أعلن في باريس هذا الصباح عن رحيل بلال الحسن أحد أبرز القامات الإعلامية العربية الذي ارتبط اسمه بتجربة مجلة "اليوم السابع" التي صدرت من باريس بين 1983 و1991، وضمت في هيئة تحريرها نخبة من أبرز المثقفين والكتاب العرب وهي مجلة فلسطينية نالت دعم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، وضمت هيئة تحريرها كتابا وأدباء ومفكرين عربا مرموقين ضمنهم جوزيف سماحة، مدير التحرير، ومحمود درويش، وعيسى مخلوف وحمد الباهي حرمة. وكتب فيها إميل حبيبي، سميح القاسم، شاكر مصطفى، حسن حنفي، محمد عابد الجابري، طارق البشري، صلاح محمد ابراهيم، أنور عبد الملك. وقد كان بلال الحسن رئيسا للتحرير.
وقد اشتهرت بحوارها المثير بين فيلسوفين عربيين بارزين هما الاستاذان محمد عابد الجابري وحسن حنفي تحت عنوان "حوار المشرق والمغرب" الذي أنجزه الصديق فيصل جلول ونشر مضامينه في أكثر من كتاب فيما بعد.
وقد بدأ الراحل بلال الحسن مساره في الكتابة ضمن مجلة "الحرية" التي كانت تصدرها "حركة القوميين العرب" من بيروت، وكان ضمن كتابها الروائي والكاتب الشهيد غسان كنفاني.
كما كان بلال من مؤسسي جريدة "السفير" اللبنانية سنة 1974. وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982، اضطر لمغادرة بيروت والاستقرار في دمشق، وفيها ازداد نشاطه الصحافي والسياسي. وبعدها انتقل إلى تونس وباريس ثم عاش مرحلة في المغرب التي يحمل جنسيتها.
كما اشتغل بعدها ضمن طاقم جريدة الحياة وبعدها عرف كاتبا في جريدة الشرق الأوسط ومواقع عربية مختلفة أبرزها موقع الجزيرة نت، إلى أن اقعده المرض.
كان الراحل قياديا بارزا في منظمة التحرير الفلسطينية عضوا في لجنتها التنفيذية قريبا من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقائدها التاريخي الحكيم جورج حبش. كما كان متحدثا جيدا يناقش قضايا التحرر الفلسطيني والعربي على الشاشات وفي المؤتمرات العربية.
ينحدر أبو فراس من أسرة عربية عريقة من مدينة حيفا التي ولد بها سنة 1935، قبل أن تجبر النكبة أسرته على مغادرة فلسطين. وقد أنجبت أسرته عددا كبيرا من القادة أبرزهما شقيقه خالد الحسن الذي كان مناضلا في صفوف حزب التحرير الإسلامي قبل أن يصبح أحد مؤسسي حركة فتح مع الثلة الأولى بقيادة الزعيم الشهيد ياسر عرفات، ليصبح أحد أبرز منظري الحركة والناطقين باسمها، كما أنجبت شقيقه هاني الحسن الذي شغل منصب وزير داخلية في حكومة الوحدة الوطنية التي ضمت حركتي فتح وحماس بعد فوز الأخيرة بالانتخابات والتي ترأسها القائد الشهيد إسماعيل هنية، قبل أن يقوم الاحتلال بتفكيكها.
عرف الراحل الكبير بانتقاداته اللاذعة لمسار أوسلو ونتائجها الكارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وكتب عنها مئات المقالات ومجموعة من المؤلفات أبرزها:
- أيام الحصار، بيروت، 1982
- قراءات في المشهد الفلسطيني: عن عرفات وأوسلو وحق العودة. 2008. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت.
- ثقافة الاستسلام. 2005. دار رياض الريس للكتب والنشر. بيروت.
- الخداع الإسرائيلي رؤية فلسطينية لمفاوضات كامب ديفيد وتوابعها. 2003. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت.
التقيت أبا فراس في الكثير من المؤتمرات والمحافل، حيث كان دوما محافظا على بوصلته الأخلاقية ورؤيته الواضحة، مبتعدا عن اللجاج ومناقشا لمخالفيه باحترام وتقدير.
كان الراحل معتزا بحمله للجنسية المغربية إضافة للفلسطينية، وقد قررت الأسرة نقل جثمانه للرباط قد مواراته الثرى.
رحمه الله وأحسن إليه وأسكنه فسيح جنانه.
خالص العزاء لأسرته الصغيرة هانية وندى وفراس، ولصديقنا الدكتور سعيد الحسن ابن أخيه، والعزاء موصول لكل ذويه ومحبيه ورفاقه.