 |
| رحيل باروخ بن صراف عن عَالَمِنا في غشت 2011. |
في 1995 شاركتُ في مؤتمر لليونسكو نظم بفنزويلا. هناك التقيتُ بمجموعة من اليهود المغاربة جلهم من الجيل الثاني والثالث. كانوا يطلبون مني بكثير من الحنين أن أحدثهم عن مدن شمال المغرب التي ينتمون إليها. لما علموا أنني من تطوان، أخبروني أن ابن مدينتي باروخ بن صراف حصل على جائزة نوبل في الطب سنة 1980، وأنه يقيم بالولايات المتحدة، ويتردد بشكل مستمر على فنزويلا.
حدثوني كذلك عن والده أبراهام بن صراف، ذلك الإسكافي العصامي، الذي غادر مدينته تطوان بعد الحرب العالمية الأولى، ليشتغل بالتجارة في فنزويلا على غرار أغلب اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى أمريكا اللاتينية، وليصبح بعد ذلك من كبار تجار النسيج، وهذا ساعده على تعليم ابنه باروخ في أحسن المدارس والجامعات.
قبل تعرفي على مغاربة فنزويلا، تعرفت في ثمانينات القرن الماضي، أثناء مقامي بالأرجنتين، على مجموعة أخرى من اليهود المغاربة، كانوا من أصحاب الثروة ومن البارزين في مجال السياسة والثقافة والعلم.
ذكرني حنين مواطنينا المغاربة اليهود في فنزويلا والأرجنتين إلى بلدهم المغرب، بما كتبه عنهم إسحاق بنشيمول، الذي تتبع هجرتهم إلى أمريكا اللاتينية، وقال عنهم في بداية القرن العشرين جملة لازالت لها راهنيتها: "لا يتفوق عليهم من حيث مهارتهم في التجارة إلا حبهم لوطنهم المغرب". وقد فتح أحدهم بمدينة تطوان خلال مرحلة الحماية، محلاً تجارية ينافس المحلات التجارية الإسبانية، حمل اسم "لاكراكينيا" La Caraqueña (نسبة إلى عاصمة فنزويلا كراكاس).
لاحظتُ بحدس المؤرخ، أننا نتعامل ببعض اللامبالاة، مع مواطنينا اليهود الذين نجحوا في السياسة والاقتصاد والثقافة والعلم، بأمريكا اللاتينية وغيرها، بدليل أننا لا نعرف عنهم إلا القليل. هي لامبالاة ناجمة عن دوافع دينية وإيديولوجية وقومية وسياسية، حان الوقت لتجاوزها.
أكتب هذه الخواطر، وأنا أستحضر ذكرى رحيل باروخ بن صراف عن عَالَمِنا (غشت 2011). وبعد رحيله بسنة، حصل مغربي آخر من يهود الدار البيضاء الذين هاجروا إلى أوروبا، على جائزة نوبل في الفيزياء، يتعلق الأمر بسيرج هاروش. النقطة التي تجمع بين بن صراف وهاروش، أن إنتاجهما العلمي في مجال تخصصها، وصل ذروته بعد حصولهما على جائزة نوبل وليس قبله.
عن فيسبوك عبد الذهاب أكمير
0 التعليقات
