30‏/01‏/2021

محاضرة مصطفى فارس حول: التصدي لفعل الاستيلاء على عقارات الغير »:

السيد مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

منذ سنة 2017 أكد السيد مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن نزع عقارات الغير بالتحايلات الإداريةوالقانونية. ليست حالات معزولة وإنما ترتبط بشبكات ولوبيات منظمة.وأكد أن المغرب نواجه أشخاصا محترفين في رصد الثغرات القانونية والتجاوزات الإدارية.
وأضاف السيد مصطفى فارس في محاصرة بالمعهد العالي للقضاء بالرباط
تحت عنوان« التصدي لفعل الاستيلاء على عقارات الغير »

"نحن أمام عصابات ولوبيات منظمة:

إن السؤال الذي يفرض نفسه علينا، هو من نواجه اليوم؟ لا شك أن النوازل والوقائع تبين أن الأمر لا يتعلق بحالات فردية مبنية على الصدفة أو على ملابسات شخصية لمرتكبيها، بل الأمر تجاوز ذلك إلى عصابات ولوبيات منظمة محترفة تضم أحيانا عناصر أجنبية قد تقوم بجزء من أنشطتها حتى خارج التراب المغربي.

نحن نواجه اليوم، أشخاصا محترفين في رصد الثغرات القانونية والتجاوزات الإدارية، وتصيد ضعاف النفوس من موظفين ومهنيين وقانونيين من أجل مساعدتهم على الاستيلاء على عقارات الغير، إما زورا أو احتيالا ونصبا.

نحن أمام جهات، تحرك عن بعد أشخاصا مهمشين اجتماعيا مقابل إغراءات مالية بسيطة لاستعمالهم كواجهات لإجرامهم حتى يتملصوا هم من المسؤولية والعقاب" .

ونظرا لأهمية هذه المحاضرة، تعيد فضاء البوغاز نشرها تعميما الفائدة ولكل غاية مفيدة.

 نص المداخلة: 

« إن مناقشة مثل هذا الموضوع اليوم يحتم علينا أن نُسمي الأشياء بمسمياتها وأن ندقق في الجزئيات ونطرح الأسئلة الحقيقية، التي توصلنا إلى مكمن الخلل والداء، لكونه يتعلق بشكل مباشر بالأمن العقاري لبلادنا، مؤطر لحق الملكية المكفول دستوريا، والاستقرار، والاستثمار، والتنمية، ويضعنا أيضا أمام إشكالية الارتباط.

ارتباط وأواصر يربطها الإنسان وطنيا كان أو أجنبيا مع هذا الوطن من خلال سكن، أو محل تجاري أو أرض عارية، أو غيرها فتمتد إليها أياد مجرمة تحاول قطع هذا الارتباط وفك أواصر عميقة ومتينة تقوت عبر سنوات طوال.

في هذا السياق فإن الرسالة الملكية السامية تؤكد على استفحال هذه الظاهرة، وتكاثر هذه الحالات وتزايد الشكايات بخصوصها من طرف الأجانب، أو المواطنين، خاصة منهم المقيمين بالخارج، يمس بشكل كبير بمصداقية العمل الذي تقوم به المؤسسات والجهات المعنية إدارية كانت أو قضائية، ويبخس الجهود الإصلاحية الكبرى التي تقودها بلادنا على مختلف الأصعدة.

إذن نحن أمام تحدي حقيقي لصورة إدارتنا وقضائنا في أعين فئات فرضت عليها ظروفها، وضعا لا يتيح لها الدفاع عن حقوقها ومصالحها العقارية بشكل مباشر تام وفعال، ويتعين علينا ضمان حمايتها وتمكينها من حقها في التملك والاستقرار والارتباط..

نحن أمام عصابات ولوبيات منظمة:

إن السؤال الذي يفرض نفسه علينا، هو من نواجه اليوم؟ لا شك أن النوازل والوقائع تبين أن الأمر لا يتعلق بحالات فردية مبنية على الصدفة أو على ملابسات شخصية لمرتكبيها، بل الأمر تجاوز ذلك إلى عصابات ولوبيات منظمة محترفة تضم أحيانا عناصر أجنبية قد تقوم بجزء من أنشطتها حتى خارج التراب المغربي.

نحن نواجه اليوم، أشخاصا محترفين في رصد الثغرات القانونية والتجاوزات الإدارية، وتصيد ضعاف النفوس من موظفين ومهنيين وقانونيين من أجل مساعدتهم على الاستيلاء على عقارات الغير، إما زورا أو احتيالا ونصبا.

نحن أمام جهات، تحرك عن بعد أشخاصا مهمشين اجتماعيا مقابل إغراءات مالية بسيطة لاستعمالهم كواجهات لإجرامهم حتى يتملصوا هم من المسؤولية والعقاب .

المقاربة التشاركية:

تتطلب منا هذه  المعطيات بكل تأكيد مقاربة تشاركية وخطة شمولية متكاملة لتفصيل كل هذه العناصر الواقعية والإحاطة بكل جزئياتها، مقاربة تجمع بين التحسيس والتكوين والحكامة والردع.

إن لدينا مناطق تماس ومداخل يجب تحصينها لمواجهة هذه العصابات. 

مناطق ذات طبيعة قانونية صرفة أحيانا ويجب تعديلها من قبيل عقود الوكالات التي يتم استعمالها دائما في عمليات الاستيلاء، ويجب ضبط توثيقها لتكون أكثر تحصينا وأقل اختراقا.

المادة 2 من مدونة الحقوق العينية تكرس  أوضاعا غير منطقية:

 هنا أشير بإيجابية إلى مشروع القانون رقم 16-69 الذي أخذ مساره التشريعي في الأيام القليلة الماضية، والذي يرمي إلى إدخال الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك.

كما أن المادة 2 من مدونة الحقوق العينية بصيغتها الحالية، لا شك أنها ستساهم في تكريس هذه الأوضاع غير المنطقية وستؤدي إلى ضياع الحقوق والمس بالأمن العقاري للأفراد خاصة فيما يتعلق بأجل الأربع سنوات المنصوص عليها لرفع دعوى المطالبة بالحق والذي يستغل في الاستيلاء على أراضي الملك الخاص للدولة .

هذه الملاحظة التي تقاسمها عدد كبير من الفقه والقضاء والممارسين وبدأ ضحاياها يظهرون بشكل مقلق مما يقتضي في نظري تفاعلا تشريعيا يضبط هذه الأوضاع ويحقق التوازنات المنشودة بكل حكمة وواقعية.

احتكار  المعلومة بشأن العقارات:

وهناك مناطق ذات ارتباط بالعنصر البشري الإداري الذي يكون للأسف في كثير من الأحيان هو منطلق الشرارة ومصدر المعلومة التي تستغلها هذه العصابات للاستيلاء على عقار غاب مالكه أو هجره أو أهمله لسبب من الأسباب، وهنا لا بد من  الحديث بجدية وبصراحة عن التجاوزات التي يقوم بها للأسف بعض الأشخاص بالنظر إلى احتكارهم للمعلومات حول الوضعيات الواقعية والقانونية لهذا النوع من العقارات ويقومون بتوظيفها واستغلالها للاستيلاء على أموال الناس زورا أو بهتانا.  

هذا الوضع يقتضي منا التركيز على هذه الفئة التي توجد في الجبهة الأمامية للمواجهة حتى يتم الحد بشكل كبير من نشاط هذه اللوبيات، وذلك من خلال اتخاذ أكبر الاحتياطات عند الشك في صحة معاملة عقارية تحوم حولها الشكوك أو الريبة.

الدور الأساسي لمختلف المتدخلين في تطهير هذا المجال من المتلاعبين والمستهترين: 

 كما يجب التأكيد على الدور الأساسي والمحوري للمحافظة العقارية كمصدر للمعلومة وللوثائق وكفضاء خدماتي يتعين مواصلة تحديثه وتطوير آليات اشتغاله حتى يتاح للملاك الإطلاع بشفافية ويسر على وضعية أملاكهم دون عناء أو كلفة أو تأخير.

هذا دون إغفال أن العملية العقارية تضم متدخلين آخرين يجب عليهم الانخراط بكل إيجابية والمشاركة في تطهير هذا المجال من المتلاعبين والمستهترين والمخلين بواجباتهم المهنية عمدا أو إهمالا.

 وهنا أؤكد على ضرورة وضع برنامج تكويني وتحسيسي جاد عملي يضم إلى جانب أطر المحافظة العقارية موظفي الإدارة الضريبية، والمصالح المكلفة بالمصادقة على الإمضاء، ومهنيي توثيق التصرفات العقارية، من موثقين وعدول ومحامين، كإحدى الآليات الاستباقية والوقائية لمواجهة هذه الحالات الإجرامية.

لمؤسسة القضائية وحماية الحقوق:

لا شك أن المؤسسة القضائية تبقى دائما هي الملزمة دستوريا وقانونيا أو أخلاقيا بحماية الحقوق وضمان إيصالها لأهلها وترسيخ الأمن بكل تجلياته، ومنه الأمن العقاري.

المصدر جريدة العلم الثلاثاء الموافق 24 يناير 2017
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: محاضرة مصطفى فارس حول: التصدي لفعل الاستيلاء على عقارات الغير »: Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top