الأربعاء، 22 أكتوبر 2025

تونس: رد حركة "جيل زي" على خطابات النظام المستهلكة


وصف الرئيس التونسي قيس سعيد معارضيه بالخونة. وكان رد حركة زي/Z التونسية عبر هذا البيان:

تنويه: هذا البيان طويل بطول معاناتنا 


أيها الشعب التونسي الكريم، نحن "جيل زي".. لسنا مجرد حركة شبابية عابرة، بل نحن الضمير الحي لأمة حاول النظام قتله، ونحن الذاكرة الحية لثورة حاولوا نسيانها. نحن الجيل الواعي الذي اختطفت المنظومة مجال الحريات العامة منه، واحتلته لصالح تنظيماتها وخطابها الأحادي. نحن من يتذكر جيداً حين طالب أبناء تونس بالحرية وباسترداد ما انتُزع منهم، وخرجوا ثائرين ليواجهوا بالرصاص، وتضيع حقوق شهداء وجرحى الثورة إلى اليوم، وتتكرر محاولات محو ذكراهم من الذاكرة الجماعية.


تواصلت عجودة المنظومة التي رممت نفسها، وشارك في ترميمها كل الأحزاب والسياسيين بلا استثناء، لتحتل مجالات التعبير والحرية البديلة التي التجأ لها شباب تراه السلطة فقط مشاريع مساجين أو مساندين أو مرحلين غصبا، من دول عبروا البحار ليهربوا إليها من القمع والفشل والتخوين وعداء النظام لهم. نحن الجيل الذي يقتل في ملاعب كرة القدم وفي مراكز الإيقاف وفي الشارع، ويموت في مستشفيات تشبه المسالخ، وتموت أحلامه في مؤسسات تعليم تقتل فيه إنسانيته وتجهزه ليكون آلة تملأ الفراغات التي تحددها السلطة.


نحن الجيل الذي لا يستطيع التنفس في قابس، ويُرمى من مدارج طيب المهيري في صفاقس، ويقال له "تعلم عوم" في رادس، ويختنق ببطاقات الإيداع العشوائية، ويرى عائلاته تعاني اقتصاديا واجتماعيا، ويستفيق وينام على أخبار القمع. هذا الجيل، يا رئيس السلطة، ليس خائناً، هو فقط يرى أنه وأمهاته وآباؤه وكل أبناء تونس هم الوطن الحقيقي الذي يجب أن يكون وفياً له. هو جيل لا يرى سببا لتطويع الإعلام من قبلكم، ولقتل العمل المدني، وإخضاع القضاء، وتلفيق القضايا للسياسيين والناشطين، والانقلاب على كل ما مات من أجله الشهداء، سوى أن القمع هو غاية النظام وقلبه، لا مجرد وسيلة. 

ستقول إننا متحزبون، وسنسألك: هل تركت أنت أحزاباً في تونس بخلاف تلك التي تصفق لك، وأنت تقمعنا؟ ستقول إننا ممولون من الخارج، وسنسألك: هل نحن من يعمل ليلاً نهاراً لإثقال كاهل البلاد بالأموال الخارجية والقروض، ليغطي عجزه التام عن إحداث أي إنجاز وأي قيمة مضافة وأي حل حقيقي؟ ستقول إننا مأجورون، فنسألك: هل نحن من يوافق على تسليم التونسيين المهاجرين بتلك الطريقة المهينة من أوروبا، وكأنهم ثمن للغطاء السياسي والسكوت على القمع؟ ستقولون للشعب إننا تهديد لهم، فنسألكم: هل نحن من قتل موطناً في عقارب، وقمع أهلها أياماً، ليتمسك بهوايته في قتلهم بالفضلات والمصبات والقمامة الإيطالية، ويحرمهم من العيش كبشر؟ وهل نحن من ينكر واجبه في حمايتهم، ويرميهم بأبشع التهم فقط لأنهم رفضوا أن يعتدى على أرضهم كما حدث في سيدي بوسعيد؟


نحن من يرفض حلولكم الأمنية القمعية، ويرفض أن يعيش في دوامة العنف السلطوي. نحن من كنا نطالب بأن تعاملونا كبشر ومواطنين، قبل أن تغتالوا الوطن ومن فيه، وتعادلونا بمنطق الاحتلال والقمع. نحن من لا نبالي بما تنعتوننا به، ولا بتنظيمكم الموازي الذي ينعتنا أعضاؤه بالمتآمرين. ونحن من لن ننصاع لخطاب إعلام تسيطرون عليه، يبث الفتنة والتفرقة بيننا نحن التونسيين، لتحكموا وتتحكموا. نحن من سئمنا من قمع بوليسكم الذي يمتهن حماية النظام من الشعب، وخطاب إعلامكم الذي يطل علينا من خلاله أبواقكم، لتفتنوا وتفرقوا وتهدموا بشعارات البناء. نحن من لا يرى بناءً يشيد في تونس غير السجون والدكتاتورية والقمع وضياع الحقوق.

نحن وجدنا وخرجنا لأجل كل ما سبق. السؤال الأساسي هو: من دفعنا؟ وماذا دفعنا لنخرج؟ الإجابة واضحة: الجدران التي كتبت عليها شعاراتنا، أعاد النظام طلاءها. الشارع الذي كنا نعبر فيه، صار شِجنا مفتوحاً تتوسطه أدوات القمع والرقابة. الإنترنت صارت محكومة بمرسومك سيء الذكر، قاتل التعبير. تعليمنا يعاني، صحتنا تعاني، أهلنا يعانون، ونحن نعاني معهم.


هل تظن أننا خائفون؟ نحن الجيل زي.. بالعربية أيضاً، لا باللاتينية فقط. بالعربية لتنظر إلى الحرف وهو يتوسط الأبجدية، كما نتوسط نحن شعبنا ومطالبه. وإن أردتها باللاتينية، فأعد التفكير وانظر إلى ما بعدنا.. لن تجد شيئاً.. خصوصاً القمع وأدوات نظامه. لا نخاف من كل ما سبق.. نحن أبناء الوطن.. نعرف الفرق بين الوطن والنظام.. ولن نموت أو نترك أبناء شعبنا يموتون ليحيا النظام.


نحن، يا رئيس، نؤمن بالحقوق وبالبشر أكثر من إيماننا بالسلطة، ونؤمن بأن كل ما سبق يقتل الوطن.. وسنموت ليحيا الوطن. نحن "جيل زي".. الاسم الذي اخترناه لأنفسنا، لأننا نرفض أن يطلق علينا الآخرون أسماءهم، ونرفض أن تكون هويتنا مما تصنعه السلطة. "زي" في العربية حرف الوسط، لأننا نريد أن نكون في قلب الوطن، لا على هامشه. "Z" في اللاتينية حرف النهاية، لأننا نريد أن نكون نهاية عهد القمع، وبداية عهد الحرية.

نحن ورثة كل الحركات الشبابية التي سبقتنا، من "حركة الشباب التونسي" التاريخية إلى "تكريز" و"زواولة" و"مانيش مسامح". نحن حلقة جديدة في سلسلة النضال الطويلة، لكننا حلقة مختلفة، لأننا تعلمنا من أخطاء الماضي، ونعرف أن النظام لم يتغير، بل تغيرت أقنعته فقط.


نحن لسنا ضد النظام لأنه نظام، بل لأن هذا النظام بالتحديد أصبح عدواً للشعب. نحن مع الشعب، وسنظل مع الشعب، حتى لو كلفنا ذلك حياتنا. لأننا نعلم أن بعض الموت من أجل الحياة، خير من بعض الحياة من أجل الموت.


نحن "جيل زي".. الجيل الذي يرفض أن يكون جيلاً ضائعاً بين رصاص الماضي وقمع الحاضر. الجيل الذي يرفض أن تموت أحلامه في سجون النظام، أو في قاع البحر. الجيل الذي يريد أن يعيش في وطن حر كريم، أو يموت وهو يحاول.


هاته هي اجابتنا..  وهذه هي حقيقتنا.. فلتسمعها السلطة، وليسمعها العالم.. نحن هنا.. ونحن باقون.

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: تونس: رد حركة "جيل زي" على خطابات النظام المستهلكة Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top