ذ. صخر المهيف، أديب وقاص مغربي |
صحيح، كانت هناك حرب على سوريا في إطار مخطط الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الذي بشرت به كوناليزا رايس عام 2006 وكانت حربا بالوكالة...
الحرب في أوكرانيا في عمقها حرب ضد تمديد الهيمنة الأمريكية، إذ أن ثمة توجهان سائدان داخل أوساط النخب الأمريكية:
أولا: توجه يؤمن بأن دور أمريكا لم يعد هو الهيمنة، لأن الهيمنة مكلفة للاقتصاد الأمريكي وبالتالي ينبغي القيام بعملية إعادة انتشار القوات الأمريكية عبر العالم التي تكلف ضغطا ماليا هائلا على الميزانية الأمريكية من أجل الاهتمام بمشاكل الداخل بإعادة الشركات الأمريكية العاملة بالخارج إلى انتاج سلعها داخل التراب الأمريكي في أفق بناء اقتصاد حقيقي مقابل اقتصاد الفقاعة السائد حاليا والقائم على المضاربة المالية في البورصات التي تسببت في أزمة 2008، وهو توجه يمثله رجال الصناعة ووراءهم القوميون الأمريكيون وأبرز ممثليه الرئيس الأمريكي السابق ترامب الذي لا ينظر بعين الرضا إلى العولمة، خصوصا أن هذه النخب مستعدة لقبول نظام عالمي متعددة الاقطاب تلعب فيه أمريكا دور محكم إلى جانب محكمين آخرين كالصين وروسيا والاتحاد الأوربي وربما الهند والبرازيل.
ثانيا: ثمة توجه ينحو إلى تمديد الهيمنة الأمريكية العالمية على العالم، لهذا يعمل كل ما في وسعه لتحجيم صعود قوى دولية أبرزها الصين ثم روسيا إلى قمة المشهد السياسي العالمي، وهذه القوى يمثلها المجمع الصناعي العسكري الامريكي وأرباب البنوك الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية الكبرى وكلها مملوكة لأسر محدودة العدد، علما أن الهيمنة الأمريكية على العالم ليس في صالح إلا النخب المالية التي تراقب صناعة الأسلحة، فالهيمنة تتطلب وجود قواعد عسكرية على امتداد العالم، علما أن تمويل هذه القواعد يتم من طرف شركات النخب التائقة للهيمنة، كما تتطلب الهيمنة زيادة دائمة في الموازنة العسكرية الأمريكية خصوصا أن طلبيات البنتاغون تستفيد منها شركات بعينها أبرزها مارتن لوكهيد صانعة البوينغ المدنية وسلسلة طائرات F ، من جهة أخرى، يبقى حلم تفكيك روسيا إلى دول عديدة حلما قائما بعد فشل الغرب عبر إشعاله الثورات الملونة في سواء في بعض الجمهوريات المشكلة لفيدرالية روسيا في تسعينيات القرن الماضي التي تحولت إلى ثورات حمراء في الشيشان أو في بعض الجمهوريات التي شكلت جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق كما هو الشأن بالنسبة إلى جورجيا وأرمنيا وبيلاروسيا وغيرها...
أظن أن النخب الامريكية المهيمنة حاليا على المشهد السياسي الأمريكي، بإشعالها فتيل هذه الأزمة، ليس لها من هم سوى منع قيام نظام متعدد الأقطاب لمراكمة المزيد من الأرباح على حساب باقي الشعوب والشعب الأمريكي نفسه الذي يمول بالضرائب التي يدفعها للحكومة كل مشتريات الحكومة الأمريكية من الأسلحة من الشركات الكبرى.
بقلم: صخر المهيف، أديب وقاص مغربي |