05‏/12‏/2011

الطوزي: محمد السادس يكره الإسلاميين ومؤلم أن يقاسمهم الحكم

 الطوزي في حوار مع أنباء موسكو يقول أن المغرب لم يتجاوز بعد احتمال اسقاط النظام ولكنه قطع شوطا مهما في هذا الإتجاه
محمد الطوزي عضو لجنة مراجعة الدستور

قال محمد الطوزي عضو اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، إن "الملكية المغربية تتأقلم مع التغيرات السائرة في المنطقة،واعتبر في حديث مع "أنباء موسكو" أن "الإسلاميين ليس لديهم مشروع وعلى شباب "عشرين فبراير" أن ينتبهوا لحقيقة الصراع".

وفيما يلي نص الحوار:

بين حزب معارض في رئاسة الحكومة، وتحرك جماهيري معارض في الشارع، يقال أن الملكية المغربية في أسوأ أيامها، ما رأيك؟

الملكية تتأقلم...ويعود الفضل في ذلك مباشرة لحركة الشارع. مؤلم جدا على المستوى العاطفي أن يقبل الملك بتقاسم الحكم مع الإسلاميين، فالكل يعرف أنه يكرههم، وهو ليس من النوع الميكيافيلي، ليمارس شيئا من النفاق السياسي، لذلك فأنا أعتقد أن إعطاءهم المفاتيح بهذا القدر من السلاسة، باعثه الأساسي هو قرار مأخوذ من الملكية بالتواري وراء المؤسسات، خصوصا مع المساحة الأكبر التي منحها الدستور الجديد للملك، على مستوى صلاحيات تأطير الأزمات، وخلاصة ذلك أنه من المريح بالنسبة له ترك بنكيران وإخوانه يعملون. مع ممارسة "السلطة الناعمة" من طرف الملكية في خلق وتدبير الاختلاف، وممارسة السلطة بكلفة تقارب الصفر.

تحديات الحكومة القادمة؟

متمثل إعادة هيبة الدولة وتدبير الفوران الاجتماعي أكبر تحد، مما يتطلب الكثير من الحزم. أظن أن هاتين النقطتين هما التحديان الأكبر على الحكومة القادمة، على أساس أن التوجهات الكبرى للبلد محسومة سلفا.

ماذا تقصد بالتوجهات المحسومة؟

التوجه النيوليبرالي اقتصاديا محسوم بشكل غير قابل لطرح النقاش، وإن كان يتوافق مع وجهة نظر إسلاميي العدالة والتنمية. تعامل الدولة مع الباطرونا والمقاولة محسوم أيضا ولا حق للعدالة والتنمية في مراجعته، وإن كانوا على أغلب الظن سيدعمون المقاولات الصغرى والمتوسطة، لأن جمهورهم المفترض من هناك. السياسات الخارجية أيضا محسومة، فهم وحتى في برنامجهم الانتخابي تحدثوا عن الاستمرار في المسار، وإن كانوا يضيفون أحيانا عبارة "التخليق".

الصعوبات التي في نظرك قد تواجه العدالة والتنمية؟

المشكل الأكبر سيطرح لهم في التعليم، لأن الأساتذة والمعلمين هم جمهورهم، وهذا المشكل كان قد طرح لحزب الاتحاد الاشتراكي، لما كانت هذه الفئة تصوت له في الستينات والسبعينات، المشكل ليس على مستوى البرامج، بل على مستوى المردودية، المردودية عنصرها الأهم هو دفع المعلمين والأساتذة ليعملوا، هذا بعيد عن الحاصل، ولا أحد استطاع لحد الآن تجاوز هذا الخلل. المشكل الثاني هو تعويض المناضلين المفترضين على مجهودهم، وهذا يقتضي نوعا من المحسوبية سيشكل مصدر إحراج للحزب العقائدي، الذي يرتكز على الالتزام، ما يفترض نوعا من التعويض لأولئك الذين التزموا على الأقل في السنوات الأخيرة.

ما ملامح برنامج العدالة والتنمية؟

في وجهة نظري، هم لا يتوفرون على برنامج حقيقي، بل كلامهم يرتكز على كلمة أساسية، وهي العمل بـ"المعقول" بالدلالة المغربية.

مكونات العدالة والتنمية؟

هناك عدة تقاطبات داخل الحزب، وداخل الحركة الأم، فغير المكون الجديد الذي يقتسمهم المعركة وهو مناضلو الحزب قبل أن تنضم لهم الحركة الإسلامية أي حركة "التوحيد والإصلاح"، هناك تمايز داخل تلك الحركة نفسها، فهي نتاج عن توحد بين الإصلاح والتجديد من جهة وجمعية المستقبل، والاختلاف بين المجموعتين داخل الحركة الموحدة قبل أكثر من عقدين من الزمان ما زال يخترق الحركة رغم ما يبدو، منتجا حساسيات وشبكات ومرجعيات مختلفة. أضف لذلك ما أنتجه المسار التاريخي داخل الحزب، مقسما الحزب إلى ثلاث فئات وهي: دعاة الدين، محترفو السياسة و التكنوقراط، يمكن أن نضيف فصيلا رابعا هو الشباب، وإن كان مائعا في الثلاثة السابقين. وقد تم في هذه السيرورة منذ 2007، التصريف التدريجي لتيار الدعاة، كان آخرهم هو مصطفى الرميد إثر المصيدة التي وقع فيها، السيد أحمد الريسوني مثال آخر على هذا، وقد أنتج ذلك تقاطبا حادا مرئيا للعيان في التزكيات الأخيرة للانتخابات. أما التكنوقراط فمحترفو السياسة يقولون الآن في تصريحات كثيرة إنهم سيستعينون بهم، بعيدا عن ضرورة مرورهم عبر الانتخابات، ولهذا دلالاته. أكبر تحد على بنكيران في هذه المرحلة، هو استيعاب كل هؤلاء وإرضاؤهم، وأن يحذر من إمكانيات الشتات. ثم بعد ذلك وبدرجة أقل صعوبة عقد التحالفات مع أحزاب أخرى.

ما الاحتمالات المتبدية للتحالفات المرتقبة؟

اما أن يجروا معهم الكتلة الميتة مجتمعة، وسيكون لذلك تبعات، فهذه الكتلة تجر معها إرثا ثقيلا من الإخفاقات، كما أنها ليست تحالفا قويا بمعنى الكلمة، فلا هي قدمت برنامجا مشتركا ولا خاضت حملة موحدة، أعتقد أن وضعها الآن اختلف عن تلك اللحظة التي كانت ذات معنى، أقصد لحظة مجابهتها للحسن الثاني، كطرف في الصراع، ومطالبتها بالإصلاح الدستوري سنتي 1992 و1996، أما في المحطتين البرلمانيتين 2002 و2007، فقد كانت قد ماتت وفقدت معناها، وأعتقد أن بعض قياداتها لما يتحدثون عن تخوفهم عليها والتعاهد معها، فهم لا يمارسون غير المزايدات السياسية الخاوية.الخيار الثاني هو تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الاستقلال، بالإضافة إلى بعض الأحزاب، مجمعة لقطب محافظ، في مقابل القطبين اليساري والليبرالي في المعارضة، وبهذا التقسيم ستمنح السياسية في المغرب لأول مرة بعض الوضوح، وتمكننا من النظر إلى البرلمان كتقاطبات حقيقية. بما يشكل محكا جيدا لكل جبهات المعارضة المؤسساتية والمدنية والقضاء المستقل حينها. بما ينتج مناخا سياسيا له معنى إلى حد ما، يمارس فوقه الملك صلاحياته. الإيجابي في المشهد السياسي البرلماني المرتقب هو أننا لأول مرة نحوز معارضة للحكومة وليس للملك، خصوصا أن حكومة الإسلاميين بعيدة في كثير من المبادئ والتفاصيل عن وجهة نظر الملك، مما يؤدي للتمييز حتى في عقول الناس البسطاء، وهذا شيء جيد. ما يوفره الدستور الجديد للمجتمع المدني وللصحافة ولعدة امتدادات مجتمعية، يجعل المرحلة النيابية التي بدأت جديرة بالمتابعة، بما يجعل المعارضة بمختلف أشكالها في المرحلة المقبلة في وضع مريح.

ماذا يُفترض من حركة الشارع المغربي؟

أن تظل في الشارع بدون شك، لكن على أساس تكثيف مطالبها فيما ترى أنه الأهم، فكثرة المطالب مرهقة، كما أنها وجب أن تصلح وضعها الداخلي، فبين بلطجية الخارج وبلطجية الداخل، بالإضافة للوتيرة التي يسير بها الشارع من التظاهر الأسبوعي، يكون الاستمرار مرهقا للناس وللمناضلين. وجب على حركة "20 فبراير" أن تستوعب أن الصراع الأكبر في المغرب هو صراع بين الحداثيين والإسلاميين. وعلى الرغم من أن مطلب الديمقراطية المسطرية يعتمل الآن، إلا أن الصراع حول القيم هو الحاسم، وأعتقد أن إسلاميي جماعة العدل والإحسان، هم الذين سيفجرون الصراع، ضد إخوانهم في العدالة والتنمية، سيكون مؤلما لإسلاميي المؤسسات الضغط عليهم، من باب التنازلات التي سيقدمون في باب الحريات مضطرين، ما ستستغله الجماعة لربح أوراق إضافية.

أليست جماعة العدل والإحسان محكومة داخل تحالفها مع حركة "20 فبراير"؟

الجماعة تستغل الحركة، والحركة لها أرضيتها وتستغل الجماعة، ولن تستمر الجماعة في الصبر على الحركة للأبد.

عن اليسار الاشتراكي الموحد وعلاقته بحركة "20 فبراير"؟

هو مطالب بتحويل مطالباته لمعارضة سياسية عاجلا، فهو لن يستمر للأبد هكذا، سواء أكان الاتحاد في المعارضة أو في الحكومة. في أفق ذلك وجب تفجير التناقض مع العدل والإحسان، وهذا ما يحدث فعلا في تصريحات قيادات بالحزب. الحركة على مستوى شعاراتها جامعة ومائعة في نفس الآن، شعارات ضد الفساد والاستبداد شعارات أخرى بكلمات واسعة المعنى، استنفدت وقتها ووظيفتها، حركة "20 فبراير" الآن تحت تأثير الاستنزاف.

الحوار بين الحركة والحكومة، ما القاعدة الذي تفترض أن يكون عليها؟

في نظري وجب أن تقبل الحركة بالحوار، يعرض فيه بنكيران عددا محددا من مشاريعه، مقابل أن تصبر عليه الحركة لمدة محددة، وجب أن يتفقا بهذه الطريقة، وهذا الشكل سبق أن حدث في تاريخ الحركات الاحتجاجية.

إلى أي حد المغرب بعد الدستور الجديد والانتخابات يكون قد تجاوز إمكانية "إسقاط النظام"؟

لم يتجاوزها، كما أن جميع الأنظمة في المنطقة مهددة بها، وإن كنت أظن أن المغرب قطع أشواطا مهمة جدا باتجاه النضج السياسي، ليس على مستوى النظام فقط، بل حتى على مستوى حركة "20 فبراير". الحاسم في المعادلة ليس هو العدالة والتنمية ولا النظام ولا الحركة الاحتجاجية، فكل هؤلاء أقليات داخل المجتمع المغربي، الحاسم هو الجزء الصامت لحد الآن، من سيستطيع أن يقنعه، أضف إلى ذلك المحيط الدولي الذي يضغط بقوة على كل المتصارعين. خلاصة الحديث هو أن الصراع هو صراع قيم، حول ممارسة الحريات اليومية.

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
1 التعليقات

1 comments:

جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com يقول... الأربعاء، 7 ديسمبر 2011 في 12:51:00 م غرينتش

ذكرت جريدة أخبار اليوم المغربية أن الطوزي نفي قوله لاذاعة موسكو أن الملك يكره الإسلاميين.
وقال الطوزي للجريدة ان نه تم تحريف كلامهونقلت قوله"لم اقل عذا الكلاموكل ما ص حت بههو ان الملكتعامل مع وضعية لم يكن له يد في صنعهااي انها نتيجة لصناديق الاقتراع" واستطرد قائلا، تضيف الجريدة،لم اذكر كلمة كراهية الاسلاميينانما اشرت الى ان الملكالتجـالى القواعد المؤطرة للعبة الديمقراطية"
أنظر جريدة أخبار اليوم عدد7 دجنبر 2011

Item Reviewed: الطوزي: محمد السادس يكره الإسلاميين ومؤلم أن يقاسمهم الحكم Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top