نحو المستقبل، وفجأة يرى تلميذا آخر متأنقا يحمل محفظته متجها نحو مدرسته الجميلة غير المهترئة... بم سيشعر؟!! هل يعقل أنهما ينتميان إلى الوطن نفسه ؟! هل أصبحت الوطنية شعورا مؤدى عنه، تقاطعا للعرض والطلب؟!!

أسفي عليك يا ولدي... وأنت تتذكر حصص التربية على المواطنة، كان يغريك ما هو مكتوب بالطبشور الأبيض، الآن سيغريك ما تبقى على السبورة من سواد، كنت تحتفل فرحا بأعياد الوطن وأنت تتلحف الراية أمانا وعنفوانا، والآن أية أنشودة ستؤديها على مسامع المسؤولين "حلمي تحطم واختفى"؟ أم ستؤدي دور متسول الحروف أمام قصورهم؟  لعلك ستقدم عرضا مؤثرا حول الطبقية وقد اختبرتها عن قرب؟

كم تحزنني صورة أبوين على فقرهما وحاجتهما وهما ينقلان ابنهما أو ابنتهما إلى مدرسة خصوصية قهرا وغبنا، وهما يتساءلان هل سيتقشفان في الخبز أم في مكافحة البرد أم في الاستقرار والأمن؟

يحزنني حال تلميذ الباكالوريا وهو يرى صورة الطبيب والأستاذ والمحامي تتحول إلى سراب يختفي بأحلامه  وتطلعاته وقد كان يظنها قريبة.

"أسرع يا مسؤول فالشعب في انتظارك" أم أنك مصر على أن تلعب دور الأرنب المغرور، فيملي عليك تضخم أناك مواقفك وليس سباقا محتدما بأنفاس البؤساء، فنراك مرة تؤجل  وتنام، ومرة تتنزه وتسافر، ولا تصل أبدا، ولا تأبه لأن تسبقك انتفاضة شعب، أو دموع مظلوم وقد اخترقت كل حجاب.

"لن نستحم في دموعنا مرتين" وهي أجلّ من نهر هرقليطس، ولن نرفع صخرة سيزيف ثانية لتتمتعوا أنتم بفرجة مازوخية، سننتفض  وننتفض إلى أن يتبين خيطنا الأبيض من خيطكم الأسود، سننتفض إلى أن نثبت أن الذئب غير بريء هنا، واسألوا يوسف وقد أغاث وطنا و جعل الضعيف مقداما، عن النهب والتفقير وانتهاك الحقوق... الويل ويلكم من راع مكلوم، الويل ويلكم وأنتم من على برج عال ترون الناس صغارا...

وهاكم... هاكم الحقيقة... ألمنا شرعي وفرحتكم لقيطة.

بقلم الأستاذة: حياة دخيسي

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: ذة: حياة دخيسي: عذرا يا تلميذ Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top