في الوقت الذي يتهيأ المسؤولون بطنجة لكي تستقبل المدينة مرحلة ما بعد الحجر الصحي إحتفاء بالساكنة وبزوار المدينة، وذلك عن طريق تعبيد بعض المقاطع من الشوارع الرئيسية، مثل ما هو عليه الأمر بالنسبة لشارع الحبيب بورقيبة، وبلجيكا، ومحج محمد السادس، ثم تزيين الفضاءات بالزهور والورود وبأنواع من النباتات الملونة التي يتم غرسها على مستوى الفضاءات الخضراء والمزهريات التي تؤثث بعض المحاور داخل المدينة، مما يضفي على تلك المناطق حلة جميلة ، لولا استمرار عملية سقي هذه النباتات الموسمية وكذلك الأشرطة الخضراء بالماء الصالح للشرب الذي نعاني في ظل ظروف الاستثناء من ندرته وتقلص مخزون السدود، ثم ارتفاع ثمنه الذي أصبح عموم المواطنين عاجزين حاليا عن تسديد فواتير استهلاكهم لهذه المادة ..
وفي مقابل هذا المجهود الذي يكرس نفس الاختيارات الخاطئة التي ساهمت في تبذير المال العام، نتيجة الاعتماد على نباتات موسمية تحتاج إلى إعادة الإنبات واستبدالها بأخرى أكثر من مرة في السنة بتكلفة باهظة تؤدي المدينة ثمنها إرضاء للجهات التي تحب أن يستمر هذا النزيف الذي لا ينتهي خدمة لمصالح جهات خفية منتفعة من
هذا الريع . ولو تم تقييم هذه التجربة التي حمل مبدعها الأول وهو الوالي محمد حصاد شعار غرس مليون وردة وزهرة ” لتم استخلاص عدد من الدروس التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
• الإصرار على استمرار هذه الاختيارات العبثية رغم ثبوت فشلها، بسبب التعلق بالمظاهر الزائفة والمساحيق الزائلة .
• الإعتماد على منتوج نباتي مستورد في الأصل، يتم تسويقه في المغرب بعد أن تتم إعادة إنبات بذوره في إطار تجربة المنابت الخاصة التي تغذي هذا النوع من الطلبيات التي يتم إدماجها ضمن الصفقات العمومية المشبوهة..
• إهمال النباتات الطبيعية الموروثة التي ميزت المنطقة منذ القدم، دون العمل على استثمارها في هذه التجربة من أجل حمايتها من الانقراض، ثم ضمان إنجاز ما هو أحسن وبأقل تكلفة، بالإضافة إلى حماية التراث الثقافي والبيئي.
• استنزاف الموارد المائية بسبب حاجة تلك النباتات إلى السقي المستمر في الوقت الذي تعاني المنطقة من الخصاص الحاد في مياه الشرب.
• التعامل المناسباتي مع قطاع البستنة، حيث لا تتم الالتفاتة إلى الحدائق والفضاءات العامة بهذه الكيفية إلا عند حلول بعض المناسبات، مما يعرض ممتلكاتها وغطائها النباتي للإتلاف نتيجة غياب الصيانة والحراسة والتثمين المستمر ..
• إهمال عدد من الظواهر السلبية التي تتناقض كليا مع ثقافة البستنة وجمالية الفضاء العام، وفي مقدمتها غض الطرف عن مشكل تكاثر المشردين والمنحرفين والمختلين عقليا وكذلك الأطفال المتخلى عنهم، والذين يتخذون من هذه الفضاءات ملجأ لهم للإيواء، حيث يعدون الخصم اللدود لكل ما له علاقة بالطبيعة كالأشجار والنباتات والتجهيزات العمومية، إذ لا يمكن تقدير حجم الإتلافات والخسائر التي يتكبدها الملك العمومي ..
ومما يؤسف له، هو أن هذه المظاهر المغرية والمشاهد المصطنعة، لا تصمد كثيرا أمام ثقل المتغيرات بسبب طبيعة تلك النباتات الموسمية، نظرا لحاجتها المستمرة إلى الصيانة والسقي والحراسة والإنفاق المستمر من أجل تجديد غطائها. والمثير للانتباه أيضا هو أن هذا النوع من المشاريع الهشة يفرض حضوره على حساب الأولويات ومصالح السكان الضرورية، حيث تظل مختلف المناطق السكنية تعاني من الخصاص في البنيات التحتية وفي المرافق الضرورية، بل حتى الطرق تكاد تنعدم في عديد من الأحياء التي ما زالت شبيهة بالمناطق القروية، بالإضافة إلى ضعف الخدمات الخاصة بالمرافق العمومية ( النظافة، الشواطئ، المنتزهات، المرافق الصحية، المؤسسات الصحية ..)
أليس من الأولوية إعطاء الأهمية لهذه الجوانب المغيبة ؟ فكيف لا يتم الاهتمام بدور الإيواء والرفع من مستوى أدائها للمساهمة في محاصرة ظاهرة المشردين والمتسكعين والمصابين بالأمراض العقلية والنفسية وكذلك الأمهات العازبات ؟
ومن أجل ابراز حجم الخطأ الجسيم الذي يقع فيه المسؤولون محليا، نذكر بتاريخ هذه المدينة التي كانت تعتبر مدينة الورود والزهور بامتياز ، كما أن بيئتها كانت تنتج كل أنوع الزهور الطبيعية التي تأقلمت مع بيئة ومناخ المنطقة منذ القدم، وهي ذات مصادر متعددة بعضها جاء مع الأندلسيين، والبعض الآخر دخل مع مجيئ الأجناس المختلفة التي استوطنت طنجة خلال عهود الإستعمار ، مما ساهم في تنويع الغطاء النباتي بطنجة بشكل فريد ومميز على الصعيد الوطني. ولا يقتصر الأمر على المغروسات التي كانت تتوزعها البساتين والأغراس الخاصة وحدائق الفيلات والقصر والإقامات والمنابت التي كانت موجودة مثل غابة الفرنساوي بدار مويكنة، وكانت عبارة عن جنة في الأرض، وكذلك منبت طنجة البالية الذي ينسب لشخص فرنسي أيضا، ثم المنبت البلدي.. بل حتى شوارع المدينة وحدائقها كانت مزينة بالورود والزهور الطبيعية وبالنباتات التي تحافظ على اخضرارها وانتعاشها طول السنة، كما كانت مغروسة بالأشجار المزهرة مثل الأرنج والتوت ومسك الليل .. بل حتى الغطاء النباتي الطبيعي خارج المناطق المبنية كان عبارة عن زربية مزركشة بكل الألوان التي كانت تغشي صفحة الأراضي العارية والمناطق الفلاحية بفحص طنجة، كانت من بينها بعض الأصناف التي يتم قطفها وتصدريها إلى أوروبا من أجل الاستعمال الصناعي ..
وقد ظلت طنجة في طليعة المدن المغربية التي اشتهرت بإنتاج الزهور والورود وكل أصناف النباتات التي تتزين بها الحدائق، حيث شكلت منطقة الجبل الكبير منذ القدم فضاء لتربية الورود والزهور المتنوعة داخل الأغراس وحدائق الفيلات، بل حتى الحدائق العمومية داخل المدينة لم تكن تخلو من الزهور والورود والنباتات الطبيعية التي تحافظ على انتعاشها وخضرتها على امتداد السنة. ومما يدل على ارتباط المدينة بثقافة البستنة وبعشق الورود والزهور ، هو توفرها خلال تلك المراحل على أسواق خاصة ببيع الزهور والطيور في السوق المركزي وسوق الرمل، وفي بعض المتاجر الخاصة .. ولا ننسى أن عشق هذه النباتات كان جزءا من ثقافة الجاليات الأجنبية التي استوطنت طنجة، كما أن فلاحي المنطقة قد تمرسوا على هذه المهنة التي كان منتوجها يحظى بالقبول في السوق، وكانت هناك عائلات تتوارث مهنة البستنة .. فتلك هي طنجة الماضي ، وهذه هي طنجة الحاضر ..
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين
• الإصرار على استمرار هذه الاختيارات العبثية رغم ثبوت فشلها، بسبب التعلق بالمظاهر الزائفة والمساحيق الزائلة .
• الإعتماد على منتوج نباتي مستورد في الأصل، يتم تسويقه في المغرب بعد أن تتم إعادة إنبات بذوره في إطار تجربة المنابت الخاصة التي تغذي هذا النوع من الطلبيات التي يتم إدماجها ضمن الصفقات العمومية المشبوهة..
• إهمال النباتات الطبيعية الموروثة التي ميزت المنطقة منذ القدم، دون العمل على استثمارها في هذه التجربة من أجل حمايتها من الانقراض، ثم ضمان إنجاز ما هو أحسن وبأقل تكلفة، بالإضافة إلى حماية التراث الثقافي والبيئي.
• استنزاف الموارد المائية بسبب حاجة تلك النباتات إلى السقي المستمر في الوقت الذي تعاني المنطقة من الخصاص الحاد في مياه الشرب.
• التعامل المناسباتي مع قطاع البستنة، حيث لا تتم الالتفاتة إلى الحدائق والفضاءات العامة بهذه الكيفية إلا عند حلول بعض المناسبات، مما يعرض ممتلكاتها وغطائها النباتي للإتلاف نتيجة غياب الصيانة والحراسة والتثمين المستمر ..
• إهمال عدد من الظواهر السلبية التي تتناقض كليا مع ثقافة البستنة وجمالية الفضاء العام، وفي مقدمتها غض الطرف عن مشكل تكاثر المشردين والمنحرفين والمختلين عقليا وكذلك الأطفال المتخلى عنهم، والذين يتخذون من هذه الفضاءات ملجأ لهم للإيواء، حيث يعدون الخصم اللدود لكل ما له علاقة بالطبيعة كالأشجار والنباتات والتجهيزات العمومية، إذ لا يمكن تقدير حجم الإتلافات والخسائر التي يتكبدها الملك العمومي ..
ومما يؤسف له، هو أن هذه المظاهر المغرية والمشاهد المصطنعة، لا تصمد كثيرا أمام ثقل المتغيرات بسبب طبيعة تلك النباتات الموسمية، نظرا لحاجتها المستمرة إلى الصيانة والسقي والحراسة والإنفاق المستمر من أجل تجديد غطائها. والمثير للانتباه أيضا هو أن هذا النوع من المشاريع الهشة يفرض حضوره على حساب الأولويات ومصالح السكان الضرورية، حيث تظل مختلف المناطق السكنية تعاني من الخصاص في البنيات التحتية وفي المرافق الضرورية، بل حتى الطرق تكاد تنعدم في عديد من الأحياء التي ما زالت شبيهة بالمناطق القروية، بالإضافة إلى ضعف الخدمات الخاصة بالمرافق العمومية ( النظافة، الشواطئ، المنتزهات، المرافق الصحية، المؤسسات الصحية ..)
أليس من الأولوية إعطاء الأهمية لهذه الجوانب المغيبة ؟ فكيف لا يتم الاهتمام بدور الإيواء والرفع من مستوى أدائها للمساهمة في محاصرة ظاهرة المشردين والمتسكعين والمصابين بالأمراض العقلية والنفسية وكذلك الأمهات العازبات ؟
ومن أجل ابراز حجم الخطأ الجسيم الذي يقع فيه المسؤولون محليا، نذكر بتاريخ هذه المدينة التي كانت تعتبر مدينة الورود والزهور بامتياز ، كما أن بيئتها كانت تنتج كل أنوع الزهور الطبيعية التي تأقلمت مع بيئة ومناخ المنطقة منذ القدم، وهي ذات مصادر متعددة بعضها جاء مع الأندلسيين، والبعض الآخر دخل مع مجيئ الأجناس المختلفة التي استوطنت طنجة خلال عهود الإستعمار ، مما ساهم في تنويع الغطاء النباتي بطنجة بشكل فريد ومميز على الصعيد الوطني. ولا يقتصر الأمر على المغروسات التي كانت تتوزعها البساتين والأغراس الخاصة وحدائق الفيلات والقصر والإقامات والمنابت التي كانت موجودة مثل غابة الفرنساوي بدار مويكنة، وكانت عبارة عن جنة في الأرض، وكذلك منبت طنجة البالية الذي ينسب لشخص فرنسي أيضا، ثم المنبت البلدي.. بل حتى شوارع المدينة وحدائقها كانت مزينة بالورود والزهور الطبيعية وبالنباتات التي تحافظ على اخضرارها وانتعاشها طول السنة، كما كانت مغروسة بالأشجار المزهرة مثل الأرنج والتوت ومسك الليل .. بل حتى الغطاء النباتي الطبيعي خارج المناطق المبنية كان عبارة عن زربية مزركشة بكل الألوان التي كانت تغشي صفحة الأراضي العارية والمناطق الفلاحية بفحص طنجة، كانت من بينها بعض الأصناف التي يتم قطفها وتصدريها إلى أوروبا من أجل الاستعمال الصناعي ..
وقد ظلت طنجة في طليعة المدن المغربية التي اشتهرت بإنتاج الزهور والورود وكل أصناف النباتات التي تتزين بها الحدائق، حيث شكلت منطقة الجبل الكبير منذ القدم فضاء لتربية الورود والزهور المتنوعة داخل الأغراس وحدائق الفيلات، بل حتى الحدائق العمومية داخل المدينة لم تكن تخلو من الزهور والورود والنباتات الطبيعية التي تحافظ على انتعاشها وخضرتها على امتداد السنة. ومما يدل على ارتباط المدينة بثقافة البستنة وبعشق الورود والزهور ، هو توفرها خلال تلك المراحل على أسواق خاصة ببيع الزهور والطيور في السوق المركزي وسوق الرمل، وفي بعض المتاجر الخاصة .. ولا ننسى أن عشق هذه النباتات كان جزءا من ثقافة الجاليات الأجنبية التي استوطنت طنجة، كما أن فلاحي المنطقة قد تمرسوا على هذه المهنة التي كان منتوجها يحظى بالقبول في السوق، وكانت هناك عائلات تتوارث مهنة البستنة .. فتلك هي طنجة الماضي ، وهذه هي طنجة الحاضر ..
المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين