![]() |
أحمد المرزوقي |
وجه أحمد المرزوقي خطابا لاذعا لعزيز أخنوش رئيس حكومة الرباط،
جاء ذلك في جداره على فيسبوك.
ونظرا لأهمية خطاب المرزوقي المليء بالمرارة، نشارك قراء فضاء البوغاز فقراته :
أطال الله في عمرك ياسي محمد الزموري، وشافاك وعافاك ياحكيم تزممارت... لقد كنت تقول لنا بحدسك الكبير وبعد نظرك الثاقب، لو كنا سنخرج من هذه القبور العفنة لنجد المغرب على نفس الوضع الذي تركناه عليه، فأولى بنا أن نموت على غرار رفاقنا الذين استشهدوا في هذه البشاعة التي لا يعلم مدى همجيتها إلا الحق سبحانه وتعالى...
الحقيقة المرة التي وصلنا إليها في هذه الأزمنة الموغلة في الرداءة حيث صار من ينهبنا جهارا نهارا هو من يفترض فيه أن يحمينا، تثير الدوخة في العقول وتبعث على الغثيان والسعار ...
ما معنى أن يكون من قاطعنا بضاعته سنين قليلة خلت، هو من يرأس هذه الحكومة البئيسة؟
ما معنى أن يكون من توعد المغاربة بإعادة تربيتهم هو من يجد اليوم ويجتهد في البرور بوعده؟
ما معنى أن نكون وحدنا دون جميع الدول العربية والإسلامية وحتى الافريقية من نحترق بلهيب بنزين هو من يرشه علينا مستهزئا من أعالي غطرسته؟
ما معنى أن يتوفى الطفل البريء ريان مختنقا وحده في بئره بعدما شد أنفاس الكرة الأرضية جمعاء، دون أن يسارع إلى عين المكان للوقوف على محاولة إغاثته كما يفعل المسؤولون في كل بقاع الدنيا، بل كما تفعل بعض الحيوانات التي نراها في National geographyc حين تلبس جلد الإنسانية فتهرع إلى إنقاذ بعض أفرادها من الغرق أو الافتراس؟
ما معنى ألا يتحدث عن هذا المصاب الجلل ويعطي له الأهمية اللائقة التي يعطيها لأبنائه كلما سعلوا سعلة واحدة زيادة على المألوف؟
ما معنى ألا يطير إلى شمالنا العزيز المنكوب، ولا يفارقه بتاتا في هذه اللحظات العصيبة ليقف على محاولات الناس وصمود الوقاية المدنية الشجاعة بآليتها المتجاوزة
كي يحثها على مواصلة الجهود وإظهار نوع من التضامن الذي من شأنه أن يخفف ولو نسبيا من فداحة الخسائر ؟...
ما معنى أن تطل علينا اليوم من أكادير ببسمة طويلة وعريضة طول وعرض ثروتك، لتدشن مهرجانا للغناء، ونحن في وضعنا البئيس هذا، أولى بأن " يتغنى" علينا، وتندبنا فيه كل النادبات والصالقات من عهد سيدنا نوح إلى عهدك المنحوس هذا الذي تضامنت فيه علينا بكل أريحية مع الجفاف والقحط والضرائب والمصائب والغلاء والبلاء، حتى صرنا نتوقع مجيء الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم لكي تكتمل "الباهية"...
السيد أخنوش، ثب إلى رشدك واستحضر يوم لقاء الله، "يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولن عذاب الله شديد" ص.ل.ع
السيد أخنوش المغرب يحترق بالنيران من شماله، وأنت تحرقنا بالغلاء الفاحش من شماله وجنوبه وشرقه وغربه ومن تحت أرضه ومن سمائه...
فهل قدرنا أن تستحوذ في مغربنا الحبيب على تسع وتسعين نعجة وتصر على أن نكفلك نعجتنا الوحيدة البئيسة العجفاء؟
لا حول ولا قوة إلا بالله...
فأنا كلما ذهبت إلى محطة البنزين، أو بالأحرى، محطة الجحيم، يسألني العامل وهو خجلان:
- كم ؟
أرد عليه باسما:
-ملعقة أخنوشية صغيرة من فضلك...
فيبتسم ابتسامة عريضة، وأقول لنفسي... صدقة تصدق الله بها علينا...إنها ابتسامة مربوحة على الأقل....