لم يخطر يوما على بال رئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران أن عدوه اللدود وخصمه السياسي الأبدي، إلياس العماري، الرجل القوي في حزب الأصالة والمعاصرة، سيتمكن من تجنيد أحد النشطاء الدينيين ليخترق فرع الحزب الإسلامي في إسبانيا ويتمكن خلال فترة وجيزة من خلق أزمة داخل الحزب.
فقد علمت "شبكة أندلس الإخبارية" أن فرع حزب العدالة والتنمية بإسبانيا يعيش حالة من الغليان بعد انسحاب عدد من مناضلي الحزب بسبب خلافات حادة مع قيادة فرع الحزب الذي تأسس قبل أشهر فقط، بعد مناورات قام خطيب جمعة تجمعه روابط قوية بحزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسسه صديق الملك فؤاد عالي الهمة.
فقد استطاع محمد سعيد اعليلش، وهو خطيب جمعة بأحد المساجد بالضاحية الجنوبية لمدريد، في ظرف ثلاثة أشهر فقط على انخراطه في صفوف فرع حزب العدالة والتنمية في إسبانيا، من خلق "فتنة سياسية" داخل الحزب فقز بعد تفجرها من سفينة "حزب المصباح" ليرتمي في أحضان حزب الأصالة والمعاصرة والذي يعتبره الإمام المغمور "مشروعا إصلاحيا ينشد الخير للناس".
هذا وأعلن أعليلش في فاتح ماي الجاري عن استقالته من صفوف حزب المصباح، لقناعته ب"تعارض مبادئ الدعوة إلى الله ومبادئ السياسة"، حسب قوله.
وكتب اعليلش في بيان نشره على حائط صفحته بالفايسبوك، أنه ينهي إلى "من يهمه الأمر وخاصة من كان له سابق علم +بانتمائي السياسي+ بأنني وبعد تجربة قصيرة (لها ما لها وعليها ما عليها) خلصت إلى أن العمل الدعوي والسياسي لا يجتمعان في قلب واحد".
وقال اعليلش: "أصبحت أكثر إيمانا بأن الداعية إلى الله و المربي والشغوف بكتاب الله وسنة رسول الله ميدانه الإصلاح والتربية والتوجيه وغرس قيم الخير والنبل في الناس. أما السياسة فلها أهلها ولها أعرافها ووسائلها التي كثيرا ما تتعارض مع مبادئ الدعوة وفي أحسن الأحوال تصرف عن الأهم والأولى في حق الداعية إلى الله".
عديد من المتتبعين للشأن السياسي في إسبانيا أكدوا ل"شبكة أندلس الإخبارية" أن "الموعظة" التي أعلن من خلالها أعليلش عن اسقالته من العدالة والتنمية لا تعدو عن كونها "تقية" يخفي بها علاقاته الوطيدة مع حزب الأصالة والمعاصرة.
وأعلن القيادي السابق في صفوف حزب العدالة والتنمية "عدم صلتي بأي عمل سياسي منظم وعدم انتمائي حاليا لأي حزب سياسي. كما أعلن دعمي لكل مشروع إصلاحي ينشد الخير للناس أيا كانت مرجعيته وأيا كان ميدانه"، في إشارة إلى حزب الجرار، حيث نشر على الفايسبوك صورة له مع القيادي في حزب الأصالة والمعاصر، إلياس العماري بعد لقاء في أحد الفنادق الفاخرة المطلة على شاطئ مدينة الصخيرات قرب الرباط.
محاولة فاشلة لنسف أنشطة قيادات الحزب في إسبانيا
وأكدت مصادر جيدة الاطلاع لجريدة أن اعليلش اشترط على رئيس فرع حزب العدالة والتنمية، سعيد بورحيم، نسف ثلاثة أنشطة كانت مبرمجة لشخصيات من حزب العدالة والتنمية ودعاة مقربين من حركة الإصلاح والتوحيد، ك"مهر" لبقائه في صفوف حزب العدالة والتنمية.
فبعد الإعلان عن أنشطة في كل من مدريد ومالقة للدكتور المقرئ الإدريسي أبو زيد، المفكر الإسلامي والبرلماني عن حزب رئيس الحكومة، والداعية نعيمة بنيعيش، المقربة من حركة التوحيد والإصلاح والتي تربطها علاقات وطيدة بالحزب الإسلامي، وجه أعليليش رسالة شديدة لرئيس الحزب في إسبانيا يطالبه فيها ب"إلغاء" هذه الأنشطة لأنهاء نظمت بتعاون مع هيئات لا تربطها علاقة تنظيمية به.
لم يتردد سعيد بورحيم بدوره في التحرك في كل الاتجاهات لنسف أنشطة قيادات الحزب في إسبانيا، مستنجدا بقيادات في حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب لكن كل مناوراته باءت بالفشل فجاءت استقالة محمد أعليليش كرد فعل على فشل بورحيم في "التحكم" في تحركات قيادات الحزب في إسبانيا.
هذا وكان المؤتمر التأسيسي لفرع حزب العدالة والتنمية بإسبانيا المنعقد يوم 07 دجنبر 2013 بمدريد، قد انتخب سعيد بورحيم، كاتبا لفرع الحزب بإسبانيا.
المؤتمر التأسيسي الذي كان قد ترأسه عمر لمرابط، مسؤول اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية لمغاربة الخارج، صادق على محمد سعيد أعليلش الموذني، كما صادق المؤتمر على باقي أعضاء المكتب وهم: نجية لطفي، ومحمد خربوش، والحبيب الحضري، وسعيد الرتبي، ولحسن الحيمر.
++ في الصورة: لقاء غامض مع إلياس العماري في فندق خمس نجوم بالصخيرات
++في الصورة: سعيد بورحيم، رئيس فرع حزب العدالة والتنمية بإسبانيا