في مثل هدا اليوم مند 61 سنة تم اغتيال باتريس لومومبا،زعيم التحرر الوطنى الكونغولى المولود في 2 يوليو1925،نشاطه الوطني بدأ حين اشتد عوده فى سن 19 حيث عمل موظفا للبريد،وبسبب سياسة الفصل العنصرى، بدأت مشاعر الوطنية تحركه،فعقد علاقات وثيقة مع القبائل الأفريقية،ونسق بين القوى الوطنية، ولفق الاستعمار له تهمة بالسرقة وسجن،وبعد خروجه تنقل بين أعمال تعينه على إعالة أسرته حتى غشت 1958 حيث تفرغ للعمل السياسى,وبدأ نجمه يصعد أفريقيا،فأسس الحركة الوطنية الكونغولية للمناداة بالاستقلال، واتصل بأطراف إقليمية ودولية لتأييد حق بلاده في الاستقلال،
لكن تم اعتقاله في 1959 وأثناء سجنه جرت الانتخابات وفاز حزبه بأعلى الأصوات وأفرج عنه،
وتم الاتفاق على استقلال الكونغو،وفي الانتخابات حققت الحركة الوطنية بقيادته انتصارا نسبيا. وحاولت بلجيكا التي كانت تدير البلاد إخفاء النتائج وإسناد الحكم إلى حليفها العميل جوزيف إليو، ولكن الضغط الشعبي أجبرها على تكليف لومومبا بتشكيل الحكومة في 23 يونيو 1960.
عشية اعلان الاستقلال حضر ملك بلجيكا بودوان الأول وألقى كلمة قال فيها
"إن بلجيكا ضحت بشبابها وأموالها الطائلة من أجل تعليم الشعب الكونغولي ورفع مستوى اقتصاده،"كما وحذر الوطنيين الكونغوليين بعدم اتخاذ إجراءات متسرعة أو غير مدروسة تؤدي إلى تدمير المدنية التي خلفها البلجيكيون لهم...!
فأغضب ذلك الكونغوليين واعتبروا حديثه مهينا ويفتقر إلى اللياقة، فقام لومومبا واتجه إلى المنصة فقاطع الملك البلجيكي بخطاب أطلق عليه خطاب "الدموع والدم والنار" قائلا:
"أيها المناضلون من أجل الاستقلال وأنتم اليوم منتصرون، أتذكرون السخرية والعبودية التي فرضها علينا المستعمر؟ أتذكرون إهانتنا وصفعنا طويلا لمجرد أننا زنوج في نظره؟
لقد استغلوا أرضنا، ونهبوا ثرواتنا، وكان ذلك بحجج قانونية قانون وضعه الرجل الأبيض منحازا انحيازا كاملا ضد الرجل الأسود...لقد تعرضنا للرصاص والسجون وذلك لمجرد أننا نسعى للحفاظ على كرامتنا كبشر".
شكل لومومبا أول حكومة كونغولية منتخبة، وحرص على أن تضم كل القوي الوطنية، وأصدر عدة قرارات عشية استقلال البلاد لإبعاد البلجيكيين عن إدارة شؤون البلاد.لكن لم تنعم الكونغو بالاستقلال سوى أسبوعين، فقد دخلت في سلسلة من الأزمات لم تتوقف، ووجدت حكومة لومومبا نفسها تواجه أزمات كبرى: تمرد عسكري في الجيش، وانفصال إقليم كاتنگا أهم إقليم في الكونغو بدعم من بلجيكا،ثم أعلنت محافظة كاساي انفصالها عن الكونغو ودخولها في اتحاد مع كاتنگا، إضافة الى اضطرابات عمالية.
فلما دعا لومومبا قوات الأمم المتحدة لمساعدته تحقيق الاستقرار تدخلت ضده،وانفض عنه حلفائه الأساسيين بدعم أميركي وبلجيكي،وأقال رئيس الجمهورية حكومته،رغم ان مجلس الشيوخ صوت بأغلبية كبيرة ضد القرار.لكن للاستعمار كلمته بكل الوسائل للحفاظ على مصالحه،كما انقلب ضده عميل الاستعمار العقيد موبوتو رئيس هيئة الأركان، وتوالت الاحداث الى ان ألقى القبض على لومومبا، واثنين من أهم رفاقه، ونقلوا الى حيث أعدموا رميا بالرصاص فى17 يناير 1961.
ووفقا لكتاب نشر بهولندا في يونيو 2018 ألفه "لودو ديفيت" بعنوان "اغتيال لومومبا"، واعتمادا على وثائق بلجيكية سرية حصل عليها المؤلف، فإن لومومبا اعتقل في اواسط يناير عام 1961 في مطار "إلزابيث ڤيل" لدى هبوطه من الطائرة على يد درك كاتنگا بقيادة خصمه تشومبي المتحالف مع العقيد موبوتو، وكان ستة جنود سويديين تابعين لقوات الأمم المتحدة حاضرين لحظة الاعتقال...
لقد أراد لومومبا أن يمنع استغلال الاستعمار لأي جبهة وطنية، فجمع جميع القوى الوطنية في حكومته التي استمرت ثمانية أشهر، ولكن النفوس الضعيفة تظهر في مثل هذه المواقف،فبرز العميل الخائن "مويس تشومبي"
(1919-1969) الذي تربى في أحضان الاستعمار وعلى فتات موائدهم،معلنا استقلال أغنى إقليم بالبلاد عن الحكومة المركزية،وهو إقليم كاتانغا،إقليم الماس والنحاس،ثم يقوم بإعلان الحرب على حكومة لومومبا في11 يوليوز،ولكن من أين له بجنود من وطنه؟ فتأتي له بلجيكا بالمرتزقة من أوروبا، ويعيد لومومبا طلبه لتدخل الأمم المتحدة لحماية استقلال البلاد ووحدة أراضيها،لكن الضغوط البلجيكية والأمريكية كانت اقوى للحفاظ على مصالح الاستعمار في إفريقيا.
ولان لومومبا لم يخضع للترغيب أو الترهيب،فقد اختفى فجأةً في 17 يناير عام 1961،ثم تظهر جثته مع جثث بعض أخلص رفاقه قتلى في كاتنگا في 5 فبراير، وتنتهي حياة الرجل، ويذهب الجميع إلى أن الخائن تشومبي هو الذي قام باختطافه وقتله، ولكن الوثائق الجديدة تضع شكلاً آخر للحادث، إذ تكشف الوثائق البلجيكية أن قتل لومومبا تم بناء على خطة بلجيكية عرفت باسم الخطة "باراكودا" وبدعم من المخابرات الأمريكية التي تكشف وثائقها رسائل "دلس" إلى مندوب وكالة المخابرات الأمريكية بالمنطقة بضرورة التخلص من لومومبا، وأنه " يأتي على قمة الأولويات القصوى في عملنا".
ويظهر دور الشريك الثالث في المؤامرة الأمم المتحدة، إذ تكشف سجلاتُها كل تعليماتِها برفع جميع أشكال الحماية عن لومومبا، وتكشف الوثائق المختلفة أن عملية الخطف تمت في 17 يناير 1961 وتم نقله، هو ورفاقه إلى مدينة"إليزابيثڤيل"
(لومومباشي حاليًا) وهناك تم تنفيذ عملية القتل في رئيس الوزراء ورفاقه بحضور مسؤولين بلجيكيين، ومسؤول المخابرات المركزية الأمريكية، ومسؤولين من الأمم المتحدة منهم مساعد السكرتير العام للشؤون السياسية "هايزنش ويشهوف".
قام أنصار لومومبا بحرب ضد موبوتو فاحتلوا بسرعة ثلثي الكونغو لكن العقيد موبوتو سيسيسيكو هزمهم بفضل الدعم الغربي واستولى على السلطة في انقلاب عسكري هو الأول من نوعه في أفريقيا في ذلك الوقت..
من الناحية الأيديولوجية فقد كان الشهيد لومومبا وطنياً،
إفريقياً مؤمناً بـالوحدة الأفريقية،وقاد حزب الحركة
الوطنية الكونغولية من1958 حتى استشهاده.ومن تم اعتبره معظم الأفارقة شهيداً لحركة الوحدة الأفريقية....
المصدر: صفحة مجيد مصدق