ذكريات لذة النص مع خناثة بنونة
إسماعيل طاهري
عندما عدت مدينة أصيلة مؤخرا زرت مكتبة صغيرة تحتضر بشارع الحسن الثاني وصادفت مجموعة قصصية لخناثة بنونة تحت عنوان العاصفة..صفحتها الثالثة منزوعة ولم أتمكن من معرفة تاريخ إصدار الطبعة الثانية من المجموعة الصادرة عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر. ولم أتمالك نفسي واقتنيت النسخة الفريدة بالمكتبة.
الكاتبة المغربية الكبيرة خناثة بنونة صاحبة رواية "النار والإختيار" التي درسها جيلي نهاية الثمانينيات من القرن العشرين في مستوى الثانوي أي قبل 36 سنة..من أهم كتاب الرواية والقصة القصيرة في المغرب.
كانت قراءاتي لخناثة بنونة متفرقة، ولكن رواية النار والإختيار لم تفارق بالي ونادرا ما أصادف كتابات عميقة من مثل ما تكتب خناثة بنونة ولا يصل الى مستواها سوى القليل من الكتاب والكاتبات المغاربة والمغربيات من حيث الإحتفاء بجمالية اللغة وكثافة المضمون ومزج جميل بين الذات والموضوع في خطاب الشخصيات والإحتفاظ بنفس شاعري في الكتابة وحضور واضح للجانب الذهني، علاوة على حضور قضايا الإلتزام. وعدم انسياقها في تقليعات الرواية الجديدة.
وقد أكون متسرعا اذا وصفت كتابة القصة عند خناتة بنونة بالقصة الذهنية على غرار المسرح الذهني عند توفيق الحكيم.
وعند قراء قصص مجموعة العاصفة وجدت نفسي معلقا في الفضاء بين زمنين يمتدان ل36 سنة..وأحسست بتجدد الوصال مع "لذة النص" بحق حقيق.
والمثير في تجربة الكاتبة المغربية الكبيرة خناثة بنونة هي الحاجة الفورية الى إعادة قراءة القصص مرتين وأكثر لكي تقبض على ناصية البنية السردية للقصة وأبعادها الزمانية والمكانية التي تكاد اللغة الإيحائية الشاعرية أن تضبب رؤية الطريق الى رصدها بسهولة. فلا بد من مراودة صعبة لنصوصها قبل الوصول الى وصال جمالية حقيقية للتلقي.
هنا خناثة بنونة هنا لذة النص، والرحمة والمغفرة عليك يا رولان بارت على نحت هذا المفهوم المعبر.
0 التعليقات
