انتقل الى دار البقاء الشاعر المغربي الكبير الدكتور أحمد طريبق أحمد بعد أسابيع من مروره بظروف صحية صعبة تم نقله على إثرها الى مصحة خاصة بطنجة.
اليوم يرحل عن عالمنا مدير مجلة مواسم الثقافية وصاحب ديوان "ومن أسمائها الحسنى 'طنجة لعاليا'". وهو يوم حداد حزين للقصيدة المغربية الحديثة.
هذا الديوان الجميل تلقيته كهدية من الصديق عبد الإله الكوهن جاره في مدينة طنجة.
وهو أول ديوان قرأته طفلتي الصغيرة مروة قبل سنتين عندما كانت تبلغ ست سنوات وحاولت تقليده بكتابة بعض الخواطر.
 |
| الراحل طريبق رفقة خالد سليكي |
اقتربت من شاعرنا العظيم قبل عشرين سنة عندما كان الصديق الأديب/ الدكتور خالد سليكي يقيم في طنجة ويدير مع إخوته دار النشر سيليكي إخوان . قبل أن يختار المنفى في أمريكا غاضبا من المشهد الثقافي الموبوء في المغرب. وكان خالد في بداية الألفية ينظم لقاءات ثقافية كان يشارك فيها الطريبق أويحضرها بشغف المريدين.
.....
 |
| الطريبق الى جانب محمد عز الدين التازي وخالد سليكي |
عندما تقترب من الطريبق الإنسان الطيب تجد شاعرا شامخا مهموما بالثقافة والفن والإبداع، وتشعر أنه مأخوذ من هذا الواقع البسيط وهو دائم التأمل بنظرات عميقة نحو الأفق. ويخيل اليك أنه صوفي من زمن غابر في سترة عصرية، ولكنه حداثي أيضا مناصر لقضايا الحرية والديمقراطية. الطريبق عاشق مجنون لمدينة طنجة الخبيرة في صناعة السرد والخرافات والصورة السنمائية والفتوغرافية وألوان التشكيل لكنها لا تصنع الشعراء الا نادرا ومنهم الطريبق الذي أحب المدينة وأحبته. ولم يغادرها للإقامة في غيرها كتطوان التي اشتغا فيها أستاذا جامعيا في كلية الآداب بمرتيل قبل تقاعده قبل سنوات.
رحيل طريبق خسارة فادحة للثقافة المغربية الحديثة والحداثية شعرا ونقدا.
يقول الشاعر محمد بنطلحة عن رحيل احمد الطريبق:
منذ هذا اليوم ،
أي طاسين شارد
سوف يستوعب إشارات العابر الهائل؟
وانت ، ايها البحر ! من ستكلم بعد الآن ؟
في( لا ) وداع الشاعر الصديق :
أحمد الطريبق احمد
1945 - 2023
أخي أحمد ، " لنا موعد "
يقول أحمد طريبق أحمد في ظهر ديوانه ومن أسمائها الحسنى " طنجة لعليا":
قصيدة مدينة
حدودها المحال...
ربوعها، رحاب قلب
نبضه،
كنغمة الأبد.
أوتارها شريان خافق
يسامر الخيال،
بالحدس والرؤى
أنها أسطورة الكيان.
.....
وداعا أيها الشاعر الكبير.
فقدان شاعر:
ورقة أخرى من شجرة الشعر المغربي تسقط غيلة، الشاعر الدكتور أحمد الطريبق أحمد يغادر الحياة، كان لي شرف الدراسة في دبلوم الدراسات العليا المعمقة بكلية آداب تطوان، في وحدة جماليات التعبير التي كان يشرف عليها الأديب فقيدنا الدكتور محمد أنقار رحمه الله، وكان الدكتور أحمد الطريبق أحمد حريصا – في هذه الوحدة- على مدنا بمكونات وخصائص المدرسة الشعرية المهجرية وروادها، فضلا عن مدنا بالمراجع الأدبية المرتبطة برواد تجربة شعراء المهجر، وكان لا يتواني بالإشادة بشعراء التصوف المغربي، وبأنوار ترجمان الأشواق، ومكارم ابن الفارض، وفضائل الصلاة المشيشية وأوراد الجزولي في دلائل الخيرات. فضلا عن انشغاله الأكاديمي بـ “الكتابة الصوفية في أدب التستاوتي”. وعمل رحمه الله على تقريبنا من تجربته الشعرية وهي تحتفي بجماليات الفضاء في بعده التاريخي والروحي، وعلى نحو خاص فضاء طنجة العالية، من خلال الاشتغال اللغوي، والتصوير الشعري المحتفي بطاقة الترميز( هكذا كلمني البحر، ومن أسمائها الحسنى: طنجة لْعَالْيَا). وهذا الأثر الرفيع جعله وباقتدار فارسا في أرض الشعر المغربي الحديث. رحيله مؤلم للغاية، ولا نملك غير الدعاء له بالمغفرة والرحمه.
0 التعليقات
