21‏/03‏/2016

علي أنوزلا يكتب: قضية الصحراء من آدم كودجو إلى بان كي مون



قليلون يتذكرون هذا الاسم: آدم كودجو. إنه الرجل الذي بسببه غادر المغرب "منظمة الوحدة الإفريقية" قبل أن تتحول إلى "اتحاد إفريقي". حدث ذلك في ثمانينات القرن الماضي عندما كان الطوغولي، آدم كودجو، أمينا عاما لمنظمة الوحدة الإفريقية (1978 ـ 1983)، وأدرج ضمن جدول أعمال القمة الإفريقية نقطة لم تكن مدرجة فيه تتعلق بالاعتراف بـ "الجمهورية الصحراوية" التي أعلنتها جبهة "البوليساريو" منذ عام 1976.
يومها احتج المغرب على ذلك الإقحام غير المبرر لنقطة لم تكن موجودة في جدول الأعمال، وأكثر من ذلك على قبول الأمين العام للمنظمة الإفريقية جلوس ممثل "البوليساريو" مع علم "جمهوريته" داخل قاعة الاجتماعات بمقر المنظمة الإفريقية بأديس أبابا في أثيوبيا، وذلك، حتى قبل أن يبدأ التصويت لقبول أو رفض الاعتراف بها.
"مشكل المغرب أن الكثير من قراراته السياسية الحساسة غالبا ما يتحكم فيها "مزاج" لحظة الغضب. لكن بعد انتهاء حالة الغضب يبدأ تعداد الخسائر، وبدلا من ترميمها وجبرها في لحظتها، يتم التمادي والتغاضي"- علي أنوزلا
الاحتجاج المغربي، آنذاك، لم يقف عند الاعتراض فقط، وإنما تطور إلى انسحاب من القاعة لتتبعه عدة دول إفريقية أخرى قاطعت تلك الجلسة، مما مهد الطريق أمام آدم كودجو لتمرير "نقطته" بدون معارضة وبأغلبية الحاضرين. والنتيجة كانت هي اعتراف المنظمة الإفريقية بـ "الجمهورية الصحراوية"، وانسحاب المغرب من المنظمة الإفريقية التي تحولت إلى "اتحاد إفريقي"، وإلى يومنا هذا.
بعد مرور 32 سنة على "سياسة الكرسي الفارغ"، تلك، التي انتهجها المغرب، ما هي النتيجة؟
"البوليساريو" التي كانت مجرد "حركة انفصالية"، حسب التعبير الرسمي المغربي، تٌعامل اليوم في الكثير من الدول الإفريقية كدولة. والمغرب، الدولة المؤسسة للاتحاد الإفريقي، غائب عن أكبر منتظم أفريقي، وفي آخر قمة للاتحاد الإفريقي عقدت في ديسمبر 2015 حضرت الوزيرة المغربية المنتدبة لدى وزير الخارجية، مباركة بوعيدة، إلى أديس أبابا لحضور أشغال قمة "الاتحاد الإفريقي" الذي ما زالت بلادها تقاطعها، وهو ما قرأ فيه بعض المراقبين محاولة "خجولة" للعودة إلى أكبر تجمع لدول القارة السمراء !
لقد كان خطأ المغرب آنذاك أنه حول معركته مع شخص الأمين العام للاتحاد الإفريقي، آدم كودجو، إلى حرب مع المنظمة الإفريقية، مما جعله يعيش لسنوات في شبه عزلة تامة داخل قارته، وترك مجالا خصبا لخصومه للتحرك بسهولة وبدون عراقيل تذكر.
ومنذ ذلك التاريخ و"كرة الرمل" هذه تتضخم مثل كرة الجعران يحمل داخلها بيضه، كلما كورها ودحرجها أمامه ازدادت كِبرا، حتى وصل الأمر إلى حد "الاعتراف الأممي" الرمزي، عندما انحنى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أثناء زيارته الأخيرة لمخيمات "البوليساريو"، أمام علم "الجمهورية الصحراوية".
ما أشبه الليلة بالبارحة. اليوم يعيد المغرب الرسمي نفس الخطأ مع بان كي مون، الأمين العام الحالي لمنظمة "الأمم المتحدة"، عندما يسعى إلى تحويل حربه معه إلى حرب مع أكبر منتظم دولي.
مشكل المغرب أن الكثير من قراراته السياسية الحساسة غالبا ما يتحكم فيها "مزاج" لحظة الغضب. لكن بعد انتهاء حالة الغضب يبدأ تعداد الخسائر، وبدلا من ترميمها وجبرها في لحظتها، يتم التمادي والتغاضي ويستمر الجعران في تدوير ودحرجة كرته أمامه، بينما يبقى البلد مشدودا إلى لحظة غضب لا أحد يجرأ على الاعتراف بعدم صوابية ردود أفعالها، وبالأحرى تحمل مسؤولية خسائرها.

بقلم علي أنوزلا
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: علي أنوزلا يكتب: قضية الصحراء من آدم كودجو إلى بان كي مون Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top