اسماعيل طاهري رئيس التحرير |
بدا واضحا ان ملف الاساتذة المتدربين أخذ مسارا خطيرا الى درجة تهديد ممارسة الحريات فكيف يعقل في دولة تدعي الديمقراطية ان يتم منع مواطنين من ممارسة هذه الحريات المكفولة دستوريا. وامتد الامر الى حد الاعتداء على حرية التنقل بين مدينة ومدينة، بالامس عندما كان يتم تجنيد العربات لنقل المواطنين الى الرباط خارج القانون، قانون السير، للدفاع عن أجندة حكم فشل في تدبير ملف الصحراء المغربية وساهم في اخطائه في تهديد وحدة البلاد والتفريط في الصحراء الشرقية والجزر الجعفرية كما فرط في موريطانيا وانشغل بالهاجس الامني للحفاظ على شكل وجوهر النظام وحفظ مصالح طبقة ريعية من الانتهازيين والكومبرادور المحكم القبضة على الإقتصاد الوطني. وامتلكت الدولة وأجهزتها شجاعة الحديث عن تنظيم مسيرة دعت اليها الاحزاب والنقابات والمجتمع المدني.. ومتى وأين اجتمعت هذه الاحزاب والهيئات لتقرر بسرعة البرق تنظيم مسيرة ضد بان كي مون. ومنذ تلك الفترة ونحن نبحث عن وثيقة تضم توقيعات الأحزاب والنقابات تدعو الى مسيرة. ولم نجدها. ما وجدناه هو تصريح نبيلة منين الامين العام للحزب الإشتراكي الموحد التي ألمحت الى عدم دعوة حزبها الى المسيرة ودليل ذلك أنها لم تشارك فيها وفضلت السفر الى الناظور لتاطير ندوة سياسية. فكيف يشارك وزير الداخلية التكنوقراطي ويغيب الامين العام لأكبر حزب من اليسار الجديد؟ دون الحديث عن رفاق مصطفى البراهمة في حزب النهج الديمقراطي.؟
ملف الاساتذة ملف فئوي وليس ملفا سياسيا، وإن كان يهم عشرة آلاف أسرة تنتظر من هؤلاء الشباب إعالتها أولا قبل تقديم خدمة تكوين أجيال المستقبل. والاحزاب القوية لا يمكن لها إلا ان ترى في هذا الملف طابعه الإجتماعي الفئوي الصرف. ولكن الملف صار ملفا حقوقيا أمام حجم العنف الذي تواجه به الوقفات الاحتجاجية للأساتذة في الأماكن العامة. وهذا الملف لم يصل الى حد اعتباره ملفا نقابيا فالاتحاد الوطني لطلبة المغرب لم يعد له وجود داخل المراكز التربيوية لمهن التربية والتعليم.
وبالمناسبة فحتى رئيس الحكومة لايعول على أصوات الأساتذة المتدربين في حالة توظيفهم دفعة واحدة، فحزب الاستقلال الذي وظف حوالي اربعة آلاف دكتور وحاصل على الماستر في 2011 بعد خوف الدولة من تداعيات خطر تحول حركة 20 فبراير الى العنف. لم يستفد حزبه من هذه أصوات وخدمات هذه الأطر التي معظمها اليوم لم يقدم إضافة نوعية في المناصب التي يشغلونها في قطاعات العدل والمالية وغيرها وصورتهم سيئة جدا داخل الادارات التي يعملون فيها. وهذا من الأسباب التي حملت بنكيران على رفض توظيف الالف المتبقية في محظر يوليوز وامتنع عن إصدار مرسوم بتوظيفهم.
والاساتذة المتدربين يخافون من تكرار تجربة محضر يوليوز لذلك لا يثقون في وعود بنكيران ووالي الرباط بكون توظيف دفعتهم الثانية في القانون المالي للسنة المقبلة والحال أن هذا في علم الغيب لكون القانون المالي لسنة 2017 ستعده حكومة انتخابات 7 أكتوبر الخاصة بمجلس النواب وهذه الحكومة وأغلبيتها هي من يقرر في مصير الدفعة الثانية. وهذه متاهة رفضها الأساتذة المتدربون الذين يخافون من فقدان منصب شغلهم المفترض، ومن المرجح أن يكون الفقدان الى الأبد. إسألوا المعطلون أصحابا الإجازات الذين ينتظرون منذ 1993 العمل في إطار الوظيفة العمومية وعودوا الى محاضر ووعود رؤساء الجماعات المحلية وعمال الأقاليم بتوظيفهم التي ذرتها الريح مع مرور السنين.
لهذا يستغرب بعض السياسيين والنخب من سر قوة وصمود الأساتذة المتدربين. إن هذا السر يكمن ببساطة في"شبح البطالة" وعدم الثقة في الدولة المغربية المتقلبة الأطوار، واذا استمرت وحدنهم وصمودهم فمطالبهم ستتحقق. حتى ولو تم تأجيل عودتهم الى مقاعد الدراسة خلال الموسم الدراسي الجاري الى نونبر القادمن فآنذاك سيتم تكوينهم وتوظيفهم دفعة واحدة مع ما يرافق ذلك من تكييف مسطري وقانوني.
ألم يفقد المتضررون من ملف محضر يوليوز المبادرة بعد خروجهم من الشارع وتحويل ملفهم الى مناورات سياسية داخل البرلمان خصوصا بعد أن حاول حزب البام الركوب عليها. ويمكن الجزم أن بنكيران انتصر في هذا الملف ولو بغير حق.
إذا خرج الأساتذة المتدربون من الشارع ضاع ملفهم في دهاليز السياسة والبرلمان واللجن. وبنكيران والادارة يخافان من انتقال عدوى العودة الى الشارع لتحقيق المطالب الى فئات اخرى كضحايا محضر يوليوز والمعطلون المجازون وضحايا التربية غير النظامية وقد يستفيد منها حتة تحالف النقابات في ملف التقاعد وغيره.
الدولة تراهن على استعادة التحكم في الشارع وإنهاء قوس الحريات الذي كفلته 20 فبراير ولملمت ملف الاصلاحات الدستورية التي تجمدت منذ موت الحسن الثاني، لذلك حركت بنكيران من وراء ستار لاصدار البيان المعلوم لمنع مسيرة 14 أبريل ولم يجف حبره حتى خرج وزير الداخلية في بيان ناري يشرح فيه على مقاسه الحريات العامة والضبط والأمن العام لدرجة يذكرنا هذا بالبيانات النارية لحكومات الحسن الثاني عشية الإضرابات العامة التي كانت تدعو اليها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين.
ما ضاع حق وراءه مطالب وطالب وأستاذ عامل أو متدرب حقيقي أو مفترض.
بقلم: رئيس التحرير اسماعيل طاهري
بقلم: رئيس التحرير اسماعيل طاهري

0 التعليقات