عجلات سيارة أحدهم سحقت قطا في طنجة بحي بوخالف صباح يومه الاربعاء 26 ماي "خيرتنا", وارتسمت جثته على إسفلت الطريق كما كانت ترسم جثث شخصيات الرسوم المتحركة( بوكيمون) ..
لم يتدخل أحد.
ظلت السيارات والشاحنات تسحقه بعجلاتها السوداء القلب..لا شك أن السرعة هي السبب..لا شك أن قسوة القلوب هي التي لم تحمل أحدا(أو إثنين) لجمع رفات القط ورميه في حاويات القمامة القريبة قبل أن تسحقه الساحقات ويلتصق جلده بالإسفلت كلوحة تشكيلية انطباعية ..
يمرون بعجلاتهم بسرعة بلا قلوب ولا رحمة.. أنها ضريبة الراسمالية المتوحشة.. إنها ضريبة "نظام التفاهة" الزاحف بلا مشاحة ولا مماحكة فيه.
ما أعرفه أن القطط تحسن احترام قوانين السير، ويقظة ،وفطنة باستمرار، الا فيما ندر لمرض او غيره من الاسباب القاهرة.
إذن مجنون يمر بسرعة مجنونة..أين التربية على الرفق بالحيوان يا "مجنون الحكم"...؟
*** ***
المغربي المعاصر اعتاد على سحق الأشياء والحيوانات حتى يخفف من الضغوط الممارسة عليه، ويوميا يقتل المغاربة ملايين الحشرات والحيوانات والنباتات سحلا ودبحا وسحقا، وفتكا، برخصة وبدونها، بسبب هذه الضغوط العامة والخاصة بدون وعي في أغلبية الحالات.
يسرع المغربي المستلب، المتنكر في إيتيكيتات (étiquettes) البورجوازية، لنقل أولاده الى مدرسة خصوصية حتى يصلوا بسرعة الى مناصبهم بلا قيم.
مغربي آخر ،سائق حافلة نقل عمال مضغوط عليه لايصال عمال مسحوقين، في الوقت المستحيل، الى مصانعهم ليسرعوا الى مراكمة فائض القيمة الذي يهرب الى الخارج عملة صعبة، وليسحق ما يسحق في الطريق.
معتوه آخر من بلاد المغرب "الأقسي" اختلس حقيبة"عطيني صاكي" لامرأة أو سرق مدخرات أمه المريضة(كل الامهات مريضات بمرض مزمن لا دواء له إسمه: الأبناء) واكترى سيارة وشحنها بماء الحياة وظل يجول بين الشوارع والأزقة "بحثا عن شار أو مشتر لمسحوق مخدر" هربا من السدود القضائية لحالة الطوارئ، وهربا أيضا من الواقع ومستعد ان يسحق من في طريقه الى غير وجهة...وقد يصطدم بسور مدرسة ليفتح بابا بدون ترخيص لا ميزانية لدى الوزير لإغلاقه "حذر الشر" فيأتي مقاول ويستغله ممرا لبناء قسم جديد، ورب ضارة نافعة(مدرسة بطنجة).
***. ***
ثقافة السحق ناتجة عن ثقافة العنف التي يبثها الإعلام والشارع والمدرسة والأسرة، ثقافة "ساحق ومسحوق" تنتشر ألعابها في الهواتف الذكية كالهشيم في النار.، وأنتجت أجيالا لا تفرق بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والمتخيل.
لقد تغيرت القيم النبيلة وأصبح القبح يملأ الفضاء العام والخاص والخصوصي والمتخصص، وصار المناضل انتهازيا (روجي غارودي)و بات العاقل معتوها، والصادق كذابا.، وانقلبت الموازين بغير قسط ولا عدل والعكس بالعكس.
وليكن سحق قط طنجة أو هدم أبراج فلسطين على رؤوس أطفالها وشيوخها، أو المتاجرة بالبشر في سبتة المغربية أو كسر عظام متظاهرين سلميين دستوريين أمميين، أو حمل سجناء بمحاكمة وبدونها على الإضراب عن الحياة حتى حافة الحياة الأخرى. اشياء عادية تحدث، وقد تحدث.، لذلك لا تستغرب إن حدثت لك ف"الزمن دوار, والدنيا دوارة" إما ساحق أو مسحوق.
ويقولون لك لماذا يسحق القط الفأر منذ الأزل؟
ولماذا يكتب الريسوني أو الراضي ما كتبته أنوال والمحرر في عهد الحسن الثاني، ألا يعرفا أننا في العهد الجديد الذي لا ينتهي؟
لقد بات التطبيع مع العنف سياسة عمومية. وهذا هو مصدر التطبيع، والتطبيع لا يكون الا مع العدو، لا تطبيع مع الصديق.
لقد حولوا المجتمع المغربي الى آلة لانتاج العنف وإعادة إنتاج العنف، وبالتالي تحولت الدولة الى آلة لانتاج العنف وحمايته.
والمجتمع "الضحية" مجند للدفاع عن التزمت والقبح واغتيال الورود والحدائق، والممتلكات والاعتداء على النساء والتحرش بهنووِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾". أما الفتيات الجميلات، بالطبيعة، في الشارع العام فقد أصبحن يقضضن مضجع.
مجتمع مسحوق، مخبول بالضبط والسياط المستقيم.
والنخبة الحاكمة تحمي "نعمة الاستقرار" وتفتخر به، وتزركشه بالتقارير واللجن "الموعودة". وتعد للفتنة الخيل والبارود وأصحاب الحال.
الفتنة إياها التي لا تريد أن تنام. ما دام هناك ساحق ومسحوق "ووالد وما ولد".
صدق الله العظيم.
ملاحظة
أعتذر عن نشر صور قط طنجة المسحوق:
![]() |
| القط المسحوق |





0 التعليقات