24‏/09‏/2020

الدكتور جمال العسري يكتب : الرفيق عمر بلفريج : بين الطرد و الهروب ..







. بين القانون و السيبة ...

كعضو للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد ، أثارني تصريح " الرفيق عمر بلفريج " لإحدى المواقع الإعلامية الإلكترونية ، أثارني بل صدمني ما جاء فيه من كلام خطير يمس الحزب و جسده و قوانينه ، وصدمني أن يخرج مثل هذا الكلام الذي يحمل الكثير من التجني و المغالطات في حق الحزب و قوانينه ، و شخصيا وكعضو للمكتب السياسي لي قراءتين لهذه الخرجة ، وها التصريح ، قراءة قانونية تفند و بالقانون كل ما جاء على لسان الرفيق ، و قراءة سياسية تسائل أسباب النزول و دلالات توقيت الخرجة و تحاول فهم ما تحت سطور الخرجة وما لم يقله الرفيق عمر ، اليوم هذه قراءتي القانونية ، في انتظار أن يأتي الوقت المناسب لتقديم قراءتي السياسية لهذا التصريح و هذه الخرجة وهذا التوقيت.

يقول الرفيق عمر أنه " طرد من الحزب الاشتراكي الموحد بقرار من أمينته العامة " و هذا تجني على الحزب أو هو جهل كبير بقوانين الحزب جهل لا يليق بعضو مكتبه السياسي السابق وعضو مجلسه الوطني وممثله في البرلمان ، فالقانون الأساسي للحزب و في مادته 26 المعنونة ب " مسطرة المحاسبة " يقول " يعود حق الفصل من عضوية الحزب في حق أعضاء المجلس الوطني المنتخبين في المؤتمر و ضمنهم أعضاء المكتب السياسي من طرف المكتب السياسي بعد إشعار المجلس الوطني ومصادقة أغلبية أعضائه على قرار الفصل " و تؤكد هذا الأمر المادة 115 من القانون الداخلي و التي تقول بالحرف " قرار الفصل في حق أي عضو في المجلس الوطني منتخب في المؤتمر - سواء كان عضوا بالمكتب السياسي أو لم يكن - لا يكون صحيحا إلا بمصادقة المجلس الوطني عليه في دورة عادية أو استثنائية " فالمادتين واضحتين وضوح الشمس . ففي الحزب الإشتراكي الموحد ما يحكمنا جميعا هو القانون و القانون فوق الجميع بما في ذلك الأمينة العامة ، و في حزب تحكمه القوانين و تحكمه الديمقراطية الداخلية لا يمكن و كيفما كانت الأحوال أن تمنح للأمانة العامة سلطة فوق سلطة القانون ، فالرفيق عمر و هو عضو المجلس الوطني المنتخب من المؤتمر يسري عليه ما يسري على جميع أعضاء الحزب الذين لا يمكن طردهم - إن حصل فعل الطرد - إلا عبر المساطر القانونية ، و عضو المجلس الوطني لا يمكن طرده إلا بمصادقة أغلبية أعضاء المجلس الوطني على قرار الطرد المعروض عليه من قبل المكتب السياسي .
 وسؤالي للرفيق عمر : متى اتخذ هذا القرار داخل المكتب السياسي ؟ و متى عرض على المجلس الوطني ؟ و متى صودق على هذا القرار ؟ أما قوله أنه طرد بقرار من الأمينة العامة ، فهو تجني على الحزب و على مؤسساته و على قوانينه ، هو اتهام للحزب و مناضليه بتسييد الشخصنة و تغييب القوانين ومحاولة تسويق صورة خاطئة عن الحزب وجعله حزب أشخاص وأهواء ، حزب تتحكم فيه الأمينة العامة وتسيره على أهوائها ضاربة بعرض الحائق كل قوانينه، و هذا مجانب للحقيقة و لواقع الأمر

ثم يضيف الرفيق عمر في نفس التصريح و لنفس الموقع بأن المشكل " ابتدأ من شهر مارس المنصرم و هو التاريخ الذي اعتبر فيه نفسه مطرودا من داخل الحزب الإشتراكي الموحد " وهذا القول يحمل في طياته خطرا حقيقيا ، فبداية الرفيق يعتبر نفسه مطرودا رغم غياب أي قرار للطرد و رغم معرفته تمام المعرفة بأن هذا القرار لم يصدر لا عن المكتب السياسي و لا عن المجلس الوطني و لا حتى عن الفرع الذي يتبعه الرفيق ، و مع ذلك يقول أنه يعتبر نفسه مطرودا من الحزب منذ شهر مارس ، و هنا الخطورة ، مكمن الخطورة في من كان يمثل الرفيق عمر في البرلمان ؟؟ باسم من كان يتحدث ويترافع ؟؟ باسم من كان يناقش القوانين و التشريعات ؟؟ قد يقول قائل باسم فيدرالية اليسار الديمقراطي ، وهذا الجواب مردود عليه ، فالفيدرالية هي تحالف بين ثلاثة أحزاب سياسية ، تصح العضوية فيها من خلال العضوية و الانخراط في أحد الأحزاب الثلاثة المكونة لها ، و الرفيق عمر متواجد داخل الفيدرالية من خلال و من بوابة و من عضويته في الحزب الاشتراكي الموحد ، و عندما تسقط عضويته في هذا الحزب تسقط عضويته في الفيدرالية أوتوماتيكيا اللهم إذا انخرط في أحد الحزبين الآخرين المكونيين للفيدرالية وهو الأمر الذي لم يحدث ، ومن هنا سؤالي للرفيق عمر باسم من كنت عضوا في الفيدرالية ؟؟ و هنا أطرح سؤال ذلك الصراع و الاختلاف الذي طفا على السطح بحدة بخصوص الموقف من المغاربة العالقين بالخارج حيث ذهب الرفيق عمر عكس الاتجاه الذي سار عليه الحزب الإشتراكي الموحد ، بل وطالب بما رفضه الحزب ومكتبه السياسي و من خلال تصريحه هذا أفهم اليوم معنى ذلك الاختلاف الذي وصل لحد التناقض، و اليوم أفهم جيدا أسباب نزول رسالته لرئيس الحكومة يشتكي فيها الأمينة العامة ويحرضه عليها ، فرفيقنا كان يعتبر نفسه مطرودا و بالتالي غير ملزم بمواقف الحزب ، و هذا ما يفسر الكثير من المواقف التي اتخذها الرفيق في قبة البرلمان ، و يبقى السؤال الأكبر باسم من ناقش رفيقنا قانون المالية التعديلي و هو الذي كان يعتبر نفسه مطرودا من الحزب منذ شهر مارس

و يستمر الرفيق عمر في تجنيه ومغالطاته فيقول بأن منيب " أمرت بمنعه من تأطير لقاء داخلي للقطاع النسائي " فمرة أخرى يحاول الرفيق قتل الحزب و تصويره كأنه حزب أشخاص ، تتحكم فيه الأمينة العامة وتتصرف فيه كما تريد ، يصر الرفيق على قتل مؤسسات الحزب و قوانينه ، وهو إصرار غريب على تشويه صورة الحزب ، كما يصر على لي عنق الحقيقة ، فالرفيق يعلم و أعلم أنه يعلم أن القرار لم تتخذه الأمينة العامة ، بل اتخذ في اجتماع استثنائي للمكتب السياسي ، اجتماع عقد للرد على رسالته الكيدية لرئيس الحكومة ، و كرد أولي على الرسالة كان قرار التأجيل وقرار مراسلته و استفساره عن مراسلته تلك ، فالقرار هو قرار مؤسسة لا قرار شخص ، هذا أولا و ثانيا القرار لم يكن قرار "منع" النشاط ، بل القرار كان قرار" تأجيل " النشاط ، و شتان بين التأجيل و المنع ، فالفرق بينهما مثل الفرق بين السماء و الأرض ، و أعلم أن الرفيق يعلم أن القرار كان التأجيل لا المنع و بلاغ التأجيل لازال حاضرا و موجودا ، فلماذا يحاول الرفيق عمر لي عنق الحقيقة ؟؟ بل لماذا يقفز الرفيق على سبب التأجيل و الذي جاء غداة رسالته لرئيس الحكومة الرسالة التي أدانها الحزب وجل مناضليه.

ثم يقول الرفيق عمر أن " الأمينة العامة اختارت ممارسة الانتحار الجماعي " و الرفيق يعلم علم اليقين أننا كيساريين وكمناضلين لانقبل و نرفض رفضا باتا فكرة الانتحار و موقف الانتحار ، و يعلم أننا نحب الحياة و نناضل من أجل الحياة و آخر ما نفكر فيه هو الانتحار الفردي ، أما قوله الانتحار الجماعي ليصورنا نحن مناضلي و مناضلات الحزب و كأننا فاقدي العقل فاقدي التفكير فاقدي الرأي نساق للانتحار، فهذه سبة في حقنا و احتقار لتفكيرنا وقتل لحزبنا ...

هذه قراءتي القانونية لتصريح الرفيق الذي جانب فيه الصواب ، و يبقى السؤال الثاني القراءة السياسية للتصريح ، لأسباب نزوله ، لتوقيت النزول ، لفك شفرة الرسالة ، لمعرفة المرسل إليه ، لإدراك غايات الرسالة ، و لفهم هل الأمر يتعلق فعلا بطرد أم بهروب أم بشيء آخر فهذه قراءة أخرى قد نعود لها قريبا.


الدكتور جمال العسري
عضو المكتب السياسي لحزب الإشتراكي الموحد
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: الدكتور جمال العسري يكتب : الرفيق عمر بلفريج : بين الطرد و الهروب .. Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top