26‏/12‏/2023

الحكومة المغربية تلعب بالنار


 
 يبدو أن وزارة التربية الوطنية في المغرب تلعب بالنار وهي مصرة على عدم الاستجابة للملفات المطلبية للشغيلة التعليمية سواء المادية أو المعنوية.
وهذا الإصرار على عدم الاستجابة لاهم مطلب يتعلق بأساتذة وأستاذات التعاقد. فالإصرار على التعاقد  في صيغة " الموظف الأكاديمي/الجهوي" هو إصرار على استدامة الأزمة. كما أن التنكر للاتفاقات الموقعة مع النقابات منذ 2011، على الاقل، يبين النية السيئة للسلطة في خنق التعليم العمومي وتحطيم كرامة ومعنويات مدرسي المدرسة العمومية، وبالمقابل فتح المجال امام التعليم الخاص لنهب مدخرات الطبقة الوسطى.
وعوض ان تكون الطبقة الوسطى "ثرة الامم" كما قال كانط، تحولت في المغرب الى العكس. وأصل هذه المصيبة التي حلت بالتعليم منذ سن مخطط المسار (التقويم الهيكلي) في الثمانيتات من القرن الماضي مرورا بتوصيات البنك الدولي للخروج من السكتة القلبية منتصف التسعينات من القرن ذاته، هي املاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي يتم تطبيقها بالنقطة والفاصلة حتى تتمكن الدولة من الحفاظ على خط ائتماني لأخذ الديون الخارجية. وخلاصة هذا المخطط هي تقليص الوظيفة العمومية وخوصصة التعليم والصحة والخدمات الإجتماعية والعمومية (قانون الخوصصة ÷ قانون ميثاق المرافق العمومية)
لهذا فإذا لم يفك المغرب ارتباطة التبعي بالدوائر المالية الدولية فلن يكون له قرار وطني سيادي ومستقل في مختلف المجالات.
فإذا كان هناك إجماع وطني على ضرورة الغاء نظام التعاقد في التعليم، فلماذا تتشبث الدولة به الى آخر رمق. ولو كانت دعواها بكونه يدخل في إطار تنزيل ورش الجهوية المتقدمة  فلماذا اقتصر الامر على التعليم ولم يطل باقي القطاعات الحكومية الاخرى؟
واذا كانت الحكومة تتحدث عن جهات سياسية تقف وراء الحراك التعليمي غير المسبوق، فلماذا تتلكأ في حل مشكل التعاقد الذي لن يكلفها درهما واحدا؟
ولماذا خلق نظام تعليمي بقطبين واحد تابع للوظيفة العمومية والثاني تابع للأكاديميات الجهوية؟
ما بدا اليوم أن الوزارة ماضية في إعادة إخراج نسخة منقحة ومزيدة من مرسوم النظام الاساسي المجمد، وبعد نجاحها في استقطاب نقابة التوجه الديمقراطي fne لاغراقها في خماسية النقابات الاكثر تمثيلية واستبعاد التنسيقيات صاحبة الكلمة الفصل في الميدان فإنها تسير في الطريق الخطأ لحلحلة الازمة. وفعلا إن الحكومة تلعب بالنار التي قد تحرق الأخضر باليابس. لإن احتمال انتقال شرارة الإحتجاجات قد تطال قطاعات أخرى.

 فالنقابات لا تمثل تنسيقية المتعاقدين التي تضم 140 الف استاذ حرموا من المشاركة في الانتخابات المهنية لاختيار اللجان المتساوية الاعضاء. مما يعني ان التمثيلية اياها منقوصة بما يقارب 50% من الشرعية والمشروعية.
والحكومة التي ترفض محاورة التنسيقيات وعلى رأسها تنسيقية المتعاقدين، هي نفسها مطعون في تمثيليتها لانها منتوج انتخابات برلمانية مزورة.
 ولو كانت في المغرب دولة ديمقراطية لما عرفت مثل هذه الحكومة التي تفتقد الى الشرعية والمشروعية ولا تستند على السيادة الشعبية فالسيادة للأمة (الشعب) تمارسها عبر الانتخابات النزيهة.
ولو كانت هذه الحكومة، بالمعنى نفسه، حكومة سياسية لما أعابت على المواطنين جماعات وافراد ممارسة السياسة في الدفاع عن مصالح مشروعة يضمنها الدستور والمواثيق الدولية ذات الصلة، سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية.
لهذا من الصعب تصور قبول هذه الحكومة بتحقيق مطالب شرعية ومشروعة للشغيلة ااتعليمية التي تراكمت لعقود. فرغم ان موازين القوة ليست لصالح الحكومة والمدارس في شبه اضراب لاكثر من شهرين، فالحكومة لازالت مصرة على حماقاتها البيروقراطية ولازالت ماضية في غيها ولوك الكلمات والمصطلحات التربوية والتقنية خلال جلسات الحوار الماراطونية للإلتفاف على الاستجابة للمطالب الواضحة والمسطرة في الملف المطلبي للتنسيق الوطني الذي يضم 23تنسيقية. مع أن هذه الحوارات دامت لأكثر من سنتين دون نتيجة ترضي الشغيلة التعليمية واسفرت هذه الحوارات وما رافقها من كولسة عن نظام أساسي تراجعي وصف عن حق بنظام المآسي. 
واليوم تحاول الحكومة من خلال الحوار مع النقابات الاربع ثم الخمس، ان تعطي الانطباع بقبولها تغيير كل شيء شكلي وجزئي لكي لا يتغير أي شيء في مضمون النظام الأساسي القائم على التعاقد وحرمان معظم الفئات المتضررة من حقوقها غير القابلة للتصرف.

اسماعيل طاهري
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: الحكومة المغربية تلعب بالنار Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top