انتقل إلى عفو الله أستاذي الأول سيد المكي فقيه مسجد قصر قطع الواد 50سنة تتلمذت على يديه عندما كنت في السنة الخامسة من عمري رفقة شلة من الطلبة. وبفضل عطائه
تمكنت أجيال وأجيال من حفظ القرآن الكريم والحديث الشريف وتعاليم الدين الإسلامي السمحة.
وتمكنت بفضله من حفظ حزب سبح في سن مبكرة جدا.
لقد كان سيد المكي نموذجا للمثقف النبيل الذي حبب الدين لكل فئات المجتمع المحلي . وكان يقضي كل وقته في القراءة وبعض الأعمال الفلاحية البسيطة في خطابات المنطقة .
وكان حريصا على التدخل في حل المشاكل العالقة بين السكان بكل حلم وروية .
وسهر طيلة مساره المهني على حفظ كرامته وصانع هيبته كعالم دين متواضع وكانت خطبه خفيفة على القلب ولا يمل منها المتتبع. وأحيانا يبدو عليها الغموض لأنه يوجه الإرشاد بالإشارة والتلميح ولا يركب صهوة الوضوح الا في الأمور التي تقتضي الوضوح. لا يجرح أحدا ولا يجرح في أي فقيه. حريص على ابتسامته المنبعثة من أعماق رجل مؤمن حقا وحقيقة.
لقد ظل الفقيه سيد المكي يسكن في قلوب سكان المنطقة ولم ينساه أحد ولم يذكره أحد بسوء، وحرص على حفظ خاطر الجميع وعدم إحراج أي أحد من لهم الجرأة في التنوع في أمور الدين عن جهل أو عن تدين خارج عن .
الإعتدال والسماحة
...خصوصا منذ نهاية الثمانينيات عندما كانت ،بذور الوهابية والتزمت تجتاح الثانويات..
لقد مثل سيد المكي قيم الوسطية الإعتدال التي يرى أنها الدين نفسه وعمل طيلة مساره الطويل على تكوين عشرات الأئمة والطلبة الذين ظلوا يقدرون ويحترمونه لدرجة أنهم رفضوا أن يحلوا محله في المسجد الكبير لقطع الواد عندما أحيل على التقاعد وظل المسجد بدون فقيه لسنوات وظل السكان متشبثون به ويرفعون العرائض والمراسلات إلى وزارة الأوقاف استأنف عمله لكنه رفض بسبب العياء والكبر.
سيد المكي هو الفقيه الوحيد الذي يتفادى أن يصدر أحكام التحريم في القضايا والنوازل التي تعرض عليه خصوصا خلال تجمعات الأهالي في والعقائق والانجازات وكان يسهل على الناس أمور حياتهم ويركز على أهمية النية التي تقف وراء تصرف المرء.
سيد المكي عالم حقيقي كان يحرص سنويا على زيارة كبريات المكتبات بالدار البيضاء والرباط وفارس لتعزيز مكتبته بأنهما كتب الدين والحديث. ومثل مرجعا علميا لكل فقهاء المنطقة على مدى خمسين سنة. ولم يسع يوما لمنصب لا في مجلس علمي ولا في غيره. كان قناعة بما رزقه الله وكان حريصا على استعمال منزله الخاص في السكن وكان واعدا في الدنيا حريصا على تربية أطفاله تربية حسنة وكلهم حفظة قرآن كريم. وكلهم ناجحون في حياتهم المهنية والأسرية.
وبهذه المناسبة أتقدم بخالص العزاء إلى زوجته وأبنائه كل واحد باسمه وانا لله وانا اليه راجعون.