29‏/10‏/2019

رأي: حراك الريف ليس مقدسا



هناك جرح غائر في شمال إقليم الحسيمة تحاول بعض الجهات نبش.دوبه حمحرجتى يسيل الدم من جديد. وليس صدفة أن يدخل تجار المخدرات على الخط وليس آخرهم سعيد شعو البرلماني السابق في منطقة مثقلة الذاكرة بتداعيات ٱحداث 1958 وما تلاها من تهميش ممنهج طيلة عهد الملك الحسن الثاني.
وقد ولد هذا التهميش إحساسا بالحكرة وغياب الثقة في المؤسسات، كما أن الذاكرة الجماعية مفعمة بثورة عبدالكريم الخطابي ومعركة ٱنوال.
لقد فشل النموذج الإقتصادي المعتمد في المنطقة والمستند على المخدرات والهجرة الى ٱروبا والتهريب. مع ضعف القطاع الفلاحي وانعدام القطاع الصناعي. وهشاشة القطاع الصحي وضعف القطاع التعليمي. مما ولد ارتفاع في معدل البطالة تصل الى 40 في المئة وهو معدل مرتفع جدا. 
وهذه المؤشرات الإقتصادية السلبية تفاقمت بعد انهيار عائدات المهاجرين بسبب الٱأزمة الإقتصادية في ٱوروبا التي انطلقت مع سنة 2008 بٱزمة مالية عالمية سرعانما تحولت الى ٱزمة اقتصادية.
الناس خرجت الى الشارع للمطالبة بمحاربة الفساد في قطاع الصيد البحري منذ شهور. لكن السلطة التفت حول هذا المطلب ووكلت وزير البحر لعرقلة تنصيب بنكيران العدالة والتنمية رئيسا للحكومة فحدث فراغ سياسي ساهم في تنامي الاحتجاجات بالريف.

وعندما نجح الإنقلاب على بنكيران تم تنصيب -حكومة ضعيفة سياسيا ووجدت نفسها. وقد تجاوزتها الأحداث وعجلت باعتماد المقاربة الٱمنية لقمع الحركة الإحتجاجية. وفي سياق مضطرب ارتكبت الٱغلبية الحكومية أخطاء سياسية قاتلة بعد ٱن كالت تهم ثقيلة لقادة الحراك الشعبي. واستغلت السلطة تدخل ناصر الزفزافي ٱحد زعماء الحراك لنسف صلاة الجمعة بالمسجد الرئيسي لمدينة الحسيمة وطرد الخطيب الذي تحدث عن الفتنة. فجن جنون السلطة وشرعت في موجة اعتقالات لم تفلح لحد الآن في كبح جماح المحتجين،مما زاد في تفاقم الوضع. 
ويبدو ان ضعف حكومة العثماني سيرجح خيار المقاربة الأمنية لوزارة الداخلية.
ما يقلقني شخصيا في أحداث الحسيمة هو حضور. شعارات غير ديمقراطية في حراك الريف قد تشكل خطرا على البعد الوطني والديمقراطي في أي نضال سياسي مفترض . وهذا ما يجعل سلمية الإحتجاجات مطلبا ملحا.
ولا يمكن التساهل مع مظاهر تنظيم الإحتجاجات خارج القانون أو استعمال العنف والمس بالممتلكات العامة والخاصة.
إن رفع علم سياسي غير العلم الوطني. وشعار "لا للعياشة" ووصف الأحزاب بالدكاكين السياسية. والتحريض ضد الدولة ومنع مؤمنين من أداء طقوس صلاة الجمعة ، أمر خطير يجب أخذه بعين الإعتبار من طرف كل ديمقراطي في هذا البلد الأمين.

فالسلمية واحترام القانون ورفع شعارات ديمقراطية ليس موضوع نقاش. 
ومهما كان تعاطفنا مع مطالب ساكنة الحسيمة فالحراك ليس مقدسا حتى نتغاضى عن بعض الهفوات نظير اللاسلمية ووصف رجال الأمن بأوصاف عنصرية حاطة بالكرامة. فلا ديمقراطية بدون قانون يردع غير الديمقراطيين. والإطار الأنسب لتحقيق المطالب ليس هو الإحتجاج الى الأبد في الشارع. وتحويل الإحتجاج أو النضال الى حرفة. فاذا طال الاحتجاج في الشارع سيتحول الى عنف قد لا يبق ولا يدر.


بقلم: اسماعيل طاهري

ملاحظة: 
هذا المقال نشر بفضاء البوغاز يوما واحدا من نسف ناصر الزفزافي لصلاة الجمعة. وتمت قرصنة الموقع وحذف جل المقالات المتعلقة بأحداث الريف من جهة مجهولة. وقد تمكنت من الوصول الى هذا المقال في أرشيفي الخاص. وأعيد نشره لكل غاية مفيدة.

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: رأي: حراك الريف ليس مقدسا Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top