13‏/05‏/2014

تحقيق تيل كيل: أصيلة. هل هي نهاية سيادة بن عيسى؟

مقال لسليمان بنشيخ
....ترجمة يونس لطهي.

مرت ثلاثون سنة ومحمد بن عيسى رئيس للمجلس الجماعي لأصيلة. لكن هذا العصامي الذي كان وزيرا للثقافة وسفيرا لدى الولايات المتحدة الأمريكية ووزيرا للخارجية، أصبح اليوم مثيرا للجدل داخل منطقة نفوذه.
لا يجب الوثوق بالمظاهر. وفي انتظار فصل الصيف، ورغم مظاهرها كمدينة هادئة للاستجمام بزقاق فارغة. أصيلة في غمرة هيجان شعبي. في هذا اليوم، الجمعة 18 أبريل، لا يمكن الشعور بالإثارة إلا بإصاخة السمع بنباهة إلى النقاشات الدائرة في المقاهي. هنا بالذات، وبالمطلق، لا أحد يتحدث عن تدبير المدينة. لكن الكل يتساءل: يبدو أن رئيس المجلس الجماعي مشغول جدا! أحدهم أكد أنه قدم من الرباط مساء البارحة توقعا لتظاهرة يوم السبت. وآخر أكد رؤيته على متن سيارة رباعية الدفع متواضعة يجوب شوارع المدينة. وآخر كذلك حضنا على خفض صوتنا: الجواسيس موجودون في كل مكان. ظل محمد بن عيسى يخيم على أصيلة، تتحول الصيحات إلى همسات كلما تعلق الأمر بذكر هذا الهجوم الغير المسبوق الذي سيكون هو بالذات هدفه. لأن الرتابة الهادئة لهذه المدينة الساحلية على بعد 40 كلم جنوب طنجة، اضطربت للغاية بفعل الصراع الثنائي الذي يلعب عن بعد بين رئيس المجلس الجماعي بن عيسى وخصمه الرئيسي في المجلس الجماعي، الزبير بنسعدون، المحكوم عليه بثلاثة سنوات سجنا بتهمة الاتجار في المخدرات و المبحوث عنه من طرف السلطات.
مغضوب عليه من طرف الملك.
لفهم رهانات هذا الصراع بدون هوادة. يجب، على الأقل، تتبع، دون التورط في التفاصيل، مسار رجل قدره مربوط نهائيا بأصيلة. منذ أواخر السبعينات، خرج بن عيسى من الظل، كان الأصل في ميلاد ونجاح مهرجان أصيلة الدولي الثقافي الذي ستعقد دورته 36 في شهر غشت المقبل. هذا الحدث الإعلامي البارز ضمن له الارتقاء إلى مصاف وزير للثقافة في سنة 1985، قبل أن يتقلد منصب سفير في واشنطن في سنة 1993. ثم وزيرا على رأس الدبلوماسية المغربية من سنة 1999 إلى سنة 2007.
لكن، منذ 7 سنوات، خبا نجم بن عيسى شيئا ما. إحدى أقدم معارفه تتساءل: كيف أمكن للملك أن لا يأتي أبدا إلى أصيلة في زيارة رسمية مع أنه يزور طنجة باستمرار؟ لماذا بن عيسى، رغم كونه رئيسا جماعيا لأحد أهم مدن ولاية طنجة، دائم الغياب عن مراسيم البروتوكول الملكي المنظم بطنجة؟ أثار ملاحظ آخر: منذ ثلاثة سنوات، وعلى غير العادة المعمول بها سابقا. لم تتم قراءة أية رسالة ملكية عند افتتاح مهرجان أصيلة. وقد أبدى مستشار جماعي سابق لم يرد الكشف عن اسمه تحليلا: الواقع أن الأمور تسير كما لو أن المخزن لم يعد يبالي ببن عيسى إطلاقا، ومنحه في الوقت ذاته بطاقة بيضاء في أصيلة.
*تدبير مثير للجدل.
اليوم، العديد من القضايا تثقل كاهل جماعة أصيلة وتمنح فرصا سانحة لمعارضي بن عيسى. يتعلق الأمر أولا بالمركب الرياضي للمدينة الذي يوجد في حالة تلف غير مبررة بالنظر إلى قيمة تشييده التي فاقت 20 مليون درهم، ثم قضية رجل الأعمال عبيد كراكشو ضد جماعة أصيلة بعد أن أرغمه على هدم مشروعه العقاري المرخص على شاطئ "مارينا". وكذلك قضية يوسف مشبال الذي لجأ إلى القضاء بعد تهيئة الجماعة لعقار كحديقة له ارتباط بالممتلكات الجماعية. علاوة على هذه المنازعات القضائية التي تتراكم، بن عيسى يقمع أصوات موظفي الجماعة الذين يجادلون في تدبيره الإداري الذي يعتبرونه سلطوي، غير شفاف، ومرتجل: ترقيات خارجة عن القواعد الإدارية للأقدمية، تهميش الموظفين الغير المتملقين، وبالخصوص محاكمات وغرامات تثقل كاهل الجماعة.
سابقا، خضع تدبير بن عيسى للجماعة للمساءلة عدة مرات. في سنة 1993، كاد مرزوق أمزغار-محام اتحادي منتخب- أن يخطف منه رئاسة المجلس الجماعي، وقد كان أحد أهم محاور حملته الانتخابية هو محاربة الفساد قبل أن يتوارى قليلا عن أنظار المشهد السياسي.
المعارضة اليوم من نوع جديد. الزمن لم يعد مناسبا لأعيان الأحزاب التاريخية، بل إلى زعماء القول الصادق. فالذي يجسد الأمل في عيون من خابت آمالهم في عهد بن عيسى، هو ابن البلدة، هاو بسيط محنك في المناظرات النقابية. منذ خمسة سنوات، وهو يعارض رئيس المجلس الجماعي. تبنى أسلوبا شرسا، وأربكه لا سيما في كثير من خطاباته المملة.
إذا كان ظل بن عيسى يخيم على المدينة، فإن طيف بنسعدون هو الآخر بدوره حاضر فيها.الرجل تحت طائلة عقوبة –يماري في نزاهتها- بتهمة الاتجار في المخدرات. تحدثت هيئة دفاعه عن عدم انسجام الشهادات المقدمة من طرف النيابة العامة. بنسعدون بدوره ندد بهذه القضية "المفبركة" ضده. هو الآن مبحوثا عنه ب"نشاط" لكنه يستمر بالجولان خلسة، شريطة أن يظل بعيدا عن أصيلة. لكن الكل يتحدث عنه. وقد يكون هو المحرض على تظاهرة 19 أبريل.
قبل عشرة أيام ونيف، الجمعية المغربية لحماية المال العام المرؤوسة من طرف محمد طارق السباعي، أعلنت عن تنظيم قافلة لفضح الفساد في مدينة أصيلة. لكن هذه التظاهرة لم تحصل على الترخيص من طرف السلطات. وفي اليوم الموعود، السبت 19 أبريل، عند نهاية الظهيرة، احتلت شاحنات الشرطة المكان قبل موعد انطلاق التظاهرة حتى لا يتحول هذا التجمع إلى مسيرة شعبية.
عند الساعة18. الجو العام يكتنفه التسويف والمماطلة. تعاقب المتدخلون على مكبر صوت يكاد يسمع. كلهم أدانوا سياسة تدبير بن عيسى. مئات الأشخاص هتفوا باقتضاب: "إرحل". بعد ذلك، ذهول، موجة ذعر مفاجئة: سقوط مرأة مغشي عليها بضربة من القائد. اهتاج الحشد. قوى الأمن تتظاهر بالتدخل. بعض الفضوليين البسطاء تواروا إلى الخلف. ولمتصاص عنف قوات الأمن، صدح المتظاهرون ب"عاش الملك". انخفض التوتر درجة. وعندما منعت الشرطة شاحنة من إنزال مكبرات الصوت والأبواق، هاجت النفوس من جديد. لكن سرعان ما هدأت بسماع صفارة إنذار سيارة الإسعاف التي جاءت لنقل المتظاهرة المصابة.
انتهت التظاهرة في ضوضاء مرحة. وأمام مكبر الصوت، أكد طارق السباعي أن هذه القافلة –في الحقيقة تجمع- ما هي إلا نقطة البداية لحملة طويلة حتى يسترجع سكان أصيلة مصير مدينتهم في أيديهم. أخذ خطابه أحيانا بعدا وطنيا. وضرب موعدا في يوم 24 ماي، حيث سيتحدث "ضاحيا بن عيسى" عن حوادثهم المزعجة مع "ملك أصيلة". سيكون الأمر أشبه بمحاكمة شعبية. في المقابل، محمد بن عيسى بعيد كل البعد عن الاستسلام، فغداة يوم التظاهرة، وصف معارضيه بالبلطجية وحشد جميع أنصاره، عشرات من جمعيات المدينة. في أصيلة. هاته المواجهة الأولى في تداول الأسلحة ينبأ بمعركة شرسة أثناء الانتخابات الجماعية لشهر يونيو 2015م.





  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
1 التعليقات

1 comments:

غير معرف يقول... السبت، 17 مايو 2014 في 1:27:00 م غرينتش+1

Voici le texte commentaire que j'ai écris aujourd'hui http://www.aujourdhui.ma
À propos de l'auteur
Najat Faïssal, aujourdhui.ma
Aujourd'hui le Maroc (ALM) est un quotidien marocain d'informations générales créé en 2000 et dirigé par Khalil Hachimi Idrissi qui, depuis 2011, est aussi le directeur général de la MAP.
Site Web: http://www.aujourdhui.ma
Liens sociaux:
Soyez le premier à laisser un commentair
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
Votre adresse mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont marqués ( requis )
Nom (requis) HADDAD SALOUA
Adresse email (requis) saloua-haddad@bluewin.ch

Asilah n'est plus une cité blanche mais noire de Bactéries et Virus depuis la règne de Monsieur Benissa, Si tels projets se décident aujourd'hui et depuis 2012 à Asilah, c'est grâce à la pression de mes écritures au portail du Maroc et grâce à mes cris dans la Cité que Benissa et ses fidèles n'ont pas pu étouffés comme dans ses habitude car je suis Femme d'Asilah libre, propre qui n'adhère pas à sa politique misérable au nom de la culture. Mme Najat Faïssal et d'autre sont loin d'accomlir le devoir des journalistes dignes de ce nom, ne couvrent pas l'actualité de la ville dans sa vrai vérité.
Ma dernière écriture a fait mouche. Benissa avec sa majorité sont sortis du Coma profonde. Asilah est sous contôle de SA MAJESTE depuis Avril 2014.
Je ne veux plus entendre de cette Mme Faïssal ou d'autre de son genre, couvrent les évènements de ma ville. La Société Civile que je construis depuis 2012 est en marche forte à Asilah. Benissa est parterre comme un taureau en fin de sa vie politique et culturelle à Asilah. écrasé comme une mouche. Sa dernière phase est face aux tribunaux. Bougez-vous à accomplir votre travail de journalisme présent tout les jours à Asilah au bénéfice des citoyens ou on vous écrase tel le sort de Votre Benissa.
Saloua Haddad

Merci pour votre commentaire. Nous procéderons sous peu à sa vérification

Item Reviewed: تحقيق تيل كيل: أصيلة. هل هي نهاية سيادة بن عيسى؟ Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top