الخميس، 22 أبريل 2021

محمد نجيب كومينة:. بيان وزارة التربية بشان حالة الاستاذ سعيد ناشيد مكتوب بحبر مستخرج من سم افاعي

ذ. محمد نجيب كومينة


البيان الذي يتحمل امزازي، الوزير غير الاسلامي، مسؤوليته تمت صياغته بلغة إدارية قروسطية مشحونة بالحسد وبالحقد الاداري على كل انسان حر وعصامي ينفلت من الضبط المحبط، بحيث لم يكتف البيان بتقديم وتعليل  قرار العزل، بل مضى الى حد القدف والسعي الى تشويه سمعة مفكر مغربي اكتسب الإحترام والتقدير داخل البلاد وخارجها بفضل بحثه واجتهاده في ميادين  الفلسفة والفكر، وإظهاره بمظهر المعلم غير المتمكن وحتى غير الملم بالف باء التربية والانسان غير المسؤول والمتهور ...وماالى ذلك مما يصلح لملء محاضر البوليس بالاتهامات و"تغراق الشقف" ولا يصلح لصياغة بيان ادارة مسؤولة عن تدبير قطاع التربية والتعليم، المفروض ان تكون قد استوعبت أهمية التربية على الحرية وحقوق الانسان بعد العدالة الانتقالية وطي صفحة سنوات الرصاص السابقة، التي نخشى اليوم ان يوجد هناك من يرغب في احيائها وارجاع البلاد القهقرى وفاء لإرث الأباء الذين تورطوا في كل ماهو سئ وأساؤوا لمواطنينا وعرضوهم للتعديب الجسدي والنفسي وكل اشكال المعاناة التي لم توثق بعد بشكل كامل، وبالاخص فيما يتعلق بشقها المتعلق بتصرف الادارات، ومن بينها ادارة التعليم التي كان بها مكلفون بالتدمير ونشر الظلام.

ومن المثير أن بيان امزازي بمحاولته الإساءة للأستاذ سعيد ناشيد بطريقة خبيثة وبتصرف غير اداري وغير أخلاقي، ومناقض للضوابط القانونية المتعلقة باستعمال المعطيات الشخصية، إنما فضح بشكل سافر تكالبا ونزعة انتقامية تورط وزير التربية عبر شهادته الواردة في بيانه وتورط رئيس الحكومة الذي وضع توقيعه ببلاهة سياسية، على افتراض أن توقيعه لم يحركه حقد ابن تيمية على باروخ اسبينوزا، على قرار انتقامي في حق أحد مثقفي البلاد المحترمين داخليا وخارجيا.

ذلك أن البيان بتاكيده أن الادارة قامت باعادة الأستاذ ناشيد الى وضعيته السابقة كمعلم في الوسط القروي بعدما تم تكليفه بتدريس مادة الفلسفة، التي يعتبر من المتخصيين والمؤلفين فيها كما تشهد على ذلك كتبه ومقالاته ومداخلاته، يفضح عملا انتقاميا رديئا حركته اياد اثمة تسعى لالحاق الادى بكل من يفكر ويجتهد خارج المنظومتين المخزنية والاسلامية ولا يمكن اخضاعه للرداءة الإدارية المحمية بنزعة التسلط. من يعتبر أن هكذا تصرف مع الأستاذ ناشيد عاد بالمعايير الإدارية لايمكن ان يكون الا مخبرا في إدارته أو خارجها، أو متملقا أو تابعا للذباب الالكتروني للإسلاميين المعروف أنه تعبا دائما للتبليغ عنه بهدف حرمانه من التدوين أو إعادة نشر مقالاته في هذا الفضاء الأزرق. ذلك أن نقله من موقع الى موقع هكذا وكأنه كركوز غرضه الحاق ضرر بليغ به وإرباكه ودفعه الى ردود الفعل من أجل استغلالها ضده وايصاله الى وضع التسول كما لم يفت بعض الحاقدين أن يعترفوا بذلك.

البيان يفضح أيضا ممارسة رديئة باتت الادارات المغربية تلجا اليها عبر استعمال بعض البيادق، ممن وصلوا الى الدرك الأسفل من الحقارة، للتجسس على التدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي بغرض الإيقاع بكل من تسول له نفسه في بلاد المخزن أن يفكر بشكل حر ويعبر بشكل حر ويتجاوز هذا الوباء الفكري الراسخ ببلادنا الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ونخطئ المواعيد مع التاريخ ونخطو دائما خطوات الى الوراء بعد كل خطوة الى الامام. وهذا ما لا يليق بالدولة المغربية في حالها الحالي، ماقبل الديمقراطي، و لا يتناسب والتزاماتها الدولية التي لاءمت دستورها مع البعض منها، و يسئ الى سمعتها لأنها ستعتبر دولة تبث جواسيسها في كل ركن وتتجسس على مواطنيها في كل وقت وحين وفي كل موقع وتقتحم خصوصياتهم بدون استئدان، وهذا ما كان يسم الدول الشمولية التي ارتكبت الفضاعات في حق شعوبها وفي حق الانسانية.

و ذلك فضلا عن أن البيان يخلط بين الخاص والعام ويؤكد ان هناك تصرفا في المعلومات الشخصية التي لا تهم الادارة لامن قريب أو من بعيد، واكاد اجزم بان ما اشار اليه البيان هو مشاركة الأستاذ ناشيد في انشطة الاشتراكي الموحد بالدرجة الاولى، ولو شارك مع اخنوش وضيعته الحزبية لما تجرات الادارة على الاقتراب منه ولتلقى من الوزير تهنئة، ولو شارك مع الزاوية او حزب العدالة والتنمية لرفض رئيس الحكومة التوقيع على قرار العزل ولاعتبر القرار مؤامرة من وزير التربية ضد الاسلام.

البيان يفضح ايضا، وبغباء ليس عليه من مزيد، أن في الوزارة، على الصعيد المركزي، من هم اكثر حقدا على الاستاذ سعيد ناشيد من المسؤولين الجهويين، بحيث لم يرضهم قرار المجلس التاديبي الذي اتخذ بالتوقيف لمدة ثلاثة أشهر، فقرروا، والوزير مسؤول شخصيا في هذه الحالة، اتخاذ العقوبة الاقصى بفصل الاستاذ عن العمل وتعريضه، في تصورهم، للتشرد والضياع كي لا يفكر ولا يكتب ولا يبحث بعد ذلك ويكون بذلك عبرة لكل من لا يخضع لهم و لا يشبههم ولا ينشغل مثلهم بتصريف الأحقاد وممارسة الانتقام وتحويل عمل الإدارة الى مجموعة من الشكليات الفارغة والمغرقة في التخلف. وأكاد، كغيري، أشتم رائحة اسلاموية في القرار، وأيضا في تقرير المفتش الذي تحدث عنه البيان، مع العلم ان من معضلات التعليم ببلادنا خلال العقود الاخيرة توسع استقطاب الاسلاميين وسط مفتشي القطاع و توجه عدد منهم الى ممارسة مختلف الضغوط على المعلمين والاساتذة الذين لايتبعون لهم في مقابل التغاضي على الموالين لهم والمتملقين لهم ولو انشغلوا عن مهامهم بالدروس الخصوصية التي باتت تشمل التربية الاسلامية.

و مما يستغرب له في البيان ان مدبجيه يربطون المرض بالاستلقاء الدائم على الفراش في انتظار الموت، وكان المريض، وكيفما كان نوع مرضه، مطالب بان لا يفكر ولا يكتب ولا يشارك في اي نشاط تسمح به حالته الصحية، وهذا غباء ايضا، اذ اؤكد لهم انني مريض مند سنة وتكاد الاوجاع لا تفارقني، لكن ذلك لايمنعني من ان اقرا واكتب وادون واحضر انشطة عندما تسمح بذلك حالتي او تهدا اوجاعي. و البين انهم اكدوا، بلا وعي، انهم كانوا يتربصون بالاستاذ ناشيد ويستغلون مرضه للايقاع به، بما في ذلك باستعمال الجواسيس الذين يتتبعون حركاته وسكناته وبتحريض زملائه وحتى اولياء التلاميذ. نحن امام فضيحة وليس امام بيان يليق بوزارة في دولة متحضرة يترفع مسؤولوها عن السفاسف والصغائر. ووزير التربية ورئيس الحكومة يسقطون بالقرار المتخذ الى اسفل سافلين.

اما فيما يتعلق بحديث البيان عن كون الاستاذ ناشيد دون المستوى ويجب ان يبدل مجهودا لرفع مستواه، فان اي متتبع للحياة الثقافية والفكرية والبحثية في بلادنا سيعتبره نكثة من النكث "البايخة" التي لا تضحك احدا، لان انتاج الاستاذ ناشيد اكسبه مكانة مرموقة وجعله اسما محترما ورائجا خارج حدود البلاد و جالبا للاحترام والتقدير للمغرب. ولعل هذا ايضاما جعله مستهدفا، والبيان يلح على مغادرته التراب الوطني وبشكل يبين ان مشاركة الرجل، المعلم، في فعاليات في العالم العربي واسيا وغيرها تثير الحسد والحنق.

عندما يستهدف مثقف مغربي اتذكر الرئيس شارل دوغول لدى دفاعه عن سارتر، المعارض له بشكل جذري، واعود الى واقعنا الذي يضعف فيه منسوب الحضارة والتصرفات الحضارية رغم كل المظاهر الخادعة. التصرف مع الاستاذ ناشيد يجعلني اخاف على مستقبل بلادي واجيالها الصاعدة والقادمة، فالمخزن لم يمت بعد وتحرص الادارة المغربية على استمراره بشكله العتيق وغير المتناسب مع النظام الديمقراطي.

محمد نجيب كومينة

المصدر فيسبوك

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: محمد نجيب كومينة:. بيان وزارة التربية بشان حالة الاستاذ سعيد ناشيد مكتوب بحبر مستخرج من سم افاعي Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top