عندما كنا نشاهد صور استقباله من طرف الحسن الثاني على قناة دوزيم، لم نصدق عيوننا،. حدث هذا في 1998.
كانت الصدمة كبيرة، فيما بعد علمنا، والله أعلم، أن اليوسفي لم يستشر المكتب السياسي لحزبه الإتحاد الإشتراكي.
لم يستشر قادة الكتلة الديمقراطية التي وقعت معه على مذكرة 1996 المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية.
سار اليوسفي يبحث عن أغلبية في مجلس النواب، استغرق الأمر 41 يوما، وجاءت تشكيلة حكومته بعدد41 وزيرا.
حكومة معارضة يقودها اليوسفي بأغلبية بمجلس النواب.
ومعارضة حكومية يقودها إدريس البصري. بأغلبية في مجلس المستشارين.
كان تكليف اليوسفي كوزير أول أشبه بالإنفجار الكبير للمجموعة الشمسية. الحركة الإتحادية انفجرت وتطايرت شظاياها، ولم يمت اليوسفي حتى صار الإتحاد الإشتراكي جثة لم يتم تأبينها بعد.
قال المعلق أن الحياة السياسية للرجل انتهت بعد محاضرة بروكسيل، لا أتفق مع هذا الطرح.
كان عليه أن يقول الحقيقة وألا يتصرف وكأنه بديل عن الحزب بدون حزب أنظر الى ندوة 2019 حول ذاكرة المهدي بنبركة بالمكتبة الوطنية.
كما أنه لم يتدخل لترميم الإختلالات التنظيمية التي يعيشها الحزب بعد أن صار متحكم فيه من لدن زعماء حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار.
لذلك أتساءل هل مات اليوسفي؟
لم يمت اليوسفي وسيبقى واحدا من قادة النضال الديمقراطي الذين سيذكرهم التاريخ بمداد من ذهب.
وفي الوقت الذي جاءت حكومة للتناوب لم نكن نعتقد أن مرض الحسن الثاني والتفكير في انتقال العرش هو السبب وراء فكرة التناوب ، ولكن كانت هناك الإتفاق المشترك، والتعديلات الدستورية لسنتي1992و1996. وخطاب الحسن الثاني في1995 حول السكتة القلبية التي تهدد المغرب. لذلك فجيلنا كان صادقا في الإيمان بضرورة التناوب بشروط تمكن من تطبيق برنامج الكتلة الديمقراطية الإصلاحي.
ولم نكن نضع في الحسبان صحة الحسن الثاني. ولكن هناك من يريد أن يختزل سبب التناوب في تحقيق شروط سلاسة انتقال العرش كما ألمح الى ذلك اليوم المصطفى الرميد في نعيه لعبد الرحمان اليوسفي في صفحته على الفيسبوك.
التناوب فرضته شروط موضوعية تتمثل في ميل ميزان القوى الى الكتلة الديمقراطية، ووراءها المثقفون والنقابات والمجتمع المدني تمثل في توسيع الهامش الديمقراطي وحرية التعبير وانفراج سياسي عبر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في1994. وكذلك وصول الدولة الى الباب المسدود اقتصاديا، واحتقان اجتمأعي غير مسبوق.
بالإضافة الى الضغوط الدولية في مجال حقوق الإنسان. عقب انهيار الإتحاد السوفياتي.
وهذا تاريخ لا يجب أن ينسى.
المؤلم أن حكومة التناوب نجحت في فتح عدة أوراش كبرى، وفتحت الطريق أمام انفراج سياسي، وتقدم في مجال حقوق الإنسان، وعممت التعليم والماء والكهربا، لكن توزيع الثروة ومحاربة الفقر والفوارق المجالية بين الجهات لم تعرف تقدما ما عدا ما حدث في مدينة طنجة.
نجحت في انقاذ المغرب من السكتة القلبية. وفشلت في الإبقاء على وحدة الكتلة الديمقراطية.