الأحد، 24 أغسطس 2025

⚫️وداعا الرفيق المناضل عزيز المنبهي🇵🇸🇲🇦



بعد دخوله في غيبوبة،ترجل الفارس المناضل الصلب عن صهوة الجواد تاركا جرحا في اعماقنا،ولوعة في قلوبنا

غادرنا دون ان يرى ذلك المغرب الذي حلم به مغرب الحرية و الديموقراطية ،لقد فقدت حركة اليسار الجذري أحد أبرز مناضليها،مما يعد خسارة للصف التقدمي .

الفقيد العزيز من مواليد مراكش عام 1950،وأحد المؤسسين الأوائل لمنظمة إلى الأمام الماركسية  اللينينية، ومناضل جسّد في جسده ومعيشه تاريخ اليسار الجذري المغربي.مساهم قاعدي في واجهات الصراع الطبقي ضد التحالف الطبقي الحاكم،

انتخب رئيسا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في المؤتمر الخامس عشر ،غشت 1972.الذي قاده رفقة رفاقه (الجبهويين)حيث استطاعت “الجبهة” قبل ذلك أن تفوز بالأغلبية المطلقة من عدد المؤتمرين المنتخبين للمؤتمر الخامس عشر “لأوطم”، وذلك على الرغم من الجهود التي بذلها الاتحاد والتحرر لكي لا يتحقق لها ذلك الفوز، مستعينين في ذلك بالتحالفات التي عقداها مع كل الجهات المناوئة للجبهة – بما فيها الأطراف الرجعية كما حدث ذلك بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط.

أدار المؤتمر تحت شعار "لكل معركة جماهيرية صداها داخل الجامعة" بحنكة وإرادة صلبة في مواجهة القمع والتفكيك والانقسام. ومحاولات النظام لتصفية المنظمة،في عز سنوات الجمر والرصاص بالتزامن مع محاولات الانقلاب العسكري على الحكم..

عقد المؤتمر على صفيح ساخن وعرف انتخاب فريق جديد من الجبهويين في اللجنة التنفيذية بزعامة الفقيد عبد العزيز المنبهي،وكانت تلك المحطة ساحة للنقاش الديموقراطي لكل الفصائل،ومحطة لإعادة الاعتبار،وأكد من خلالها الفقيد أن وحدة الفصائل الثورية شرط لبقاء الاتحاد أداة نضالية،وساهم بتوطيد أركان المبادئ الأربعة للاتحاد ك"منظمة جماهيرية، تقدمية، ديمقراطية ومستقلة"، منخرطة في قلب الصراع الطبقي ضد  الرجعية والرأسمالية،

ولتأكيد أن الاتحاد ليس نقابة لتحقيق مطالب جزئية، بل ساحة للصراع ضد الاستبداد بكل أصنافه ورابطا بين الدفاع عن التعليم العمومي وحق الشعب في السكن والعمل والصحة...،معتبرا أن النضال ليست شعارا بل التزام أخلاقي وأدبي وسياسي

ولم تمض إلا أربعة أشهر على المؤتمر 15 لـ”أ و ط م” ليتم حظره في 24 يناير سنة 1973. هذا الحظر الذي دام حوالي 5 سنوات حد كثيرا من حركية الاتحاد خصوصا بعد اعتقال الفقيد المنبهي،وبداية مسلسل تقهقر الحركة وجزرها في ظل الحملات المتتالية للقمع الذي استهدفها الى ان استولى عليها أذناب النظام وعملائه...

رحل الفقيد متحسرا على مآلات المنظمة الطلابية التي دخلت في نفق مظلم...

فهو يمثل مرحلة مهمة من تاريخ أوطم،ومن تاريخ القوى الحية التي واجهت الإستبداد في عز سنوات الجمر والرصاص، وأدى الثمن الغالي من حريته وصحته،وفقد شقيقته في نفس الطريق وهي في عز شبابها...

ولا يمكن ان ذكر الفقيد دون والدته الراحلة السيدة فخيتة هلالي، التي خاضت الاعتصامات والاضرابات عن الطعام، وناضلت ضمن هذه مجموعة.أسر المعتقلين السياسيين

، وعاشت مع ابنتها الشهيدة سعيدة لحظات إضرابها عن الطعام إلى حين وفاتها بالسجن.

 اختطف الرفيق الراحل في يناير 1973وتعرض للتعذيب

 الوحشي ولم يظهر له أثر الا في فبراير 1974 بالسجن

،حيث ظل وراء القضبان الى ان قدم للمحكمة في غشت 1977،حيث افرج عنه،واستطاع مغادرة المغرب الى المنفى الاضطراري،

خرج من تلك المعركة في مواجهة الجلاد أكثر صلابة في مواقفه رغم النذوب التي تركتها في صحته،وبعد بضعة أشهر سيفقد شقيقته الشهيدة سعيدة المنبهي بعد الإضراب الشهير للمعتقلين السياسيين عن الطعام ..

عاد الى المغرب عام 1994 بعد فترة انفراج قصيرة لكنه عاد الى منفاه الفرنسي،ولم يتنازل عن مبادئه وأفكاره 

ومن القلائل الذين ربطوا بين النضال الطلابي والجماهيري والعمل السياسي الجذري،فالنقد الشيوعي لا يؤمن بالتراتبية ولا يمارس التمييز واللامساواة بين المناضلين، كما أنه ضد التقديس والتبجيل والتعظيم مهما كانت الأشكال والمضامين والصيغ

وفي هذا السياق انتقد الراحل ابراهام السرفاتي عند عودة هدا الاخير الى أرض الوطن،وانصهاره مع خرافات ما يسمى بالعهد الجديد،بعد أن ادار الظهر للشهداء ولرفاق السجن والكفاح ولأكبر وأهم جزء من نضاله ضد الملكية، 

وخان أفكاره وقناعاته ومواقفه السابقة،وخيانة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والمعدومين وكل الكادحين والمستغلين في بلادنا..وأن الثبات على المبادئ هو ما يمنح المناضل الشرعية التاريخية.

في السنوات الاخيرة ظل الراحل يساهم في الآسابيع النضالية  للفصائل الطلابية المغربية اليسارية مؤكدا ان على المنظمة الطلابية أن تظلمتشبتة بخطها التقدمي و بمبادئها الديمقراطية …و بانه سيثني عزم و اصرار الجماهير الطلابية على الدفاع عن منظمتهم باعتبارها المدافع الصلب عن حقوقهم و مطالبهم ،والدرع الواقي من هجمات الرجعية و مؤامراتها ،وباعتبارها رافد من روافد نضال الجماهير الشعبية الكادحة و المسحوقة من اجل تعليم ديمقراطي شعبي و من أجل الحرية و الديمقراطية و العيش الكريم ، وجبهة من جبهات كفاحه المناهض للرجعية و اللامبريالية و الصهيونية

دافع الرفيق الراحل عن القضية الفلسطينية واعتبر النظام المغربي عميل للاستعمار والامبريالية والصهيونية..قائلا:

"من يريد معرفة مرتكبي الجريمة فانه سيجدهم في من يحتل أرض فلسطين ، و يسعى الى اجثتات و ابادة و تشريد الشعب الفلسطيني …

من يريد البحث عن مرتكبي هذه الجريمة فانه ,سيجدهم في ,نظام الاحتلال الصهيوني العنصري ، المدعم من

...طرف الامبريالية العالمية والأنظمة العربية الرجعية…"

ظل يصارع من أجل الأفكار الثورية الوطنية الديموقراطية الشعبية ومن اجل التحرر والاشتراكية حتى آخر رمق من حياته،حين توقف النبض في أحد مستشفيات مدينة نانت الفرنسية حيث كان منفاه القسري 

عن وطنه الذي ظل يسكنه..

ناضل من أجل فرض تعليم علمي وطني ديموقراطي،و جامعة ديموقراطية شعبية ،يلعبان دورهما في تنمية اقتصادية ديموقراطية،متحررة من سيطرة الرأسمال و الامبريالية و الصهيونية ، و في بناء و تطوير مجتمع متنور و مزدهر قادر على الاستجابة لمطامح و تطلعات العمال و الفلاحين و كامل شعبنا الكادح ، في الكرامة و الحرية و ممارسة سلطته و سيادته على أرضه و خيراته

وآخر ما صرح به وهو في المصحة حين استقبل رفاقه الذين قاموا بعيادته وبابتسامته الجميلة:

"كنتُ ماركسيًا لينينيًا، وسأظل ماركسيًا لينينيًا، وسأموت ماركسيًا لينينيًا."ظل صامدا وفيا لقناعاته حالما بمغرب الديموقراطية والحرية والكرامة.إنه نبراس للأجيال ومثال في معنى أن تكون يساريا قولا وفعلا..

صدر للرفيق الراحل عبد العزيز المنبهي كتاب (سيرة ذاتية) سنة 2022 بعنوان:

"Crimes , mensonges , trahison et résistance"

عاش منتصب القامة،ورحل مثل الأشجار التي تموت واقفة

تعازينا الحارة للصديقين ؛ خديجة المنبهي وزوجها عبد العزيز الوديي ولزوجته وابنائه،وكل أفراد العائلة 

نم قرير العين يا رفيق وما بدلت تبديلا،وسنظل على الطريق أفراد وجماعات جيل بعد جيل حتى تحقيق حلمك وحلمنا

ستبقى حاضرا في ذاكرتنا، وإرثنا الوطني والفكري وستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة في مسيرتها نحو الحرية والتحرر

لن تسقط الراية...تسقط الأجساد لا الفكرة.

أفكارك ومواقفك الثورية ستبقى خالدة 

لروحك الرحمة والسكينة.


عبد المجيد المصد

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: ⚫️وداعا الرفيق المناضل عزيز المنبهي🇵🇸🇲🇦 Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top