تحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم الذي توفي في مثل هذا اليوم عام 2013 عن عمر يناهز 84 عاما، ترك مئات القصائد التي فاقت شهرتها حدود بلده مصر، وتغنى بها كثير من العرب بوصفها رمزا للثورة والتمرد،ويعد أهم شعراء العامية في مصر وأحد ثوار الكلمة واسم بارز في الفن والشعر العربي الملتزم بقضايا الشعب والجماهير الكادحة ضد الطبقات الحاكمة الفاسدة.
عانى الكثير من الفقر والعوز، واليتم وعاش في ملجأ للأيام وهو في عمر السابعة وظل فيه 10 سنوات.بعدها خرج لمواجهة الحياة،فعمل راعيا وبائعا وعامل بناء وخياطا،وموزع بريد،
وسككي وكانت معظم هذه الأعمال في معسكرات الجيش الإنجليزي الذي كان يحتل مصر في ذلك الوقت،وفي نفس الوقت علم نفسه القراءة والكتابة،وخرج مع آلاف العمال في مظاهرات ضد الاحتلال البريطاني،
في سن الثلاثين بدأ عهده مع السجون، حيث اتهم بالاختلاس،وهو ما دفع به إلى السجن ليقضي فيه 3 سنوات،كانت الزيارة الأولى والوحيدة للسجن بتهمة جنائية، قبل أن يصبح لاحقا زائرا معتادا للسجون ولكن لأسباب سياسية مباشرة
وفي السجن كانت بداية نجم مع الشعر، ومن داخله اشترك في مسابقة شعرية وفاز بها، وعنه كان ديوانه الأول "صور من الحياة والسجن"، ليبدو السجن وكأنه محور حياة الشاعر المشاغب...
كانت سنة 1962 محطة البداية لمسيرة الشاعر أحمد فؤاد نجم، ففي ذلك العام، التقى بالملحن والفنان المصري الشيخ إمام عيسى في منزل هدا الاخير
بالقاهرة.وبدأت المرحلة الأكثر ثراء في حياة نجم وشعره،فإذا كان استخدامه للغة العامية في شعره يجعلها أقرب إلى الناس، فما بالك إذا خرجت إليهم مصحوبة بصوت معبر وألحان شجية ورفيق يشاركه الرسالة في محاربة الظلم وتعرية الاستبداد..
لم تخل قصائده من حدة في كثير من الأحيان، ورغم أنه كان بشكل عام مولعا بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، فإن ذلك لم يمنعه من انتقاد الكثير من قراراته،كما انتقد الكثير من الحكام العرب،لدلك كتب في السجون أغلب قصائده ضد رؤساء مصر خصوصا السادات..
تعاطف في المقابل مع رموز المقاومة والثورة والتمرد في مختلف أنحاء العالم.
وسمى نفسه بالفاجومي اي الشخص المندفع الذي يقول ما يريد بسهولة ودون خوف.
وكتب أبرز قصيدة عن الصراع الطبقي
"يعيش أهل بلدي" التي أبرز فيها التناقض الحاد بين طبقتين: أثرياء تتزايد ثرواتهم، وفقراء يزدادون فقرا،كما ألف عدة قصائد هجا فيها رموز الفن والأدب في مصر مثل صلاح جاهين، وأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، وعبد الرحمن الأبنودي، ومحمد حسنين هيكل. في المقابل، كان له قصائد كثيرة في مدح رموز النضال والتحرر العالمي؛ فرثا جيفارا بقصيدة شهيرة اسمها "جيفارا مات"،كما ألف قصيدة عن الزعيم الفيتنامي "هوشي منه"، وقد غنى الشيخ إمام كلتا القصيدتين.وأيضًا، لم تغب القضية الفلسطينية عن شعر أحمد فؤاد نجم، فقد ألف قصائد عديدة حول فلسطين أهمها "يا فلسطينية"، و"تل الزعتر"، و"في ذكرى الميلاد العشرين"
ولكن للأسف لم تكتمل فرحة الثنائي بهذا النجاح، إذ سرعان ما دبّ الخلاف بينهما، وتطور الأمر إلى درجة أنهما انفصلا عن بعضهما.
قال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراغون "إن فيه قوة تسقط الأسوار"
ورغم ان الراحل جمال عبد الناصر،زج به في السجن فإن الفاجومي كتب قصيدة رثاء لا تخرج إلا من مؤيد، ومؤيد قوي، جاء فيها:
و إحنا نبينا كده
من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع
ولا من مرا شابت
ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت
ابوه صعيدي و فهم قام طلعه ظابط
ظبط على قدنا و ع المزاج ظابط
فاجومي من جنسنا
ما لوش مرا عابت
فلاح قليل الحيا
اذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا
مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزه و حاجات كتير خابت
و عاش و مات وسطنا
على طبعنا ثابت
و ان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت
ولا يطولوه العدا
مهما الأمور
جابت..."