02‏/08‏/2023

⚫️رحيل زكريا محمد.. الشاعر الذي مزج بين الميثولوجيا والشعر🇵🇸

 


مجيد مصدق

توفي الشاعر والروائي والباحث والمفكّر الفلسطيني زكريا محمد، في مدينة رام الله، عن عمر ناهز الـ 73 عامًا.ولد الفقيد في قرية الزاوية التابعة لمحافظة نابلس عام 1950،ودرس الأدب العربي في جامعة بغداد قبل أن ينتقل إلى بيروت، حيث عمل في الصحافة مند عام 1975 في منابر إعلامية وثقافية فلسطينية مختلفة في بيروت وعمّان ودمشق، أهمها مجلات “الحرية” و”الفكر الديمقراطي”.عاد إلى فلسطين عام 1994 وتولى منصب نائب رئيس تحرير مجلة “الكرمل” التي ترأسها محمود درويش،له عدة كتب في الشعر والرواية والتاريخ والميثولوجيا وأدب الأطفال.

لطالما نظر إلى لغته بإعجاب من يريد أن يتعلم، بإعجاب من يرى اللغة العالية وهي تنظر ضحالة لغة هذه الأيام من برجها الشاهق، مات صاحب اللغة المدربة على القول، المحمولة على المعنى، المأخوذة بالروح القديمة التي جربت وأنهكها النظر الطويل إلى الأشياء والمعنى والصور.


يعد الراحل أحد الأعمدة الثقافيةالفلسطينية في السنوات الأخيرة، وقد تنقل في حياته بين بغداد وبيروت ودمشق ورام الله، وله العديد من الكتب في عدة مجالات، وحصل على جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع في 2020.

زكريا الشاعر الحالم، واحد من أكثر الناس الصادقة والمُريحة والمتواضعة والحرّة، قلبه يسع الكُل، لا فرق عنده بين كبير وصغير،يقدم الدعم لكل المواهب الأدبية الصاعدة،ثائر فلسطينيّ حُر، من أهم الشعراء بالحقل الثقافي الفلسطينيّ، وسياسيّ صادق، وحالم.

"قطعت علاقتي بالصيف نهائيا. لا أريد فواكهه جميعا. لا أريد فواكه هذا الجحيم. حين يأتي في العام القادم سأحمل حقيبتي وأرحل إلى بلاد الشتاء والثلوح"

هذا آخر ما كتبه على صفحته قبل رحيله بأيام،رحل الشاعر الجميل والمرهف الحساس إلى بلاد من شتاء وثلوج.

لطالما نظرت إلى لغته بإعجاب من يريد أن يتعلم، بإعجاب من يرى اللغة العالية وهي تنظر ضحالة لغة هذه الأيام من برجها الشاهق، مات صاحب اللغة المدربة على القول، المحمولة على المعنى، المأخوذة بالروح القديمة التي جربت وأنهكها النظر الطويل إلى الأشياء والمعنى والصور.لا أعرف كيف يكون الكلام أمام هذا الرحيل المفجع، طوبى لروحك وهي ترحل إلى عليائها.كان كاتبا مرموقا وباحثا تراثيا قديرا أيضا، كونه من المبدعين والصحافيين الأقل شهرة بين الفلسطينيين بالرغم من عظمة منتجه.تنوع إلى درجة مدهشة فقد اهتم بأدب الأطفال والرواية والمقالة، ضمن ما اهتم، كما ترك أطروحات مهمة بشأن الميثولوجيا والأديان القديمة.


شق لنفسه تجربة استثنائية شعرية، منذ الوهلة الأولى لبحثه عن جدوى الشعر بعد مجموعته “قصائد أخيرة”،إلى كتابة ديوانه الثامن “زرواند”، أنها مسكونة بحرفية عالية في توظيف لغة شيد بنيتها الفنية بإبداعه الشخصي الذي يعود فيه الفضل لأبحاثه العميقة في حقول كثيرة تتجاوز مجال الشعر نحو الرواية والرسم و والمسرح وأدب الأطفال ،ونقوش عربية قبل الإسلام و الديانات القديمة و الميثولوجيا.

يصعب تصنيف شعره حيث يقول" بالنسبة لي. وباختصار أنا أكتب شعرا ليس له اسم. كما أنني لا أبحث له عن اسم أيضا،أحفظ قصائدي كلها تقريبا، وألقيها غيبا. وكان هذا يساعدني في أمسياتي الشعرية. ذلك أن عدم انشغال يديك بكتاب أو أوراق يحرر ذهنك، ويجعلك تنظر في أعين الناس في القاعة أمامك وتتواصل معهم. وبالمناسبة أنا لا أفهم كيف يفكر بعض من ينظمون الأمسيات الشعرية بإطفاء الأضواء في القاعات، ويحرمون الشاعر بالتالي من رؤية سامعيه. الشعر ليس مسرحا حتى يحصل ذلك. وإلقاء الشعر يستند إلى التواصل البصري بين الملقي والمستمع."

شاعر تحمل لغته إيقاعات الحياة العربية المعاصرة ونبضها الحقيقي،شعره أقرب إلى الصمت وقصائده قصيرة،هدفه المتعة. يعشق الميثولوجيا وأساطير العرب القدماء، فهدف الشعر النهائي عنده أن يتحول إلى أسطورة.

كان الصعود فكرة مركزية في مجموعاته الأولى.يقول" القصيدة تصعد وتصعدني معها،كنا نمضي في الفضاء أنا وإياها إلى هدف ما ندركه بلحمنا ودمنا،إلى فكرة صغناها معا" في قصيدة الشجرة في مجموعة (الجواد يجتاز إسكدار) ربما تصلح أن ترمز لهذا:

 "الشجرة تصعد في الفضاء

وتقضمه مثل جمل يقضم الشوك

الفضاء يتقصّف، ويُكسح كالجليد

وهي تصعد ببطء

مثل أعمى يصعد درجا

يضرب بعصاه، ويخطو بقدمه

إلى أين يا عمياء؟

إلى أين أيها الجمل الذي يقضم فروع الهواء؟

الشجرة تصعد

والفضاء يفتح لها معبرا

ويصِرّ كباب صدئ لم يفتح منذ عقود."

يعد كتابه“نخلة طيء"،كشف لغز الفلسطينيين القدماء”واحداً من أهم الكتب التاريخية التي صدرت في القرن الواحد والعشرين، حول الميثولوجيا والتاريخ الفلسطيني القديم، وأصول القبائل والشعوب التي سكنت المنطقة، وحملت المنطقة اسمها (فلسطين)،فالكتاب الذي يعتبر ثورة على السائد في التاريخ، أو كما يراه زكريا نفسه وقوفاً ضد التيار، يحاول دحض الروايات التاريخية القديمة حول أصول الفلسطينيين معتبراً إياها مرتبطة بقراءات خاطئة بشكل متعمد ذات أبعاد سياسية. ويضاف لأهمية الكتاب إلى جانب النظريات التاريخية التي استند فيها لقراءة النقش التاريخي (نقش عقرون) -النقش المكتشف في العام 1996- وهو أول نقش فلسطيني حقيقي يتم اكتشافه حتى الآن، لأن الكتاب يحتوي كذلك قاموساً مصغراً لعدد من المفردات التي ما تزال تستخدم حتى الآن في الريف الفلسطيني، وجذورها، للتدليل على صحة القراءات الجديدة التي خرج بها زكريا للنقش، حول الأصل العربي لهذه القبائل.لدلك نجد ان الراحل آمن بالمزج بين الميثولوجيا والشعر..

المعروف عن الراحل زكريا ان حاول السباحة عكس التيار في قراءة التاريخ الفلسطيني القديم،وهو يقول لنا"الانخراط في الميثولوجيا حماني من الموت الشعري".

في المجال السياسي يعتبر الراحل زكريا أحد أهم الأصوات الثقافية المعارضة لسلطة رام الله ولاتفاقية اسلو...لدلك ناضل ودعا:

إنه قد حان الوقت لتشكيل "قيادة جماعية غير علنية للشعب الفلسطيني قيادة تتخطى القيادة الحالية التي تقودنا إلى المهالك..كل شيء يشير إلى أن الشهور المقبلة ستشهد مواجهات خطيرة مع دولة الاحتلال العنصري،"ودعا إلى تشكيل قيادة جماعية للشعب الفلسطيني يثق فيها الناس وتقودهم فعلا الى التحرير والتحرر.

حيث أكد أن الوحدة الوطنية، والقيادة الموحدة، لا تولدان بالتفاوض مع الذين فقدوا نهائيا روح الكفاح، بل بالاتفاق بين من يريدون مواصلة الكفاح.وشدد على أنه انتهى الزمن القديم، وعلى الزمن الجديد أن يولد. وهو لن يولد في المقاطعة أو بالتفاوض معها بكل تأكيد.لدلك ورغم انه شخصية اعتبارية اعتقله العملاء حين كان يتضامن سلمياً برفقة زوجته علىلرفض فكرة اعتقال المواطنين والتي حدثت بشكل زائد في الليلة التي سبقت اعتقاله....

له إصدارات غزيرة:

من اهمها “ديانة مكة في الجاهلية: كتابُ الميسر والقداح”، و”ديانة مكّة في الجاهليّة: الحمس والطلس والحلّة”، و”مضرّط الحجارة: كتابُ اللقب والأسطورة”، و”ذاتُ النحيين: الأمثال الجاهليّة بين الطقس والأسطورة” ،و”نقوشٌ عربيّة قبل الإسلام”، و”اللغز والمفتاح: رقم دير علا ونقوش سيناء المبكّرة” و”نخلة طيء-كشف سر الفلسطينيين القدماء” ،و”عبادة إيزيس وأوزيريس في مكة الجاهلية”.

وفي أدب الأطفال أصدر “أول زهرة في الأرض” و”مغني المطر”. كما أصدر في الرواية “العين المعتمة” و”عصا الراعي”.

أما في الشعر، فأصدر دواوين “قصائد أخيرة” و”أشغال يدوية” و”الجواد يجتاز أسكدار” و”ضربة شمس” و”حجر البهت” و”كشتبان” و”علندي” و”زرواند

كانت أعماله الشعرية ومساهماته الأدبية تحفز على الإبداع، وكرس جل حياته من أجل قضية شعبه وحريته ونضاله”.وتُرجمت أعماله لغات..

ودعنا بعد مسيرة أدبية وثقافية حافلة بالعطاء والتميز.

*لروحه الرحمة والسكينة..

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: ⚫️رحيل زكريا محمد.. الشاعر الذي مزج بين الميثولوجيا والشعر🇵🇸 Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top