11‏/08‏/2017

في ظل استمرار سياسة التهميش والحكرة، والتضييق على الحريات وقمع الاحتجاج السلمي، شهيدان آخران في الحسيمة وبني ملال

أصدر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان البيان التالي:

بعد عشرين يوما من التستر والطوق الإعلامي، تم الإعلان رسميا يوم الثلاثاء 8 غشت 2017 عن وفاة الناشط عماد العتابي الذي كان يرقد في وضعية موت سريري ومتكتّم عليها بالمستشفى العسكري بالرباط منذ تاريخ 20 يوليوز 2017، تاريخ إصابته بشكل مباشر بقنبلة للغازات المسيلة للدموع خلال القمع الهمجي الذي تعرضت له المسيرة الوطنية السلمية التي دعا نشطاء حراك الريف إلى تنظيمها بمدينة الحسيمة يوم 20 يوليوز الأخير. ولقد كانت مدينة بني ملال قد عرفت يوم الأربعاء 2 غشت استشهاد الشاب الغازي خلادة بعد إضراب عن الطعام لمدة تسعين يوما بسجن بني ملال في ظل تجاهل تام له ولوضعه الصحي.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو ينعى الشهيدين عماد العتابي والغازي خلادة، فإنه يحمّل مسؤولية استشهادهما للدولة المغربية التي تعاطت مع مسيرة 20 يوليوز السلمية والحراك الشعبي بالريف بمقاربة أمنية صرفة، ومع مطالب عائلة الغازي قلادة بالتواطؤ مع شخص له نفوذ في المنطقة حرم العائلة من مسلك كان يوصل إلى منزلها، وبالتجاهل لإضراب الشهيد الغازي عن الطعام وحالته الصحية الخطيرة.
بخصوص مسيرة 20 يوليوز، فقد عملت السلطات على نصب عشرات الحواجز الأمنية في مختلف الطرق المؤدية إلى مدينة الحسيمة بما في ذلك الطرق الجبلية الخاصة بالراجلين والدواب، والتي من خلالها تم تفتيش جميع السيارات والمركبات المتجهة إلى الحسيمة، كما تم تفتيش أمتعة وحقائب المسافرين، بشكل مستفز ومهين للغاية، وتم إنزال العديد من الشبان، قسريا، من سيارات الأجرة وتم منعهم من مواصلة الطريق نحو الحسيمة، كما تم تطويق جميع مداخل مدينة الحسيمة ومختلف شوارعها وأزقتها وساحاتها بمختلف قوات الأمن المدججة بالعصي والهراوات والخوذات مما جعل المدينة، التي بدت وكأنها في حالة حرب،  تعيش تحت بشاعة حصار شامل بآلاف الوحدات من مختلف الأجهزة  والتجهيزات الأمنية (الدرك والدرك الحربي، القوات المساعدة، قوات التدخل السريع، رجال الأمن....)، وقد اتضح جليا أن الهدف من كل هذه الإجراءات القمعية هو منع المسيرة بأي شكل وكيفما كانت التداعيات والنتائج، وهو ما حصل بالفعل حيث وبمجرد ما تم الإعلان عن انطلاق المسيرة بأحد الأحياء الشعبية حتى تم الهجوم عليها من طرف العشرات من قوات الأمن المختلفة التي بالغت في الاستعمال المفرط للقوة في حق المتظاهرين/ات نتجت عنه إصابات مختلفة متفاوتة الخطورة في صفوفهم/ن، ولما لم تتمكن قوات الأمن من فض المسيرة التي تحولت، بسبب ما جوبهت به من قمع همجي شرس، إلى عدة مسيرات مصغرة موحدة في الزمان ومتفرقة في المكان، لجأت إلى استعمال الغازات المسيلة للدموع بشكل عشوائي وإطلاق قنابلها على المتظاهرين/ات  بكثافة وبشكل مباشر من مسافات قريبة جدا بهدف إصابة أكبر عدد منهم/ن لزرع الرعب والهلع في صفوفهم/ن، وقد نتج عن ذلك إصابة العديد من المتظاهرين/ات بإصابات مختلفة متفاوتة الخطورة كان أخطرها إصابة الناشط عماد العتابي في رأسه وهو ما أدى إلى استشهاده، وقد ترافق كل ذلك مع حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين/ات الذين تعرضوا للتعنيف اللفظي والجسدي فبل إطلاق سراح أغلبهم في ساعات متأخرة من صباح يوم 21 يوليوز 2017.
والمكتب المركزي وهو يضع حدث استشهاد الناشط عماد العتابي والشاب الغازي خلادة في سياق التطورات الخطيرة لتعاطي الدولة مع حراك الريف، والحركات الاحتجاجية للمواطنات والمواطنين، فإنه:
1)   يتقدم بتعازيه الحارة إلى عائلتي الشهيد عماد العتابي، وإلى عموم أصدقائه ورفاقه في حراك الريف، وإلى عموم الشعب المغربي، محملا مسؤولية استشهاده إلى الدولة المغربية، مجددا مطالبة الجمعية بفتح تحقيق فوري حول حيثيات إصابة الشاب عماد العتابي واستشهاده، وكذا حول مختلف الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان التي نتجت عن الاستعمال المفرط للقوة من طرف قوات الأمن، وخاصة من خلال إطلاقها للغازات المسيلة للدموع بشكل عشوائي كثيف ومباشر، ما أدى إلى اختناق العديد من المتظاهرين/ات لا سيما في صفوف النساء والأطفال، حيث لم يسلم من تأثيراته الخانقة حتى المواطنون/ات داخل منازلهم/ن؛
2)  يتقدم بتعازيه الصادقة إلى عائلة الشهيد خلادة الغازي الذي استشهد بالمستشفى الجهوي ببني ملال، في ظل حصار إعلامي ورسمي على وضعيته، وذلك بعد خوضه لإضراب مفتوح عن الطعام لمدة 90 يوما احتجاجا على اعتقاله تعسفيا والزج به في السجن على خلفية محاكمة منحازة لخصمه انعدمت فيها شروط المحاكمة العادلة، مطالبا بفتح تحقيق فوري ونزيه للوقوف على ظروف اعتقاله ومحاكمته واستشهاده، ومعبرا عن تضامن جمعيتنا مع عائلته في نضالها المشروع من أجل فرض كشف الحقيقة حول كل ذلك؛
3)  يعرب عن تضامنه التام واللامشروط مع كافة ضحايا المقاربة الأمنية الصرفة التي نهجتها الدولة لمنع مسيرة 20 يوليوز، وقمع العديد من الحركات الاحتجاجية ، محملا إياها (الدولة) مسؤولية ما نتج وما يمكن أن ينتج عن ذلك من احتقان اجتماعي غير محسوب العواقب؛
4)  يدين، بقوة، لجوء الدولة إلى وضع مدينة الحسيمة وبعض مدن الريف تحت الحصار الشامل، وخاصة عبر عسكرة مدينة الحسيمة واحتلال جميع مداخلها وشوارعها وأزقتها وساحاتها بمختلف أجهزة الأمن، وهو ما يمس بشكل سافر بحق ساكنة الريف عموما، والحسيمة خصوصا في الأمن والأمان، وبحقهم في التجول والتنقل بكل حرية، مطالبا برفع جميع مظاهر العسكرة عن المدينة لتنعم ساكنتها بحقها المشروع في الطمأنينة؛
5)  يعتبر أن العفو الملكي المحدود على بعض نشطاء حراك الريف لم يرق إلى تطلعات القوى الحية بالبلاد وعموم سكان الريف الذين يطالبون بإطلاق سراح جميع معتقلي حراك الريف دون تمييز أو استثناء أو شروط، مجددا مطالبة جمعيتنا بضرورة إطلاق سراح جميع معتقلي الحراك وإسقاط التهم والمتابعات في حقهم، ووقف حملة الاعتقالات والمتابعات في صفوف نشطاء الحراك وفتح حوار مباشر معهم يفضي إلى الاستجابة الفورية لجميع مطالبهم العادلة والمشروعة كسبيل وحيد لوضع حد للاحتقان الاجتماعي بالريف؛
6)  يثمّن عاليا صمود سكان الريف وحفاظهم على وحدة أشكالهم النضالية السلمية والحضارية رغم كل ما تعرضوا له من قمع وحصار؛
7)  يحيي عاليا مشاركة العديد من مناضلات ومناضلي مجموعة من القوى الديمقراطية في مسيرة 20 يوليوز ومن بينهم/ن مناضلات ومناضلو جمعيتنا على الصعيد الوطني ضمنهم مسؤولون/ات بالمكتب المركزي واللجنة الإدارية ومكاتب فروع جهوية ومحلية.
 
المكتب المركزي
الرباط، في 11 غشت 2017

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: في ظل استمرار سياسة التهميش والحكرة، والتضييق على الحريات وقمع الاحتجاج السلمي، شهيدان آخران في الحسيمة وبني ملال Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top