الجمعة، 14 نوفمبر 2025

سر مرارة نظرة اليازغي

سر مرارة نظرة محمد اليازغي وزير سابق ورئيس سابق لحزب الإتحاد الإشتراكي. المغرب


بدا محمد اليازغي في صحة جيدة خلال خروجه الإعلامي الأخير. وبدا صوته رخيما قريبا من الوجدان. وكعادته بدا متقنا فن الجلوس بهدوء " الساق على الساق والى ربك المساق" ولكن مرارة ما تتدفق من عينيه. سخط ما يتدفق ينز كالليزر في برزخ بياض وسواد عينيه. 
فماذا يريد أن يقول لنا اليازغي؟

في الواقع افتقدنا الى هذا النوع من السياسيين الذين يمتلكون ذاكرة قوية. ويخلطون بمهارة بين حوادث التاريخ والمواقف السياسية الساخنة، ويوظفون مهارات وكاريزما لا بأس بها.
وعلى علاتهم أين هم؟

 يبدو لي اليازغي منذ التسعينات أنه لم يخلق الا لأختلف معه. فمواقفه يلفها غموض وجزء منها يتركه لما وراء الستار. ولكن ذلك لا يمنعنا من احترام اختياراته. وصدق طويته وحرصه على الدفاع على مواقفه بقفازات ناعمة وصبره الكبير على تحمل الضربات والخسارات وتبعات أخطائه التي لا يستوعبها الآخرون ولا يعرفون خلفياتها الا بعد فوات الأوان.

واليازغي يتقن فن التعايش مع الذين يختلفون معه ولا يعطيهم فرصة للإجهاز عليه. لقد قاوم اليازغي محمد باهي عندما عاد من فرنسا لإصلاح جريد الحزب مما تسبب في أزمته القلبية ووفاته. وخرج منها اليازغي بدون تهمة.

لقد عرقل عودة محمد الفقيه البصري وقلل منها حزبيا وإعلاميا وفي النهاية مات البصري على هامش مؤتمر الحزب. وخرج منها اليازغي بدون تهمة.

ولكن لمحمد اليازغي مكانة خاصة في قلوبنا من الناحية العاطفية. ولا ننسى أنه تعرض في سنوات الرصاص الى محاولة اغتيال بواسطة رسالة بريدية مفخخة. وقاد صحافة الحزب في عز مشمشها. ودافع عن الكتلة الديمقراطية وساندها رغم نكاية تيار اليوسفي بها. كما أن قصة توزيره وزير دولة بدون حقيبة في حكومة اللامنهجية ديمقراطية في عهد جطو جعلتنا نسخط عليه لأنه رضي بالإهانة. كما لم نعهد فيه ارتداء ملابس غير رسمية تليق ب" صاكادو"، وحينها بدا اليازغي محاصرا ولم يفهم ما يجري حولهو لم يملك الحيلة للدفاع  عن أهمية " وزير دولة" في هندسة الحكومة(يتدخل في كل شيء وليس بيده شيء). وحتى عدم احتجاجه على الإقالة المهينة له من منصب الكاتب الأول للإتحاد الإشتراكي جعلته يظهر كجثة سياسية تقود حزبا لم يع فعلا (ولم نع معه ولو من الخارج كمراقبين) أنه مات عندما افتقد الى جرأة الإنسحاب من الحكومة التي قادها القصر عبر إدريس جطو. الحكومة التي مهدت لاغتيال الإنتقال الديمقراطي المأمول.

فماذا يريد أن يقول لنا اليوم اليازغي بعد سنوات طوال من السبات الطويل في منزله؟


بقلم: اسماعيل طاهري

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: سر مرارة نظرة اليازغي Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top