السبت، 5 مارس 2016

تهييئ الأجواء لزف الياس العمري رئيسا للحكومة ..

ما حدث في مجلس الرباط ينذر بتحول خطير في الممارسة السياسية بالمغرب. الامر لم يتوقف هنا فقد دخل على الخط محمد يتيم ووصف الامين العام لحزب البام بالصعلوك. وقبل أيام لمح أفتاتي الى العماري بوصفه إسكوبار.
ويبدو ان الصراع بين البيجيدي والبام في ملفات محلية بالرباط ومحاولة تحويل هذه المشاكل الى صراع سياسي ليس في محله. فهناك خيوط تحرك التفاصيل من وراء ستار.
وهناك محاولة يائسة لإشغال الرأي العام بتفاصيل اختلافات وصراع بين البام والعدالة والتنمية استعدادا لتهيئ الأجواء للإنتخابات المقبلة. وفرض على الناخبين التصويت لإحدى الحزبين. والحال ان المشهد السياسي المغربي لا زال لم يخرج بعد عن اعتبار الإشتراكيون واليسار والإسلاميون والوطنيون كقوى سياسية لاغنى عنها لأي مستقبل للعمل السياسي في أفق بناء ديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا. وأي محاولة قسرية وقيصرية لفرض تقاطب بين حزبين فقط أمر لا يستقيم وسينعكس سلبا على العملية السياسية في البلاد وفيه اعتداء على التعددية وروحها.
فبالنسبة لحزب العدالة والتنمية فهو في موقع قوة في الفترة الراهنة بالنظر الى عدد مقاعده في البرلمان والجماعات المحلية وهو قائد للحكومة ومسير أكبر المدن المغربية بأغلبية لم يسبق لأي حزب أن حاز عليها منذ الإستقلال. لكن وضعه غير مريح. امام قوة وجبروت ما يسميهم بنكيران بالتماسيح والعفاريت.
لكن وضع حزب الأصالة والمعاصرة، يبدو ان الكلام سيطول فيه. وتحتاج العديد من الإشارات الى تحليل عميق لمعرفة الاهداف الخفية وراء هذه الإشارات. ويمكن رصد عدد من هذه الإشارات ذات الاهمية البالغة في أي تحليل موضوعي لتطورات ورهانات المشهد السياسي الراهن بالمغرب.
وأولى هذه الإشارات هي البرقية التي وجهها الملك محمد السادس الى الياس العماري فور انتخابه امينا عاما.
وثانيها ابعاد بعض عمال الاقاليم التي حقق فيها حزب العدالة والتنمية فوزا في الانتخابات الجماعية الأخيرة.
وثالثها إطلاق المشروع الإعلامي الضخم الذي أسسه البام وأمينه العام الجديد الياس العماري بمبلغ مالي خيالي يتجاوز ستة ملايير سنتيم ونصف.
ورابع الإشارات الدالة إطلاق حملة إعلامية منسقة للتعريف بالبام وأمينه العام سواء في القنوات الإعلامية العمومية أو بعض وسائل الإعلام الخاصة وبعضها مملوك لشخصيات قريبة من دوائر القرار كالمجموعة الإعلامية المالكة لجريدة الأحداث المغربية والتي يملكها أحمد الشرعي المشتبه في كونه محسوبا على جهات نافذه في صناعة القرار بالمغرب. 
وما الحوار الذي عقدته المجموعة الإعلامية مع الياس العماري تقريبا بدون مناسبة سياسية واضحة يطرح ألف سؤال وسؤال خصوصا وأن نصف المقابلة الصحفية انصب على الحياة الشخصية للامين العام لحزب البام . وهذا لم يكن معهودا في تقاليد العمل الصحفي بالمغرب مع السياسيين أثناء تقلدهم لمناصبهم. فمثلا لم يسبق لهذه المجموعة الإعلامية ان قدمت حميد شباط أو نبيلة منيب أو إدريس لشكر أو مصطفى البراهمة ونبيل بنعبد الله كقادة أحزاب لم تسلط بعد الأضواء على حياتهم الشخصية. ولم يعرض الإعلام الوطني مثلا صور منازلهم وحياتهم الحميمية. والسبب هو ان الحياة السياسية كانت تخضع لحد أدنى من اخلاقيات الفصل ما بين الحياة الخاصة والحياة العامة.
فماذا حدث حتى تحول العماري الى استثناء؟ هل غموض شخصيته ؟ وغموض ارتقائه هذه المرتبة بسرعة خيالية رغم انسحاب عرابه فؤاد عالي الهمة الى الوراء، واستقالته من العمل السياسي الحزبي والعودة للعمل كمستشار للملك محمد السادس.؟
وحسب التحليلات الاولية فهناك أياد خفية تحرك هذا الإهتمام الإعلامي غير المسبوق لإعداد رئيس البام لتحمل مسؤولية كبرى في الدولة وقد تكون رئاسة الحكومة إذا ما فاز البام بالإنتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر القادم.
وستزداد الإشارات للدفع بزعيم البام الى مزيد من الأضواء حتى يتعرف الناخبون على العرض السياسي للدولة العميقة في الإنتخابات المقبلة إذا ما تم الحسم في الإستغناء عن خدمات السيد عبد الإله بنكيران وحزبه.
كما أن البام وأمينه العام لا يعتبر نفسه منهزما في انتخابت 25 نونبر2011، فهو تراجع في عدد من الدوائر لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار وسبق لالياس العمري ان صرح انه اختار بمحض ارادته عدم التموقع في الصف الاول بدلا من العدالة والتنمية.
بمعنى أن بإإمكانه تحقيق الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية القادمة. وبالتالي تنصيب الياس العمري رئيسا للحكومة.
لهذا يمكن الحسم اليوم ان الإختيارات قد حسمت في مختبر السلطة للوصفة القادمة للإنتخابات التشريعية. ولكن تحرك الاحزاب الوطنية والديمقراطية قد يخلط الأوراق. فهل هم قادرون على ذلك؟
الإتحاد الإشتراكي سقط في فخ التحالف مع البام. وهنا يمكن فهم إشارة حميد شباط بامتناعه عن لقاء الأمين العام الجديد للأصالة والمعاصرة. لأن شباط استوعب الدرس جيدا بعد اتهام حصاد له بابتزاز الدولة ومحاكمة وزير الداخلية للقيادي في الاستقلال عبد الله البقالي في اطار ترتيبات المشهد للانتخابات القادمة وتشويه صورة حزب الإستقلال وإضعافه.
حزب التقدم والإشتراكية يستوعب جيدا الرهانات الحالية ويراقب الوضع. وسيراهن على الإستمرار في تحالفه مع العدالة والتنمية. وقد مر من تجربة قاسية بعد محاولة إضعافه في انتخابات 2011 التشريعية. وهي المحاولة التي قامت بها جهات كثيرا ما تحدث عنها قادته دون ذكرها بالإسم.
أما اليسار فهناك محاولة للاجهاز عليه من خلال قضم أحد أعضاء مكتبه السياسي الذي سافر مع الياس العمري الى امريكا اللاتينية قبل عام. ولكن الحملة التي شنت ضده، بعد قبول رمزه التاريخي بنسعيد أيت إيدر وسمجام ملكي، ستؤثر على معنويات الحزب الإشتراكي الموحد الذي استاء الكثير من مريديه من توسيم بنسعيد أيت إيدر. لكن تصريحات عبد السلام الجبلي في مذكراته بأن بنسعيد لم يشارك في المقاومة، وقد نقل موقع الكتروني مقرب من حسن أوريد مقاطع فيديو يهاجم فيها الجبلي محمد بنسعيد أيت إيدر. وسيتم استغلال زلة لسان المكتب السياسي في هجوم بيانه الأخير غير المبرر على حركة 20 فبراير لتعميق الإنقسامات الداخلية التي يعيشها هذا الحزب منذ توحيده، ويعتبر الياس العمري نفسه أحد خريجيه، فقد كان يشغل عضو مجلسه الوطني قبل انشقاقه عنه والتحاقه بمشروع فؤاد عالي الهمة الجمعوي ثم السياسي. وهناك شعار الطريق الثالث الذي رفعته أمينته العامة ينتظر جهدا كبيرا لتحقيقه في ظل موازين قوى ليست في صالح اليسار الجذري وتعبيراته المختلفة.
والخلاصة أن الاجواء يتم ترتيبها بدقة متناهية لزف الياس العمري رئيسا للحكومة. وإذا تم ذلك باحترام قواعد اللعبة الديمقراطية فسيكون انتصارا للعمل الديمقراطي بالمغرب. لكن إذا تم كما اتفق، ووفق ما يبدو أنه بدأ الترتيب له منذ أكثر من عشر سنوات فإن البلاد ستكون مفتوحة على المجهول.
اليسار لن يسكت ولكنه معارضته ستكون سلمية. لكن الإسلاميون لن يسكتوا أيضا وليس هناك ضمانات من أن معارضتهم ستبقى في حدود السلمية.

اسماعيل طاهري
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: تهييئ الأجواء لزف الياس العمري رئيسا للحكومة .. Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top