وهل أخطأ محمد بن سعيد آيت ايدر ومعه ثلة من الاطر بعد الإنشقاق الشهير عندما فكروا في توحيد شتات اليسار وضم الجميع بمن فيهم الباحثون عن إرب في أرض الله الواسعة والخارجون للتو من الجامعة وغيرهم في حزب يساري موحد؟
يبدو الأمر كذلك، فبعد سنوات قليلة فقط طفت على السطح خلافات لم تجد طريقا للحل و تحقيق التقارب بين التيارات المختلفة للاستمرار في تجربة واعدة بالتغيير.
فعندما نقرأ مذكرات محمد بن سعيد نلمس في حديثه حرقة وألما لما آلت إليه المنظمة بعد دستور 1996 وتبدو من بين السطور فكرة توحيد اليسار ردة فعل على صدمة الانشقاق.
ذلك ان هذه التيارات والتجارب الموحدة في حزب اشتراكي تختلف كليا في تاريخها ومشاربها وان كانت تنتمي كلها لعائلة اليسار.
فالذي يجمع أغلبها في الحقيقة هو انها بقايا لتجربة التناوب وما ترتب عنها اي انها اما غاضبة أو مقصية من سياق سياسي معين أو باحثة عن افق وموقع اخر للاستمرار. ويبدو ضعف الإنتاج الفكري الذي رافق تجربة التجميع إذا ما قورنت بما انتجته المنظمة وحدها منذ المنفى وما بعد التأسيس مؤشرا على ضعف فكرة الحزب اليساري الموحد لدى هذه المكونات.
هناك ارادوية سياسية وراء تجميع شتات اليسار لا يرافقها جهد فكري مؤطر ولا عمل تنظيمي افقي ياخذ اختلاف المشارب بعين الاعتبار، اي ان التجربة في نهاية الأمر لم تغادر الحلم والفكرة لتتبلور في فعل سياسي قاعدي حقيقي ياخذ بعين الاعتبار اختلاف التجارب والمرجعيات.
لقد حاولت ارضية اليسار الوحدوي في عرضها لأسباب النزول بسط الدوافع وراء تأسيس التيار، و قد كان مهما احالتها على مقررات المؤتمر الرابع كمرجعية مؤطرة للتحليل. غير ان ما لا يشير إليه اصحابها أن ما يحتاجه مشروع التوحيد ليس فقط عقد اللقاءات والمؤتمرات لتدقيق الهوية الأيديولوجية والخط السياسي والتنظيمي للحزب على أهميتها بل خلق زخم سياسي ونضالي مشترك يساهم في انضاج شروط التوحيد في ظل التراجعات الحقوقية والسياسية التي يعرفها المغرب. فإذ كان الهدف من تجميع شتات اليسار هو انتاج بديل حقيقي للتغيير فإن المشاركة في الانتخابات تقتضي على الاقل اشتراط انفراج سياسي وحقوقي ولو في الحدود الدنيا. هذا هو المطلوب وهذا هو بيت القصيد.
يحتاج المخزن اليوم الى كوادر جديدة وتناوب آخر للاستمرار وهناك من اليسار من يستعد ليصير عجلة الاحتياط الجديدة حتى ولو تطلب الأمر قلب الطاولة على الجميع والتضحية بفكرة اليسار.