الاثنين، 23 مايو 2022

ذاكرة: يدخلُ لَوْحَتَهُ ولَا يخْتفِي…بلسان: إدمون عمران المليح




يُحكَى أنه كانَ في إحدى الإمْبراطوريّات الصِّينِيَّة القديمة أن الإمبراطور طلب من فَنَّان كَبِير إنجاز لوحة عظيمة، وأعْطَاهُ مهلة لذلك. وفي اليوم المعلوم جمع الإمْبراطُور ضُيوفه وحاشيتَه وطلبَ من الفَنّان عرضَ عملهِ… دخلَ الفنانُ قاعةَ العرْش وقدّم ما يجب من الوَلاء والطّاعة وسحبَ الغطَاء عن اللّوحة. كَان عملًا عظيماً. وعندما أرَاد المَلك مُكافأة الفنّان.. دخَل هذا الأخيرُ لوحتَه واخْتفى.. 
أيّها الأصْدقاء، كنتُ أتمنّى أن تَكون لي هذه الإمكانيّة وأخْتفي في مُجمل أعْمَالي. كنتُ سأقول شكراً، ولكنّها كلمة تُزعجُني. في طفولتي كنتُ أسمعُ عوضَها تبارك الله عليكم، الله يكثر خيركم، الله يرحم الوالدين.. وُجُوهٌ كثيرة أستحضرها اليوم، وجوه من أَصِيلَة، ومن المنظمات التي أشْرفت على هذا اللقاء. إنني سعید أن هذا اللّقاء جاءَ على أیْدیکم بالذات.
أمّا فيمَا يخصّ الكتابَة فأُريد أن أقولَ شيئا له علاَقة بمَا يمكنُ تسميته بِمَلْحَمَة اليَهُود المَغَاربَة، أولئك الذين أراد الاستعْمَار أن يجعلَ منْهم فرنسيّين، ثم أرادَت الحركَة الصهيونيٌة أن تجعلَ منهم کائنَات مفتعلة حيث تم اقْتلَاعهُم، ليخرجُوا دونَ أن يصلُوا إلى أيّ مَکَان. إِنّ التحدِّي الذِي كانَ مطروحاً عليَّ، لَيْسَ مِنْ النَّاحية السياسيَّة أو الأيديولوجية، بل منْ نَاحية الكتَابة في جوْهرهَا، هو كيفَ يمكنُ لفعْل الكتابة أن يبعثَ الحياةَ من جديد في الأشياء والذاكرة ؟
لا أعرفُ ما إذَا كنتُ قد نجحتُ في ذلك. هذا مَوضُوع آخر. لكنّني فقط أريدُ أن أخْتم هذه الكَلمَة بمُلاحظةٍ بسيطَة: يَجدُر بي أنْ أقولَ بخصوص اللغة أنّني أُمّي لكنّني سَعيد بالاقامَة في بيتٍ جميلٍ هو الدّارجة المَغْربية. فإذَا أردْتم أن تسألوا عنّي فابحثوا عني في أبْهاء هذا البيتِ.

(كلمة إدمون عمران المليح في لقاء نظمه اتحاد كتاب المغرب، بأصيلة، عام 1994، احتفاء بأعمال الكاتب).
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: ذاكرة: يدخلُ لَوْحَتَهُ ولَا يخْتفِي…بلسان: إدمون عمران المليح Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top