21‏/08‏/2016

محمد اليوسفي يكتب: بنكيران ضيف الدولة الثقيل


لا أحد يريد أن يتحدث اليوم، من خصوم أو من حلفاء سياسيين للإسلاميين، عن رجل يدعى بنكيران وضع نفسه و حزبه ومعهما مهندسي الخريطة الحزبية في المغرب أمام رهان حاسم وامتحان خطير عنوانه الترشح للانتخابات التشريعية المقبلة، بما يحمله التحدي من إحتمالات ممكنة للفشل والسقوط المدوي إن لم ينجح الأمين العام ورئيس الحكومة في كسب ثقة سكان قلعته الانتخابية بمدينة سلا.
هذه المدينة المنسية من رئيس الحكومة ستصير حتما بعد أسابيع قليلة في قلب الحدث السياسي والانتخابي في المغرب بأكمله. 
رمزية السقوط كما رمزية النجاح ستعني ضربة كبيرة لحزب العدالة والتنمية وأمينه العام معا أو تأكيدا لشعبيته وقوة حزبه وقدرته على البقاء زعيما لحزبه ولما لا رئيسا للحكومة لولاية ثانية رغم أنف الدولة العميقة.. 
السيناريو مقلق طبعا للكثيرين.. لكن دعونا نتحدث بدون تحامل على الرجل وبعيدا عن اختلافنا أو اتفاقنا معه. من غير بنكيران يستطيع اليوم من أمناء عامين ورؤساء احزاب أن يغامر بمستقبله السياسي ومعه مستقبل حزبه في امتحان الشعبية والانتخابات ؟ من غيره اليوم وهو الذي ترأس الحكومة يضع نفسه أمام اختبار صناديق الاقتراع في زمن سياسي تفتحت فيه عيون أم الوزارات على كل نشاط حزبي يمكن أن يؤول على أنه دعاية إنتخابية للحزب مهرجانا كان أو حتى حفل غذاء أو عشاء؟
بنكيران يرفع التحدي على الحلفاء قبل الخصوم ويضع حسابات الدولة العميقة في معادلة نزاهة الانتخابات وشفافيتها في وقت يتوارى فيه الأمناء ورؤساء الأحزاب إلى الخلف تفاديا للسقوط الكبير الذي سيعني للكثيرين منهم إن حصل موتا سياسيا اكيدا وفي احسن الأحوال انهيارا للزعامة الحزبية. 
نقول هذا ليس لأننا نكن مودة لبنكيران أو ننظر بعين الرضى لحصيلة توليه قيادة العمل الحكومي طيلة خمس سنوات، بل تحديدا لأن سياسته وسياسة حزبه في تدبير الشأن العام كانت كارثية بكل المقاييس على المغاربة جميعا و خصوصا الطبقات المتوسطة التي راهنت عليه كثيرا . فابتداءا من صندوق المقاصة وصولا لصندوق التقاعد كان رئيس الحكومة لا يتوانى في تطبيق ما يراه إصلاحات حتى ولو كانت على حساب شعبيته ومستقبله السياسي. 
طبعا قد لا يعني فوز بنكيران في قلعته بمدينة سلا تصدر حزبه للمشهد الانتخابي في البلاد وتجديد الثقة فيه كرئيس للحكومة لولاية ثانية، لكن بنكيران بترشحه في الاستحقاق المقبل يوجه رسالة واضحة للقصر مفادها: اذا كان الرهان الحقيقي هو رهان الديمقراطية والتأييد الشعبي بما يعنيان من نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، فها انذا أضع نفسي في امتحان الصناديق أمام المغاربة..هم فقط من احتكم إليهم وهم فقط من يمنحني أو يسحب مني الشرعية.. أليس في صعود بنكيران إن حصل مرة أخرى في دائرته الانتخابية احراجا لخصومه وبعض دوائر القرار؟! 
بنكيران ليس كسالفه الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي الذي غادر بدون ضجيج وترك حزبه يتخبط بعده حتى اليوم. بنكيران ضيف ثقيل على الدولة العميقة، يصر على البقاء وعينه على ولاية ثانية مقابلا لما أسداه من خدمات للقصر وصلت حد تعطيل صلاحياته الدستورية وضرب المكتسبات الاجتماعية للمغاربة سعيا لكسب رضى دوائر القرار في البلاد. 
الإسلاميون ليسوا هم الاشتراكيون، الاسلاميون لهم رهان مختلف وتكتيك مختلف يتجاوز الاساليب القديمة للدولة العميقة. يرفضون الانقلاب الهادئ على تجربتهم لكنهم مستعدون للتوافق إن تمت ترضيتهم.

محمد اليوسفي
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: محمد اليوسفي يكتب: بنكيران ضيف الدولة الثقيل Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top