الراحل المناضل أيمن المرزوقي |
بقلم: إسماعيل طاهري
توفي المناضل أيمن المرزوقي بمدينة طنجة يوم 12 فبراير 2013 وهو أحد أبرز وجوه اليسار الجذري بالمغرب تحمل مسؤولية عضوية أول مكتب سياسي بعد توحيد اليسار في 2001 وتعفف من المنصب معبرا عن آرائه بحرية وكان صوتا صداحا بمقالاته في جريدة الحزب التي كانت تشي بحرارة قوية وعمق في التحليل وتوجيه دقيق نحو الحلقة المركزية في التوحيد ومهامه ورهاناته.
منذ سنوات أصيب بحريق جلدي بمطبخ بيته مما ألزمه الفراش لعدة أسابيع لكن ورغم الحروق التي لازالت لم تشف عاد المرزوقي الى نشاطه السياسي والمدني بحيوية وهمة ونشاط متحديا المرض الذي الم به واستمر كذلك الى آخر أيامه مناضلا صلبا لم تسعفه الخلافات وحروب المواقع بالاشتراكي الموحد من تفجير كامل طاقاته النضالية والفكرية لم ييأس في الحلم بغد أفضل، وكان عطوفا على حركة 20 فبراير بل انخرط في نضالاتها منذ انطلاقتها قبل سنتين وكل ذلك لم يمنعه من توجيه نقده البناء لهذه التجربة داعيا الى اعادة تجديد دمائها والرقي بها الى مدارج اعلى حتى تساهم في تقدم وازدهار الشعب المغربي التواق الى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
كما كان عضوا نشيطا في فرع اليسار الموحد بطنجة وسعى بكل قواه من أجل العمل على تقوية التوحيد وجعل فرع طنجة من أقوى الفروع وطنيا لكن أمانيه لم تحقق كما كان يحلم أمام سيادة الحلقية وتسلط عناصر مشبوهة على التنظيم منها من غادر الحزب حاليا ومنها من ينتظر، إضافة الى صعوبة العمل السياسي النبيل في طنجة الموسومة بمقبرة العمل السياسي.
مثل وجها بارزا من وجوه العقلانية والفكر المتنور بالمدينة الى جانب المصطفى أقبيب وعلي الطبكي والطيب بوطبقالت وآخرين من رواد الفكر الحداثي بمدينة البوغاز وساعده في ذلك اشتغاله كاستاذ لمادة الفلسفة بثانوية زينب النفزاوية بطنجة.
طنجة تودع احد ابنائها البررة في جنازة مهيبة حضرتها جل الاطراف السياسية بالمدينة
http://pnnpress.com/anbae/3040
شيعت مدينة طنجة يوم الاربعاء 13 فبراير 2013 احد قياديي الاشتراكي الموحد الراحل أيمن المرزوقي في جنازة مهيبة حضرتها كل الاطراف السياسية بالمدينة الذين اكدوا جميعهم على مناقب الراحل في الدفاع عن الحقوق والحريات، وقد انطلقت الجنازة بعد عصر اليوم من مسجد مجمد الخامس بطنجة في اتجاه مقبرة المجاهدين مشيا على الاقدام .
وقد شارك في الجنازة جل قياديي حزب الاشتراكي الموحد وعلى رأسهم الامينة العامة للحزب نبيلة منيب وعضو المجلس الوطني محمد الساسي والامين العام السابق محمد مجاهد و الناطق الرسمي عبد الإله المنصوري كما حضر احد ابرز قيادي الاصالة والمعاصرة الياس العماري وعمدة مدينة طنجة فؤاد العمري و المعتقل السياسي السابق بتزمامارت احمد المرزوقي وثلة كبيرة من السياسيين والحقوقيين بمدينة طنجة.
كما لاننسى مشاركة الحركات الاسلامية كحركة الامة والتوحيد والاصلاح والعدل والاحسان وجل الاحزاب السياسية بالمدينة كما كان لافتا حضور تلاميذ ثانوية زينب النفراوية علما ان الراحل مدرسا لمادة الفلسفة بالثانوية المذكورة.
وقد وري الراحل الثرى بمقبرة المجاهدين حيث ألقى نائب الأمين العام محمد الشافعي كلمة أشاد فيها بمناقب الراحل ونضالاته التاريخية، ان الراحل ايمن المرزوقي ترك بصمات واضحة على كل المستويات داخل مدينة طنجة وعلى المستوى الوطني حيث كان دائما منصفا في حق الاخرين بتواصله الهادئ واخلاقه النبيلة كما ان الراحل ساهم مساهمة فعالة في انجاح الحراك الشعبي بمدينة طنجة والعمل على تقريب وجهات النظر بين كل الاطراف رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جنانه ورزق اهله وذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
شهادة مصطفى الشافعي
إلى رفيقي أيمن المرزوقي
مرت سنين عديدة بيننا بأيامها و لياليها ، توجت بتأسيس علاقات قوية تتفاعل مع غيرها باتجاه المساهمة في دينامية شعبنا من أجل أن ينعم المغرب بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، تجندنا لها معا من خلال حب رفاقي تفاصيله مذهلة ،مرت سنين عديدة على إيقاع مواقف حالمة و على أيام هاربة من حياتنا، مرت سنين عديدة انفجرت فيها طاقتنا سنبلة في الأرض، و اليوم الثلاثاء 12 فبراير يخوننا قدر لا يرحم.
الشافعي مصطفىترحل عنا، رفقي و صديقي و أخي أيمن، لكن بقايا حلمنا يستمر ، زارني طيفك في الآونة الأخيرة في أوقات متعددة و مع رفاق كثيرين لكن أقوى زيارة لك كانت مع الفجر. أنا الآن يا رفيقي محاصر و خائف من مجهول ، أسمع صوتك يأتني من بعيد حاملا الحزن المرفوق بالابتسامة ، أجلس الآن أتفقد صورك و أتساءل كيف مرت كل هذه السنين الكثيرة من التوجعات و الألم و العذابات ،و لحظات فرح قليلة؟
أحاول أن أستعيد تفاصيل أكثر عن حلمنا بالأمس القريب. لا أتذكر منها سوى القليل لأنها غزيرة لا يمكن استعادتها إلا بوجودنا معا، و هذا ما لا يمكن أن يتحقق بعد رحيلك عني و عنا جميعا.
غيابك اليوم عني يحزنني و يقلقني ، لا أقول رحيلك، لأنك ستظل حاضرا بوجداني وذاكرتي لأنك جزء من تجربتي و أنا كذلك، عندما كنا نغضب نغادر بعضنا للحظات، و نستأنف بناء حبنا من جديد لأننا لن نندم عليه أبدا.
بعد أن عدت إلى منزلي و أنا أحمل معي خبر موتك الذي سقط علي كالفاجعة هذا المساء، أردت أن استرجع ذاكرتي معك بما ترمز إليه من مساحات مشتركة، فوجدت أوراقا مرت على كتابتها 20 سنة ، و قلت يا ليثني كنت مع رفيقي أيمن لأذهب إلى البحر و أختم معه الأمسية بأغنيات جميلة .
ها أنا بمنزلي، حزين لفراقك، يعتصر قلبي ألم قوي و استرجع معك حبنا للوطن و عنادنا القوي من أجل إعادة الثقة لقيم الحرية و العدالة الاجتماعية و الكرامة التي يحاول أن يختطفها منا سماسرة الخراب وآلة الفساد.
ايمن المرزوقيبالتأكيد، أننا أضعف أمام الموت، لكننا أقوى من اليأس، و هذا ما حذا بنا أن نكون من أول المنخرطين في حركة 20 و ها أنت تفارقنا على بعد أسبوع من الذكرى الثانية لانطلاقها،
رفقي أيمن، و جدت نفسي في اللحظة الأولى لسماع خبر وداعك للحياة من غير مقدمات، تائه في البداية و كأني في حلم ، انه إيقاع الأحزان اللانهائية التي تجعلنا منشغلين بالأسئلة الكبرى و نعيش دهشة طفل أمام غموض الكون .
لا بأس، رفيقي، دوما كانت رغبتنا المحرقة إلى الحياة هي التي تصنعنا كأفراد حالمين على حافة الخطر، هذه الرغبة القوية للحرية هي التي تجعل منا في لحظات من حياتنا كائنات استثنائية،
أجل، دوما كنا نقول إن الهدف الرائع للحياة هو أن نعيش أحرارا و لو كنا نعيش على حدود الموت، نعيش على حدود الخطر معناه أن تخترقنا تصدعات و شقوق و انقطاع ، لكن قناعتنا الصميمية المشتركة هو أن يوجد مشترك إنساني و مكتسبات كونية تتراكم عبر تاريخ البشرية الطويل و الصعب.
وما الحداثة و المواطنة و المساواة و حقوق الإنسان و المساواة بين النساء و الرجال إلا مكتسبات إنسانية ضد قيم الاضطهاد و العنصرية و الديكتاتورية و التعصب و الانغلاق، لك مني عهد الوفاء لها رفيقي أيمن.
رفيقك الشافعي مصطفى
12 فيراير 2013. عن موقع لكم