أين ماما يا أمي؟
نبية تصلي في قعر الجب
يسيل إيمانها في وجه الله
كانت تبحث عن ماء لإعداد
كأس شاي شهي
كانت فرحتها عارمة بالخالتين
فجلبت حبل الغسيل بقوة العاشقين
حتى سجدت في القعر مرتين.
.....
من ترك الحبل على الغارب؟
من ترك قلبي ببطين واحد؟
من أمر بمنع ماما من الغناء في حفلة المدرسة التي لم تدخلها؟
رغم أنها كانت تتقن فن الرقن على الناي والنرد
وظلت تحمي بقيتارتها وجهي الصغير من البرد.
فمن يحمي وجهي اليوم من نار السرد؟
....
أمسيت أحكي خرافتها مع أمي لأربعين عاما
ولا أحد يسمع حنيننا
كان عويل أمي يكسر العنان
عويل علمني كيف أغضب من السماء
.....
قال المنقذ:
سقط كلب في الجب
وقد حزمته بسروالي، وحق الرب
فأبعدوا القاصرين عن رؤية عورتي
هربنا زرافات عن فم البئر
خشى المنقذ على قلوبنا من الإنفطار
خشي على خاطر الأزهار من الإنكسار
اختفى المنقد
لم يخبرنا بأسباب السقوط
وفي كل عيد كنت أسأل أمي:
- أين ماما؟
كانت تتمتم ببقايا كلمات مقطعة الأوصال.
وفي كل عرس كنت أسأل:
- أين ماما يا أمي؟
فتشيح بوشاحها الأخضر عني
وتفيض حمم عينيها من جديد...
مازلت أبحث عنها
في التراتيل
لكن لا أحد دلني على كتابها.
لم أعد قادرا على سؤال أمي.
صرت أناجي نفسي كل يوم
عن مصير الكون
وعن حكمة ما جرى ويجري
وأسارع الخطى الى البريد
لأبعث لماما رسالة وداع أخير.
....
طنجة
الخميس 10 فبراير2022
0 التعليقات
