كُلَّمَا اشْتَرَيْتُ عُلْبَةَ شَايٍ أَسْتَعْجِلُ فَتْحَهَا، أَفْتَحُهَا عَلَى أَمَلٍ، بِشَوْقٍ كَبِيرٍ وَ كَثِيرِ تَرَقُّبٍ، أَبْحَثُ عَنِ "لَخْمِيسَةَ الذَّهَبِيَّةَ"، كُنْتُ أُحَاوِلُ تَضْلِيلَ المُحِيطِ، لَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى عِلْمٍ بِمَا يَجْرِي وَعُيُونُهُمْ تَشْهَدُ مِنْ بَعِيدٍ ... فِي وَصَلَاتِ الإِشْهَارِ يَعِدُونَنَا بِالفَوْزِ والعُثُورِ عَلَى " خْمِيسَة ذَهَبِيَّة " دَاخِلَ عُلْبَةِ الشَّايِ، وَلَكِنْ مَا عَلَاقَةُ الشَّايِ بِالذَّهَبِ لَوْ لَمْ أَكُنْ عَلَى دَرَجَةٍ مِنَ الْغَبَاءِ؟ ! الشَّايُ صِينِيٌّ، وَ أَمَّا الذَّهَبُ لَا أَعْرِفُ عَنْهُ سِوَى أَنَّهُ مَعْدِنٌ بَاهِظُ الثَّمَنِ يَلْمَعُ وَ فَقَطْ يَلْمَعُ ... أَفْتَحُ عُلْبَةَ الشَّايِ وَ لَا أَبْحَثُ عَنِ الشَّايِ، فَأَنَا عَلَى يَقِينٍ أَنَّنِي اشْتَرَيْتُ شَاياً صِينِيّاً تَتَحَدَّثُ عَنْهُ الإِذَاعَاتُ، لَكِنَّنِي أَدْرَكْتُ أَنَّ إِدْمَانَ الشَّايِ رَافَقَهُ إِدْمَانُ الرِّهَانِ، الرِّهَانُ عَلَى الشَّايِ مِنْ أَجْلِ " خْمِيسَة ذَهَبِيَّة " لَا وُجُودَ لَهَا سِوَى فِي وَصَلَاتِ الإِشْهَارِ ، لَكَمْ شَرِبْتُ مِنَ الشَّايِ وَ لاَ وَاحِدَةً مِنَ الخُمَيْسَاتِ رَسَتْ عَلَى بَابِي ... أَدْرَكْتُ أَنَّ الإِشْهَارَ نَصْبٌ مُنَظَّمٌ وَ احْتِيَّالٌ مُقَنَّنٌ يَسُوقُنَا مِثْلَ رَوَافِدٍ وَ أَنْهَارٍ هَارِبَةٍ، تَنْحَدِرُ فِي زَهْوِهَا لِتُبَلِّلَ الْبَحْرَ ... قَرِيباً سَتَأْتِي المُرَقِّشَةُ، سَتَأْتِي، تَحُلُّ كَسَكْرَةِ المَوْتِ، كَغَيْمٍ غَلِيظٍ ثَقِيلٍ يَرْخِي سُدُولَهُ، تَبْحَثُ بِشَغَفٍ عَنْ مُسْتَمِعِينَ تَجُودُ عَلَيْهِمْ بِتِلَاوَةِ نُسْخَتِهَا المُنَقَّحَةِ المُتَمَّمَةِ، بِمُضَمَّنِهَا مَا مَسَحَتْهُ ضَوْئِيّاَ عَيْنَاهَا وَ مَا التَقَطَتْهُ خِلْسَةً أُذُنَاهَا مِنْ خَمِيلِ الضَّاحِيَّةِ، مَا تَطَلَّبَ مِنْهَا حُضُوراً وَ مُعَايَنَةً وَ مَا احْتَاجَتْ فِيهِ لِاسْتِجْوَابٍ أَحْيَاناً لاسْتِنْطَاقٍ إِذَا مَا لَامَسَتْ فِي الضَّحِيَّةِ رِيحَ انْبِطَاحٍ وعَجْزاً عَنِ الانْتِفَاضِ ضِدَّ سُيُولِ السُّؤَالِ ... كُلُّ أَنْبَائِهَا مُزَخْرَفَةٌ بِفَيْضٍ مِنْ خَيَالِهَا، حَتَّى أَنَّهَا تَبْدُو غَرِيبَةً عَجِيبَةً دَائِماً كَقِصَّةِ مَوْتِ العَرِيسِ، قَبْلَ سَمَاعِ حِكَايَتِهِ الأُولَى فِي لَيْلَتِهِ الأُولَى ... وَ لَكِنَّنِي فِي الوَاقِعِ أَصْبَحْتُ مُتَوَرِّطاَ فِي الإِدْمَانِ عَلَى سَمَاعِهَا ... مُدْمِنٌ عَلَى الشَّايِ وَ الرِّهَانِ، عَلَى إِعْدَامِ السَّجَائِرِ، وَ سَمَاعِ الحِصَّةِ اليَوْمِيَّةِ لِمُرَقِّشَةِ الحَيِّ، نَاهِيكَ عَنْ إِدْمَانِ البُنِّ وَ حَرْقِ العُشْبِ كُلَّمَا اسْتَقَامَ لَهُ المَقَامُ، زِدْ عَلَى ذَلِكَ أَنِّي مُدْمِنٌ عَلَى الجَرِيدَةِ وَ بَعْضِ الوَرَقِ، مُدْمِنٌ عَلَى الإِدْمَانِ أَنَا،.. بَعْدَ كُلِّ طَفْرَةٍ يَتِمُّ الإِعْلَانُ عَنِ الطَّفْرَةِ الجَدِيدَةِ، نَحْنُ دَائِماً فِي حَاجَةٍ إِلَى طَفْرَةٍ جَدِيدَةٍ تُحَرِّكُ مَا لَمْ تُحَرِّكْهُ الطَّفْرَةُ الأَخِيرَةُ، وَ لِنَقُولَ أَنَّ الطَّفْرَةَ الجَدِيدَةَ أَكْثَرُ فَتْكاً مِنَ القَدِيمَةِ، لِذَلِكَ أَنَا مُدْمِنٌ عَلَى مُوَاكَبَةِ الطَّفَرَاتِ وَ الامْتِثَالِ لِتَعَالِيمِهَا وَ مَرَاسِيمِهَا مِنْ مِصْفَاةِ الهَوَاءِ إِلَى مُبِيدِ الحَشَرَاتِ ... هَلْ أَصْبَحَ العَالَمُ أَكثَرَ سِلْبِيَّةً ؟ إِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَأَغْلَبُ الظَّنِّ أَنَّنَا نَحْنُ السَّبَبْ... لَقَدْ تَمَّ اكْتِشَافُ الطَّفْرَةِ الجَدِيدَةِ لِلْمَرَّةِ الأُولَى بِالمَمْلَكَةِ المُتَّحِدَةِ مُنْذُ بِدَايَةِ أُكْتُوبَر، وَ وَفَاءًا لِتَقَالِيدِ السُّلُطَاتِ الصِّينِيَّةِ فِي "وُوهَان" وَ سَيْراً عَلَى نَهْجِهَا، لَمْ يَتِمَّ إِعْلَانُهَا لِلْمَرَّةِ الأُولَى عَلَى لِسَانِ الوَزَارَةِ إِلَّا بَعْدَ اقْتِرَابِ مَوْعِدِ أَعْيَادِ المِيلَادِ، الحَدَثُ الكَبِيرُ الذي يَعْرِفُ انْتِشَاراً فِي أَنْحَاءِ أُورُوبَّا تَسَارَعَتِ الحُكُومَاتُ لِإِلْغَائِهِ عَلَى نَفْسِ الإِيقَاعِ، وَ كَانَتْ لَحْظَةَ اسْتِمَاعٍ عَظِيمٍ ...
يُتْبَعُ.