كتبت مديرة في إحدى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في المغرب رسالة توبيخ إلى أستاذ الفلسفة لتأخره في تقديم نتائج الفصل الدراسي، تقول فيها: "أعذركم عن طريق هذا الكتاب القيام بمسك النقط وتسليم فروض المراقبة المستمرة للإدارة في أجل لا يتعدى 48 ساعة من تاريخ توصلكم. وإلا سأكون مضطرةً لاتخاذ إجراءات زجرية، بما فيها التوقيف المؤقت مع توقيف الراتب."
تعكس نبرة الرسالة عدة مفارقات وأمارات على مستوى من وقعتها بخِتمها الغليظ سواء من حيث تواضع المستوى اللغوي، أو خشونة العنف اللفظي والوعد والوعيد. وتثير الكثير من الأسف على ما آلت إدارة قطاع التعليم إلى عملية بيروقراطية عقيمة، وكيف يحّل منطق الزجر والوعيد محل أسلوب التحفيز ونشر روح المسؤولية.
ليس تعليم الأجيال عملا إداريا في جوهره، وليس نقل المعرفة مجرد تكليف وتطبيق أوامر ومراقبة تنفيذها من أعلى إلى أسفل على طريق العسكرة الإنكشارية. بل يظل مجال التربية والتعليم من المجالات العامة التي تجسد في الدول الراقية أعلى مستوى من اللياقة واللباقة في التعامل بين المسؤول وهيئة التدريس. هناك أساليب راقية في علم الإدارة بعيدا عن نبرة التهديد بضرب الأعناق وقطع الأرزاق وضيم الأعماق. لكن، هي أيام عاثرة يغيب فيها العز للمعرفة، وتتطاول عليها سلطوية البيروقراطية ولغة التهديد بالقوانين واللوائح.