الثلاثاء، 8 يونيو 2021

مصطفى المنوزي يكتب: في نقد فزاعة قاموس " الدولة العميقة " و" الدكاكين السياسية "




 يصر بعضنا على اجترار وقائع بمثابة  تحصيل حاصل ، إلى درجة العبث والابتدال ،  مفادها ان الملكية في مغربنا تنفيذية ، وهو توصيف تؤكده الحقيقة الدستورية قبل الحقيقة الاعلامية والوقائع السياسية في المحك اليومي ، وقد سبق للدكتور   محمد الطوزي ان صرح وحلل بما يكفي  واستنتج عدم تأهل سياسيينا لتحمل مسؤولية رئاسة الحكومة وبالأحرى خوض تجربة الملكية البرلمانية ، وهذه وجهة النظر  لا تعدو ان تكون  ردا على اليسار الوسط أو الموحد أو الراديكالي ، وكذلك الحال بالنسبة لأجنحة  اليمين  المتعدد كميا ،  التقنوقراطي منه  والرأسمالي أوالإسلامي ، وإذا كان جليا  أن اليسار  المعني في العملية هو الذي قام بمراجعات تكييفية او اشتراطية ، فما يهم بعض  اليسار ان الحكم  لم يعد  فرديا ومطلقا ، بفضل التسويات على علاتها وإذعانيتها ، اما بالنسبة لليمين ، فكون معارضاته لم تكن ابدا  للنظام  ، كما هو الحال بالنسبة للحركة التقدمية ، التي كانت عينها  على السلطة ، سواء بالخيار الثوري او الخيار الديمقراطي ؛ بالنسبة اليمين  فقد فهم زعماؤه  بأن وجودهم رهين بالولاء المطلق لولي نعمتهم  ، وفروض الطاعة والإخلاص تقتضي من أي مرشح لرئاسة " حكومة صاحب الجلالة "  ان يعلن ويمارس واقعيا طقوس  التنازل اليومي و المضطرد عن صلاحيته لفائدة جهات ليست بالضرورة الفئات التي انتخبته . من هنا  فمطلوب من الديمقراطيين ان يحرصوا   على عدم التطبيع مع هذا الأمر الواقع ، الذي يستهدف   تبخيس المكتسبات الدستورية ، فصلاحيات الرأس الثانية للسلطة التنفيذية كوزير أول اضعف من صلاحيتها كرئيس حكومة ،   فكيف يمكن الدفاع عن حزب بخس قيمة  الموقع الدستوري الثاني في هرم الدولة بعد الملك ، وجعل مقاصده (ممارسته )  وليس فقط ألفاظه ( خطابه )  نقضا  لكل طموح ديمقراطي بعلة خدمة الملكية ، والحال ان من مصلحة المؤسسة الملكية تحديث نفسها وتكريس بنيات ليبرالية ( سياسية وحقوقية )  لأن البنية  التقليدانية لن تنفع لمواجهة الأخطار الأجنبية والأطماع الخارجية التي تحف بالأوطان الصاعدة والدول الواعدة التي تنشد فك الارتباط السلبي والحصار  القاتل في العلاقة مع سوء الجوار  وفلول الاستعمار  . إن توجسنا من مرحلة ما بعد الدولة ، يقتضي منا الدفع  بها  إلى  استنفاذ شروط التحول، بدل الاقتصار على مجرد تكيف اضطراري  ، من دولة تابعة إلى ندية   حقيقية  ، فكيف نتحول  من حارس للحدود أودركي المنطقة ، إلى شريك  أو وسيط ذو سيادة و جيوستراتيجي  مستقل الذمة المالية والسياسية  ، دون تمكين ممثلي المجتمع و الأمة من وسائل تأهيل الديمقراطية  التمثيلية ،  فبغض النظر عن وسائل صناعة الخريطة الانتخابية والسياسية ؛ فإن أخف الاضرار  رد عقارب الزمن السياسي إلى اللحظة الدستورانية كلحظة لا يقين تختبر الدولة ومؤسساتها وتوقعاتها  ، والتي قد  لا  تستغني عن  السقف الليبرالي ،  ولكن يمكن أن تعطل زحف المد الأصولي الرجعي كمنافس حقيقي في الشرعية الدينية والشرعية الاجتماعية الإحسانية ،  منافس  لا تهمه لا اللحظة الوطنية ولا اللحظة الديمقراطية كغاية  ،ما دام  تتماهى لدى المحافظين   مقتضيات الأمة مع موجبات الوطن  ؟ 

صحيح أن الملك  فاعل اساسي في الهندسة الدستورية  ، غير  ان الخوض في تفاصيل  السياسة العمومية وما ينتج عنه من حروب صغيرة  ، قد يقحم المؤسسة الملكية في حرج  المسؤولية  والمساءلة في العلاقة مع تنازع أوتنافس   الشرعيات  ، والحال أن  مبدأ التوقير يقتضي  الاقتصار على ما هو أسمى من ذلك ، من  مسؤولية حماية الثغور  والملة والدين ووفق ما تقتضيه السياسة العامة المؤطرة  بالفصل 92 من الدستور ، في انتظار  تخلي الأحزاب  عن تمثلها  بكون الشأن الأمني مجال محفوظ ولا يعنيها  ، هذا  التخلي الذي لن يتأتى  سوى بتشييد المجلس الأعلى للأمن  ، والذي لا يعقل ان يظل حبرا على ورق بعد عشر سنوات على قرار  دسترته  كضامن للحكامة الامنية  ، وكأقوى توصية ضمن توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة التزم الملك  وصادق عليها  وأمر بتفعيلها ضمن ضمانات عدم تكرار ماضي سنوات الرصاص .

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات
Item Reviewed: مصطفى المنوزي يكتب: في نقد فزاعة قاموس " الدولة العميقة " و" الدكاكين السياسية " Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top