صلاح بوسريف شاعر ثمانيني يقلد ما بعد تجربة شعراء السبعينيات بعد القائهم سلاح الشهادة والإستشهاد وركوب موجة قصيدة التدوير والتشكيل باللغة واستلهام رموز و أساطير وقصص أولياء وصعاليك، إنها تجربة مبتسرة ومكررة لتجربة كان رائدها محمد بنيس وهي ظل لتجربة أدونيس، وهذا ليس عيبا فلكل شاعر أستاذه ولكل ولي مريد. وهي قارة إبداعية تختلف عن تجربة محمود درويش التي تعد قارة قائمة الذات. والقارات لا تنفي القارات بل تشكل في مجموعها عالم شبيه بالكرة الأرضية.
قد يصح كثيرا ما قاله بوسريف عن تجربة أحمد مطر ومظفر النواب، من كون كتاباتهم ليست شعرا في العمق، لكن ذلك لا يصح كثيرا في تجربة محمود درويش التي تعد استثناء تاريخيا من حيث الاشتغال على اللغة ونبل الموقف والقضية.
كما لا تصح في تجربة نيرودا العميقة والمليئة بالصور الشعرية عن الحب والثورة والحياة ومناشدة النيل ومحاربة الظلم والطغاة.
واعتقد أن تجربة أحمد مطر ومحمد الماغوط وحتى نزار قباني يضعف الشعر فيها عندما يكون الموضوع ذا طابع سياسي. كما ينطبق الشيء نفسه عند محمود درويش في نصه : خطاب الدكتاتور الذي لم يعتبره محمود درويش قصيدة شعرية لكن الاعلام والنقد الصحفي دأب على اعتباره شعرا. ويستشهد بفقرات منه نظرا لطغيان النفس السياسي النضالي المعتمد على التقرير، على حساب النفس الشعري الذي يعتمد على الايحاء.