 |
| الكاتب المغربي صخر المهيف |
المعهد
صخر المهيف
غادر الطفل الفصل و توجه نحو زميله بالقول:
- هل ستكون غدا في الموعد؟
رد عليه بأسى ملأ ملامحه الصغيرة:
- أجل...
- سيرافقك والدك؟
- طبعا وأنت؟
- أجل ووالدتي أيضا.
كَزّ الصغير شفتيه وهو يقتسم الكعكة مع زميله وهتف فيما يشبه الشعور بالانتصار:
- ستحضر رانيا وأسماء وسفيان وأحمد وآخرون...
رد الطفل متأثرا والدموع تراوغ عينيه:
- أرجو ألا يقوموا بهدمه.
نسيم الربيع حيى الجميع واحتواهم في معطفه الأنيق، بصر الطفل الصغير العمارات الشاهقة في ذهول، اقترب من الجرافة الجاثمة بالقرب من الحديقة الصغيرة، الشمس يكفي ضوؤها ليعم الدفء الأبدان، أمسك بيد والده متسائلا و الألم مترف في مُقْلَتيه:
- لم قرروا هدمه؟
رد الأب:
- باعوه لأحد الأغنياء
- من هم؟
- المجلس البلدي يا بني..
غمغم وهو يكبت حشرجة مالحة واستطرد قائلا:
- قطاع الطرق...
تقدم الرجل ذو المعطف الأسود وربطة العنق الحمراء، وصاح في سائق الجرافة:
- هيا تقدم...
طوى النسيم صفحات من الدقائق المستعصية على التحمل، صاح الطفل في أصدقائه:
- هل أنتم مستعدون؟
صاحوا جميعا:
- مستعدون؟؟؟
أخرجوا اَلاتهم الموسيقية وشرعوا يعزفون نشيد "عليك مني السلام يا أرض أجدادي"... تقدمت الجرافة وداست زهور الحديقة الصغيرة بينما كان الضابط يرد بواسطة جهاز الطولكي ووكلي قائلا:
- الوضع تحت السيطرة لحد الساعة، لكن عدد المتظاهرين في ازدياد... المطلوب إرسال تعزيزات جديدة...
توقف هدير الجرافة فجأة فتوقف عزف النشيد أيضا وعاد النسيم مرة أخرى ليسمح للزمن بالانسياب، صوب الجميع نظراته نحو السائق الذي غادر الجرافة متوجها نحو الأطفال وقد تطلعوا إليه بفضول، و هو عانق طفلا يحمل بين يديه اَلة إيقاع ثم صرخ فيه:
- متي انخرطت في المعهد الموسيقي؟
- قبل شهر يا أبي...
ظل واقفا بلا حراك وعيناه لا تبارحان وجه صغيره، أغمض عينيه ثم التفت نحو الرجل ذي المعطف الأسود وربطة العنق الحمراء قائلا:
- ابحث عن شخص آخر...
صاح الرجل غاضبا في ذهول:
- أنت مفصول عن العمل..
- أرض الله واسعة...
اصطف السائق خلف الأطفال صحبة الاَباء... انطلق العزف من جديد فيما كان الضابط يصرخ في الطولكيوولكي:
- لا زال الوضع تحت السيطرة سيدي...
طنجة في
مارس 2015
0 التعليقات
