ما يصل من اخبار عن التزكيات للانتخابات القادمة يجعلني اشم رائحة نتنة جدا قادمة من مختلف الاركان. فساد السياسة والاحزاب اصبح خطرا ليس على امكان انجاح انتقال ديمقراطي، بل على امكان الحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى امن واستقرار البلاد على المدى البعيد. دخول من كنا نعتبرهم قوى ديمقراطية على خط البيع والشراء محليا وجهويا ووطنيا، و حصول تواطؤ مع عدد من السماسرة، بمن فيهم رجال سلطة، لن ينتج مؤسسات منتخبة ضعيفة ومنخورة بلا نخبة يعتمد عليها في التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية والديبلوماسية البرلمانية، بل من شانه ان ينتج صدمة كبرى و الصدمات لا يمكن توقع نتائجها.
لماذا تتغاضى الدولة؟ لماذا تسمح السلطات المعنية بترشح من تعرف تورطهم في ممارسات يجرمها القانون؟ لماذا تتغاضى الاجهزة المختلفة عن عمليات الرشوة الجارية بشكل شبه علني تقريبا؟ من مصلحة من ان نصل الى الحضيض سياسيا واخلاقيا؟ السؤال موجه للقرار السياسي.
رغم الفارق الكبير، واستحالة المقارنة، فان ما يحدث في تونس يجب ان ينبه، فقد فسدت السياسة هناك الى حد انها جعلت الدولة على حافة الانهيار، وبغض النظر عن الاطراف المتصارعة والحسابات المتداخلة والمتدخلة هناك، فقد صار مطلوبا وقف النزيف كي تبقى الدولة قائمة وقادرة على احتكار العنف المادي والرمزي.
قد تبنى البنايات بسهولة، لكن بناء الدول صعب و يتطلب دائما الحرص على ان تتولى هذا البناء نخب مؤهلة و ذات وعي وطني راسخ و درجة معينة من الالتزام الاخلاقي والا بقي الباب مفتوحا امام المفاجات.
قبل الانتخابات المقبلة تحتاج البلاد الى قرارات، بما محاكمة سماسرة البيع والشراء، ايا كان موقعهم ونفوذهم ،اما الحجم فلا يمكن الحديث عنه ما دام الجميع يعرف ان عدد المنظمين حزبيا و نقابيا وصل الى ما يتجاوز الصفر بقليل.