الأربعاء، 14 يوليو 2021

اسماعيل طاهري: كيف فشل الانقلاب المدبر داخل الإشتراكي الموحد؟ بصدد عقدة منيب


كم نحن في حاجة اليوم الى حوار ديمقراطي بدل التجريح الذي لا يفيد في شيئ..المهم هو ماذا قدم اليسار بتلاوينة للشعب ودمقرطة الدولة والمجتمع؟


يجب التحلي بفضيلة النقد الذاتي والإستماع الى صوت العقل. لا يمكن للأقلية في المكتب السياسي أن تفرض أجندتها. كما لا يجب على الأغلبية سحق الأقلية.

إن الإحتكام الى قواعد الديمقراطية لا يعني عبادة التنظيم أو الأشخاص مهما كانت كارزميتهم..

للأسف هذا هو الغائب في مجمل تنظيمات اليسار المغربي، وهذا عائق ذاتي مؤتر في أدائها، ويكرس ضعف انغراسها الشعبي، ويجعل طروحاتها الفكرية والنظرية وكأنها ترف فكري لا علاقة له بسلوكها(تكتيكها) السياسي والتنظيمي اليومي الذي تسوده العدمية والحلقية والزعامة(الخاوية) وعقلية الشيخ والمريد التي أشبعها العروي بحثا وكذلك عبد الله الحمودي ومحمد الطوزي ونور الدين الزاهي...

***

مناسبة هذه المقدمة الطللية هي ما يجري داخل الإشتراكي الموحد بوصفه التنظيم اليساري الوحيد الذي استطاع توحيد خمسة مدارس/ أحزاب يسارية، وهي تجربة لم تكتمل حلقاتها وهي اليوم في مأزق الانتقال الى التوحد في إطار الفدرالية التي تضم حزبي الطليعة والمؤتمر.

ومساهمة في النقاش ندرج بعض الملاحظات السريعة حول ما حدث داخل الإشتراكي الموحد في علاقته الجدلية مع حلفائه في فدرالية اليسار الديمقراطي وكيف تحولت زعيمة الإشتراكي الموحد الى أيقونة لحزبها وللفدرالية وهذا ما أثار حسد وحنق قادة من حزبها ومن حزبي الطليعة والمؤتمر. لذلك يمكن المجازفة بالقول بوجود "عقدة منيب "على وزن عقدة أوديب داخل تجربة فدرالية اليسار الديمقراطي.


أعتقد أنه لا يمكن تشتيت الموحد لتوحيد الفدرالية. كما أن الفدرالية كمرحلة انتقالية لا يمكنها محو الأحزاب الثلاثة والهيئة التنفيذية التي نصبت هيئات تنفيذية محلية او جهوية غير منتخبة ديمقراطيا. كما أن ممثلي الاشتراكي الموحد فيها لم تنتخبهم الفروع بل والمكتب السياسي قال أنه لا يعرف بعض ممثليه فيها المنصبين من طرف التيار الإنشقاقي وحلفائه في الطليعة والمؤتمر.

كما أن سلوك العزيز الأمين العام للمؤتمر الوطني الإتحادي منذ انتخابات 2016 وتصريحاته النارية ضد نبيلة منيب قد أدت بعد هزيمة الفدرالية في الانتخابات الى تجميد الفدرالية عمليا لسنتين، فالعزيز لا يهضم عقله كيف أن الرأي العام الفيسبوكي والإعلام الوطني باختلاف توجهاته يعتبر أن الفدرالية هي الاشتراكي الموحد.. وكيف أن الإعلام الوطني والدولي يقدم نبيلة منيب كزعيمة للفدرالية وكأيقونة لليسار المعارض... 

"عقدة منيب " هو المرض الذي أصيب به السيد العزيز. ، لذلك ولكسر هذه الصورة عزز اقترابه بل وتحالفه مع كل من هو ضد نبيلة منيب ومكتبها السياسي من داخل الإشتراكي الموحد، موظفا قوة الضغط ذات الصلة بالكنفدرالية الديمقراطية للشغل. 

وعقدة منيب انتقلت الى جماعة محمد حفيظ والساسي ومجاهد وبلغت مداها في الشهور الأخيرة عندما تكفل حفيظ بتصريحات صحفية أسبوعية تنتقد أداء منيب وتصريحاتها متهما إياها لتجاوز وتهميش المكتب السياسي، واتهمها بالإنفراد بالقرار....الخ وعمل على تحريض البرلماني بلفريج على التمرد وايهامه بإمكانية منافسة الأمينة العامة منيب على قيادة الحزب.

 لهذا عمل العزيز على التنسيق والتعاون مع  مجموعة مجاهد في البدايه ثم مجموعة حفيظ  والساسي ...تحت ذريعة تسريع الإندماج والقبض على حلم الحزب اليساري/ الإشتراكي الكبير الذي صار  على مرمى حجر.

والخلاصة هي تدبير انقلاب على الإشتراكي الموحد وإبعاده من الانتخابات عن طريق تكفل الهيئة التنفيذية  للفدرالية بملف الانتخابات وضمنها  اعلان اللوائح والترشيحات والأسماء المشاركة في الانتخابات ..هذه العملية الإنقلابية أوقفتها منيب والمكتب السياسي والمجلس الوطني الذي قرر تأجيل الإندماج الى ما بعد الانتخابات بستة أشهر أو سنة كحد اقصى.

أليس من العيب غياب إطار لانتخاب الفدرالية للمرشحين للانتخابات بطريقة ديمقراطية كما تفعل، يا حسرة، العدالة والتنمية؟

  أليس حديث العزيز عن احتمال ترؤس منيب للائحة جهة الدار البيضاء وفوزها شبه المؤكد، ريع انتخابي..أليست هذه وقاحة سياسية ان يتم التضييق على الأمينة العامة في اختيار الدائرة التي تريد الترشح فيها؟

ومجريات الواقع أكدت تحضير مخطط لابعادها وكسر شوكتها وإحراجها أمام الرأي العام. وكما يروج في الصحافة فاختيار/تعيين  المرشحين للانتخابات المقبلة محسوم بين تحالف الطليعة والمؤتمر وتيار اليسار الوحدوي داخل الهيئة التنفيذية للفدرالية والهيئات التنفيذية الجهوية التي جرى تعيين أغلبها في الشهور الأخيرة.

وهنا بدا أن الهدف هو  منع مناضلي الاشتراكي الموحد من الترشح مهما كان موقعهم التنظيمي.

 وعندما وعى المكتب السياسي بالمؤامرة وجه نقطة نظام لطرفي الفدرالية حتى يتراجعوا عن المخطط الإنقلابي، وذلك بسحب تصريح الترشيح المشترك في الانتخابات المهنية فقط. وعوض الدعوة الى فتح حوار حول قرار المكتب السياسي سارعوا الى وضع تصريح مشترك خاص بجميع الانتخابات المقبلة يضم الطليعة والمؤتمر، ولم يتركوا فرصة للمكتب السياسي، الذي طلب مهلة شهر، لحل مشاكله الداخلية مع تيار /جماعة الساسي ومجاهد.

 وبهذا قاموا بأيديهم بحل تحالف فدرالية اليسار الديمقراطي وجميع الهيئات التنفيذية المركزية والجهوية. وهذه الهيئات هي بيت القصيد لكونها تحولت الى جهاز بيروقراطي للانقلاب على الحزب الإشتراكي الموحد وتصفيته.

فالمشكل ليس في الانتخابات المهنية لأن الفدرالية لا تعول عليها لانها انتخابات يسيطر عليها رجال السلطة وتحالف الأعيان وتجار الانتخابات وتجار حتى التهريب والمخدرات وأغنياء الريع.

وعندما وعت جماعة الساسي ومجاهد تحركات المكتب السياسي للإشتراكي الموحد للتصدي لسلوك حليفيه واتخاذهما تيار  الساسي والمجاهد كمخاطب يتشاور معه في ملف تسريع الإندماج "الإنتخابي" نكاية في نبيلة منيب والمكتب السياسي خصوصا بعد بيان 17 يناير الذي وضع شروطا ضرورية لتفعيل الإندماج ومصادقة المجلس الوطني على ضرورة تأجيل الإندماج الى ما بعد الانتخابات. مع الحرص على إنضاج الشروط خلال هذه المدة.

لهذا كان الرد سريعا بتشكيل تيار الساسي والمجاهد لتشتيت الشمل اولا (لان التيار من المفروض ان يتأسس في سنة الاعداد للمؤتمر الوطني وان يعرض على للمجلس الوطني للتصويت على أرضيته واذا حصلت على نسبة 5٪ من الأصوات يصبح التيار الوليد تيارا شرعيا).

وثانيا لتأمين موقع مع الطليعة والمؤتمر في حالة حدوث ما يفرض حل الفدرالية أو تجميد نشاطها قبل الانتخابات. 

لكن رد المكتب السياسي كان قاسيا عندما سحب تصريح المرشح المشترك للانتخابات المهنية ل8 غشت.

وتحت تأثير الصدمة عمد الطليعة والمؤتمر الى وضع تصريح مشترك للدخول في كافة الانتخابات بمرشح مشترك سيضم مرشحين عن تيار اليسار الوحدوي.

والدليل على سوء نية تيار لليسار الوحدزي، هو مد يده على الشبيبة وجمع لجنتها المركزية لتقرر بأقلية لا تتجاوز الثلث 27/71 لتصدر قرارا لا يصدر الا عن المؤتمر فقط لان بند في القانون الاساسي يشير الى ان حشدت هي شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد. وحتى المؤتمر نفسه يستحيل أن يتخذ هذا القرار الأحمق والصبياني.

وهل بعد واقعة حشدت يبقى أمل لفتح حوار ديمقراطي بين الطرفين؟

يبدو أن الزجاج تهشم ويصعب ترميمه..وشظاياه اخترقت كل أطراف الجسم اليساري في أحزاب الفدرالية.

تيار مجاهد والساسي استعمل الفدرالية كشماعة لتبرير الانشقاق، والمكتب السياسي كان مكرها على أخذ مسافة انتخابية عن حليفيه في المؤتمر والطليعة.

ويبدو أن تياري مجاهد والساسي مع حفظ الألقاب والرتب، لم يستطيعا الإندماج داخل الحزب الإشتراكي الموحد وظلا يتحركان بعقلية حلقية ونزعة زعماتية فارغة وكان هم أتباعهما هو السيطرة على مفاصل التنظيم وهدم رموزه في إطار أيديولوجية قتل الأب أو لنقل الأخ الكبير المتمثل في تيار منظمة العمل.

مؤسف ما حدث ولكن التاريخ يعتمد على معطيات الواقع. والواقع لا يرتفع.

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: اسماعيل طاهري: كيف فشل الانقلاب المدبر داخل الإشتراكي الموحد؟ بصدد عقدة منيب Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top