الشاعر المغربي محمد السكتاوي
قصيدة باب المعنى لمحمد السكتاوي يمكن إدراجها في هامة الشعر الجميل.
بهذا يمكن التصدير أن كل قصيدة جديدة للشاعر المغربي لا تكذب حدسي..هذا شاعر مروض للكلمات، يهرب شعره من المغالاة في الشكل الى المعنى الجميل. ثم يهرب من سطوة المعنى ( المعطى) الى شكل جميل كنهر رقرارف خفيف الظل.
وهذا الجدل بين الشكل (المتنوع نسبيا) وبين المعنى (المعطى:"المطروح في الطريق كما قال الجاحظ) نجحت في تحققه تجربة السكتاوي الشعرية. وهذا ما نجحت فيه أيضا تجارب شعرية قليلة وطنيا وعربيا.
ومن ثمة، فالقصيدة عند السكتاوي تشبه خبزة طازجة أصلها ماء وعجين ونار وقبلها عرق فلاح وبذور ورياح وأمطار وقر ثم حر. ، لكنها من كل هذا وذاك،ولكن لها خصوصية فنية مستجدة لم يسبق لأحد أن عرف كنهها.
أعرف أنني أصرخ في واد ضد صمت نقاد الشعر عن هذه التجربة. وعندما سيتحدثون سأتوارى الى الخلف.
لا تنظروا الى السكتاوي كتاريخ حافل بالنضال الشامل لعقود ضد تجاعيد الأسد. ولازال على الدرب ولم يترك الحصان وحيدا.
اليوم إنه شاعر يروض اللغة كمعصرة زيتون ويزودنا كغاوين بزاد إحياء الشعر المغربي المعاصر الذي أصابه مرض التفاهة شكلا ومضمونا.
لقد جعلنا شعره نحب بني خلاد كما أحببنا عبلة عنترة، وفاطم إمرء القيس، وولادة ابن زيدون ..وربما لم يسمع بقرية بني خلاد الكثير من الناس إلا بفضل شعره والصور الفتوغرافية التي رصدت وديانها وشعابها وزهورها وقمرها الوهاج. لكن المهم في كل هذا هو ذربة الكتابة الشعرية عنها ولها وفيها وهي البلدة التي حول شاعرنا السكتاوي الى طفل يهيم في صدرها كأم حنون، منبع الحب والحنان. وينطق عن الهوى والجوى شعرا جوانيا جميلا.
حكايات الأبواب
(26)
باب المعنى
————-
 |
| الصورة: بني خلاد بعدسة م.السكتاوي |
تعاتبني بني خلاد
أيْنَك يامحمد
أنسيتَ نهري وضبابي
قيظي وظلالي
تحت خميلة رمان
وهجرتني؟
كيف أنساكِ ،قلت
وأنتِ بابُ المعنى
حين يغيب اليقين
و أنتِ الماهية في رحِمِك
كل الوجود
زرتُ أراض وأرخبيلات بعيدة
وغصتُ في شعاب مرجانية
لم يكشفها أحد
ولم أجدْ ظهيرةَ صيف
أفرِِشُها قرب نبْعِ ماء
أو قمرا يُناجي بيْدَر
كما في لياليك الصافية
تأكدتُ الآن ياسيدتي
بعد التشردِ في الغياب
أن السراب يأكلني
حين يصمتُ نبضُ روحِكِ
في قلبي
وأنكِ الطين الأول
الذي جبل اللهُ منهُ الخلْق
—————-
#محمد_خلاد
0 التعليقات
