أوضح الناشط الحقوقي المغربي محمد الزهاري أنه على الفاعل الحزبي الذي يتولى مسؤولية تسيير ما في مؤسسة منتخبة أن يمتلك القدرة على قول كلمة «لا» في الوقت المناسب.
وفي ندوة نظمتها الجمعية المغربية لتربية الشبيبة (فرع تمارة) الاحد، ونقلتها مباشرة على صفحتها الفيسبوكية، قال الزهاري إن الفاعل الحزبي اليوم، بعد دستور 2011، ما زال لم يمتلك في قاموسه اللغوي والسياسي كلمة «لا» والحال أن عليه أن يقولها حين يتطلب الأمر ذلك. وأضاف قائلاً: إذا عرقل العامل (المحافظ) تدبير الشأن العام، وتعامل مع المسؤول الحزبي الموجود على رأس مجلس منتخب بمنطق الأستاذ الذي يستعمل القلم الأحمر للتلاميذ أو بمنطق الدركي الذي يحرر المخالفات لمن افترض فيه ارتكابها؛ فينبغي عليه أن يتوجه إلى الرأي العام الذي منحه صوته، ويقول له: أنا لا أستطيع مواجهة هذا العامل، لذا أستقيل من هذه المهمة. وإلا، فإن العامل ينبغي أن يُحاسب إذا ثبت أنه اشتطّ في سلطته.
وأوضح أن الشيء نفسه يجب أن ينطبق أيضاً على تدبير الشأن العام على المستوى الحكومي؛ فعندما لا يمتلك رئيس الحكومة سلطة القرار، أو تُفرض عليه مواقف متعارضة مع قناعاته، أو يُطلب منه التوقيع على وثائق لم يطّلع عليها من قبل أو لا يتفق مع مضمونها، فعليه أن يقول هو أيضاً «لا».
وأشار الزهاري إلى أن القيادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد، من مؤسسي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قال «لا» حينما أعلن العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني عن قرار تنظيم الاستفتاء على الصحراء، وأكد بوعبيد أنه لا يمكن للمغاربة أن يُسْتَفتوا على جزء من أراضيهم؛ فحُكم عليه بالسجن نتيجة هذا الموقف.
وأضاف أن شخصية سياسية أخرى، هو القيادي الراحل امحمد بوستة، أمين عام سابق لحزب الاستقلال، قال «لا» للملك الراحل الحسن الثاني حين عرض عليه فكرة «حكومة التناوب» وكان سبب الرفض هو هيمنة وزارة الداخلية خلال عهد إدريس البصري على الحياة السياسية عموماً.
الزهاري الذي سبق له أن كان رئيساً للعصبة المغربية لحقوق الإنسان، استطرد قائلاً: «إذا أردنا لهذا الوطن أن يتقدم، وإذا أردنا للجماعات الترابية (المجالس المحلية المنتخبة) أن تتقدم، فيجب أن نمتلك الجرأة لقول كلمة «لا» في الوقت المناسب، وآنذاك سيكون المناضلون ومناصرو حقوق الإنسان والديمقراطية إلى جانب من يقولها من أجل أن يترسّخ هذا المبدأ».
واستحضر واقعة قيام والي الرباط (اليعقوبي) بتوجيه رسالة تأنيب شديدة اللهجة إلى عمدة الرباط المنتمي لحزب «العدالة والتنمية» بسبب رفض هذا الأخير مشروع إنشاء مآرب تحت أرضية، طالباً تحكيم الديوان الملكي حجته في ذلك أن للعاصمة رمزية خاصة. وقال المتحدث: نحن أمام مؤسسات دستورية يجب أن تُحترم اختصاصاتها كيفما كان الأمر، مشيراً إلى أن الحكم في الأخير ينبغي أن يعود إلى صناديق الاقتراع. إذا أحسن المنتَخبون فسيصوّت عليهم المواطن بالاستمرارية، وإنْ أساؤوا فسيقول لهم: انسحبوا.
وأعرب عن عدم قبوله سلوكات ناضل ضدّها رواد الحركة الوطنية والحقوقية، كما أنهم اعتُقلوا وضحّوا بالغالي والنفيس من أجل أن تترسخ أُسس الديمقراطية، مؤكداً أنه «إذا لم يحصل ذلك، فإننا سنبقى نمارس لعبة قائمة على مساحيق التجميل من أجل تسويق منتج سيئ ورديء حول ديمقراطية معاقة».
وأوضح أنه يجب احترام الاختصاصات بين المنتخبين الموجودين على رأس المجالس المنتخبة وبين العمّال (المحافظين) والولاة المعيّنين من طرف السلطات العليا، مشيراً إلى أن الدستور يفيد بأن الولاة والعمال يمثلون السلطة المركزية في الأقاليم، ويعملون باسم الحكومة على تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية.
ومن ثم، يستنتج الزهاري، أن الدستور كأسمى قانون في البلاد يؤصّل الصفة التي يجب أن يكون عليها العمال والولاة في الأقاليم، أي أنهم يمثلون الحكومة ككل، وليس وزارة الداخلية وحده؛ بينما تتضمن القوانين التنظيمية للمجالس المنتخبة فصولاً تكرس تشدد الولاة والعمال وهيمنة وزارة الداخلية.