20‏/09‏/2020

إسماعيل طاهري يكتب: الأحكام في الديانات متناقضة بشكل ايجابي يؤكد نسبيتها



موقف تنفيذ الإعدام كأقسى عقوبة ضد فالمجرم موقف اليمين الغربي والشيوعيون المنحرفون في الصين. وكل الأنظمة الشمولبة الإستبدادية.
الإعدام موقف الإسلام السياسي. والخلاصة أن الإعدام موقف سياسي. أما في الإسلام فمفهوم القصاص هو الحكم على مرتكب الجريمة من طرف قاض. ليس القصاص هو القتل بالضرورة.

القصاص هو العقاب والجزاء. "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب". وليس موت.

وفي مختلف الديانات السماوية والأرضية فالأحكام غير حدية وغير قطعية إلا فيما ندر. و"الشاذ لايقاس عليه". و" الاستثناء يؤكد القاعدة" كما يقول الفقهاء. 
لذلك يمكن الجزم بأن الأحكام في مختلف الديانات متناقضة بشكل ايجابي يؤكد نسبيتها. وهذا ما يرقضه الدوغمائيون.

فليس هناك تفسيرا واحدا لنصوص الديانات السماوية والأرضية في شرق اسيا وإفريقيا. والتفسيرات خاضعة لمقتضى الحال. والضرورات وما تبيحه وما لاتبيحه. إن الأحكام خاضعة لما يشبه"الملاءمة" في مختلف الأنظمة القضائية، أي أخذ بعين الإعتبار النظام السياسي والنظام القيمي والنظام العام لكل دولة أو ما يسمى بالمقدسات أو الثوابت الوطنية.

وفي تجربة المسيحية،مثلا، تم قطع مرحلة مهمة مع المصلح الألماني مارتر لوتر الذي جاء بمفهوم التأويل لنصوص الأنجيل، ووضع حدا لمفهوم التفسير الواحد. وهنا ظهرت مذهب البروستنتانية المتفتحة ضد المذهب الكالوثيكي الدوغمائي المتحجر. واليوم الأغلبية من المسيحيين في العالم تابعين للكنيسة البروستنتانية. 

أما في تجربة الإسلام فقد توقف الإجتهاد منذ القرن الخامس الهجري. ودخل العالم الاسلامي عصر الانحطاط ثم عهد النهضة والإستعمار ثم الإستعمار الجديد،، وما بعد الدولة الوطنية، وهناك مبادرات إصلاحية قام بها مصطفى عبد الرزاق ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون وعبد الله العروي وهشام جعيط وحسين مروة وياسين الحافظ ، وحامد أبو زيد....الخ .لكنها لم تكن مشروع دولة. بل سعت دول ما بعد الإستعمار الى محاصرة هذه المشاريع وحاربتها وتحالفت ضدها مع قوى محافظة ورجعية.

قبلهم حاول ابن رشد إدخال مفهوم التأويل والعقلانية ،قبل مارتر لوتر ، فقتلوه ورحلوه مع كتبه على حمار من الإندلس الى أغمات مسقط رأسه بضواحي مراكش، وحرقوا كتبه..وهناك عدة روايات حول محن ابن حنبل صاحب المذهب الإكثر تفتحا. لأن من حاول مس "الجهل المقدس" ،كما أسماه محمد أركون، يكفرونه ويرجمونه بالغيب، وما يحدث لأحمد عصيد يدخل في هذا الإطار.

أحمد عصيد يكاد يكون آخر المفكرين المغاربة الذين نذروا حياتهم لخدمة البلاد، وسجالاته وكتاباته لا تشبه الا ما قام به كبار أعلام المغرب كعلال الفاسي وعبد الله كنون وبلحسن الوزاني وعزيز بلال وعبد السلام المودن والمهدي المنجرة..
فالإصلاح الديني في الإسلام يحتاج الى فقهاء ومفكرين نزهاء، وقادة سياسيين لهم مشروع مجتمعي حداثي. وهذا لن يتحقق الا بتواز مع الإصلاحات الأخرى خصوصا في المجال السياسي. بوصفه مدخلا لا محيد عنه لتحقيق مختلف الإصلاحات. وفي القلب منها الإصلاح الديني التنويري. وتحرير الدين من عقال أنظمة حكام "الأحكام السلطانية" الدكتاتوريين المسنودين من طرف تيارات المتزمتين والمتحجرين والدوغمائيين من فقهاء الظلام واتباع "الجهل المقدس" من العامة والغوغاء. علاوة على تحرير الدين من تيارات الإسلام السياسي الحركي أو الإرهاب.

إسماعيل طاهري
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: إسماعيل طاهري يكتب: الأحكام في الديانات متناقضة بشكل ايجابي يؤكد نسبيتها Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top