07‏/04‏/2022

ذ. صخر المهيف: علامة استفهام كبرى حول الوجود التاريخي لطارق بن زياد


ثارت ضجة مؤخرا حول مسلسل طارق بن زياد ( لم أشاهد أي حلقة منه) من طرف المغاربة باعتبار أن هذا المسلسل يشوه أحداث التاريخ...

الحقيقة أن قصة طارق بن زياد و( فتح الاندلس) لم تدون كتابة إلا في القرن الرابع الهجري مما يطرح علامة استفهام كبرى حول الوجود التاريخي لهذه الشخصية ( التاريخية)، ذلك أن تداول القصة يعود إلى أندلسيين زاروا مصر في أواخر القرن الثالث الهجري، فسمعوا قصة (فتح الأندلس) من مصريين ثم تداولها الناس فيما بينهم على أنها قصة  حقيقية بعد أن عاد هؤلاء الأندلسيون إلى بلادهم.

سيتساءل الكثيرون، كيف دخل الإسلام الأندلس؟ 

أولا،  حاول المؤرخون الإسبان إعادة كتابة تاريخ الوجود العربي الإسلامي بشبه الجزيرة الإيبرية منذ ستينيات القرض الماضي من منطلق التشكيك في الرواية الرسمية الإسلامية التي لا تدعمها الأرخيات والآثار والوثائق، إذ لا توجد وثيقة مكتوبة واحدة معاصرة لطارق بن زياد تتحدث عن معاركه وإنجازاته، ولهذا وضع المؤرخون الإسبان سيناريو جديدا لدخول الإسلام إلى الأندلس: الدعوة.

ثانيا: تبنى القوط الاسبان التوحيد، أي أنهم آمنوا بالطبيعة البشرية للمسيح كما آمنوا بأنه لم يصلب خلافا للمعتقد  الكاثوليك، وهو الطرح نفسه الذي تبناه المسيحيون الأمازيغ الذين ثاروا بقيادة الزعيم الأمازيغي دوناتوس الذي نفى الطبيعة الإلهية للمسيح في القرن الرابع الميلادي شأنه شأن الملكة العربية ماوية التي هزمت بجيشها العربي البيزنطيين في الشرق رافضة مبدأ التثليث الكاثوليكي الذي فرضه الإمبراطور البيزنطي إثر مجمع نيقية عام325 م.

ثالثا: في عام 2004، اكتشفت قبور عربية إسلامية عليها نقوش كتبت بالخط الكوفي القديم في بلدة قرب فلنسيا بشرق الأندلس، المفاجأة أن  أحدها مؤرخ ب28 هجرية، ويعود لشخصية عربية من الحجاز  يدعى فهر، وفهر هذا تحدث عنه المسعودي في مروج الذهب باعتباره أول من دخل الأندلس لنشر الإسلام فيها، هذا الاكتشاف صدم الأوساط الأكاديمية الإسبانية ( لم يجد له أي صدى في الجامعات المغربية ونظيراتها العربية التي ما تزال رهينة الرواية الإسلامية الرسمية)، وجعل المؤرخين الإسبان يعيدون كتابة تاريخ الأندلس، باعتبار أن الإسلام وجد تربة صالحة في الأندلس للانتشار سلميا أولا بحكم التقارب العقائدي بين الإسلام والنصرانية الموحدة.

لهذا، فإن قصة مسلسل طارق بن زياد التي بنيت على الرواية الرسمية الإسلامية، لا تعضدها الأركيولوجيا ولا الوثائق ولا الشواهد ايا كانت طبيعتها، فيغدو الحديث عن تشويه المشوّه أصلا حديثا لا فائدة منه ولا طائل.


ذ. صخر المهيف
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: ذ. صخر المهيف: علامة استفهام كبرى حول الوجود التاريخي لطارق بن زياد Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top