/
الموت لا يتغير ،
تمنعه الحياة من ذلك !
2/
أشعر بالذنب،
لم أزر " خاي احميدو" في مرضه.
لم أحضر جنازته .
تبا لطنجة و أهوالها !
شغلتني عن صديق الطفولة.
3/
يحتاج الموت إلى عاطفة خاصة.
قد تكون الكتابة وعاءا لأوزارها .
لذلك سأكتب،
لكي أحرر عاطفتي من حزنها!
4/
أنقذني " خاي احميدو" من الموت مرتين .
الأولى من الغرق ، والثانية من الذبح!
كدت أغرق ، حين جرفتني موجة عاتية بين أحجار " المون"،
لكن " احميدو " أخرجني من اللجة قبل أن يلتهمني البحر.
ثم،
ونحن نلعب كرة القدم قرب " باب البحر" داهمتني دراجة هوائية طائشة ، مزقت حنجرتي ،و تعرضت لنزيف حاد.
وفي شبه غيبوبة حملني " احميدو " على ظهره إلى البيت .
ثم نقلوني إلى المستشفى.
هكذا نجاني " خاي احميدو" من الموت مرتين.
لم أزره في مرضه ، لم أحضر جنازته ،
هكذا خذلته مرتين !
..............
![]() |
اللاعب الراحل خاي احميدو |
" خاي احميدو"
عاشق كبير لكرة القدم ، هي هوايته و هواه.
لاعب ماهر ، يتقن المراوغة ، ومقاومة الخصم في الملعب،
حاد المزاج ، مشاغب ، لكنه قليل الحظ في تسجيل الأهداف.
أيقونة " شباب أصيلة " إلى جنب " زازا " و " ع العزيز المهدي،
و " الكوندي". وذلك في زمن لم يكن لأصيلة ملعب أخضر ،
كما هو الحال اليوم :
ملعب أخضر بلا فريق كروي يمثل المدينة، وتاريخها المجيد
في كرة القدم بمنطقة الشمال .
أين غاندي ، و احمديتو ، و أحمد فرس، وخاي حسن،
و الكوندي ، و فؤاد المهدي ، و العيساوي، و المصمودي ؟
كل هؤلاء طواهم البؤس الرياضي بالمدينة.
منهم من جن وتشرد ، ومنهم من مات مريضا دون تكريم أو عناية ، ومنهم من مات وحيدا في غرفة الاستراحة بالملعب البلدي. ومنهم من انتهى موظفا بسيطا بالبلدية.
" خاي احميدو" واحدا منهم!
عمل بروح كروية عدة عقود في قسم المصادقة على الوثائق المدنية ، بكل صفات اللاعب المحترف:
الصبر و الإتقان و الأمانة. وبكل تجرد من الأنانية.
ظل وفيا لتاريخه الكروي ، وذكرياته في الملاعب .
لم يخن صداقة أحد ، وغادر محبوبا من الجميع.
أعتذر " خاي احميدو"،
لم أزرك في مرضك ، لم أحضر جنازتك.
الحياة تتغير،
يسعفها الموت على ذلك!
![]() |
الشاعر حسن الوسيني |