14‏/12‏/2014

تقــرير حقوقي: تحقيق حول ظروف وملابسات وفاة المواطن أيوب بولوالب، المعتقل بالسجن المحلي بسلا "الزاكي"



سجل سجن الزاكي بسلا حالة وفاة نزيل به يدعى ايوب. وقد تضاربت الروايات حول أسباب الوفاة وطالبت أسرته بتشريح جثة الهالك ورفضت تسلمها. فدخل المركز المغربي لحقوق الإنسان على الخط وأنجز تقريرا هاما في الموضوع استخلص أن أسباب الوفاة تتحمل المسؤولية فيها إدارة سجن الزاكي وطالب التقرير باجراء تشريح لجثة أيوب لمعرفة أسباب الوفاة ونحديد المسؤوليات.

وفيما يلي النص الكامل للتقرير.

توطـــئــة :




بناء على قرار الانتداب، الذي توصل به المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان (م.د.م) بالخميسات، من قبل المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، موقع من قبل الأخ الرئيس الوطني،

واعتمادا على طلب المؤازرة، الذي تقدم به والد الضحية،

وبعد تشكيل لجنة التقصي، حسب مقتضيات الانتداب، تمت مباشرة مهام التحقيق يومه الأربعاء 10 دجنبر 2014، حيث هم البحث الميداني اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة من أجل الوصول إلى المعلومة بالطرق المتاحة.




المعطيات الأولية قبل مباشرة التحقيق الميداني :




موضوع البحث، وفاة المعتقل، المسمى قيد حياته أيوب بولوالب، الذي كان يقطن ب : حي الرشاد بمدينة تيفلت، البالغ من العمر21 سنة، متزوج وأب لطفلة والمعتقل بسجن سلا تحت رقم 93601.

حوكم الراحل، المسمى قيد حياته أيوب بولوالب بالسجن لمدة ثلاثة سنوات، مضت منها سنة واحدة، على خلفية اتهامه بالضرب والجرح في حق شاب، تسبب له في عاهة مستديمة، مما ألزم ابتدائية الخميسات بالدفع بعدم الاختصاص، حيث تم نقله إلى السجن المحلي بسلا، لمتابعته من قبل غرفة الجنايات باستئنافية الرباط، بمؤاخذته بالمنسوب إليه والحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا.

توصلت لجنة التقصي المنتدبة من قبل المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان (م.د.م) للتحقيق الميداني حول حيثيات وفاة السجين أيوب بولوالب، كما توصلت بالوثائق التالية :

- بطاقة الزيارة بالمؤسسة السجنية بسلا،

- رسالة إخبار المؤسسة السجنية بسلا لعائلة المعتقل أيوب بولوالب.

- صور فوتوغرافية تظهر أتارا للدم على مستوى الأنف داخل مستودع الأموات بالمستشفى الجامعي بالرباط

- صورة فوتوغرافية عادية تظهر المعتقل قيد حياته .

أفادت عائلة الهالك بأنهم توصلوا ببرقية مفادها أن إبنهم أيوب بولوالب، قد توفي يوم 05/12/2014، كما أفادوا بتواجد جثة الفقيد بمستودع الأموات بالرباط.

كما أكد والد الضحية بأنه انتقل إلى مستودع الأموات و عاين ابنه أيوب بالفعل جثة هامدة وعليه آثار الضرب و الجرح.

حيث شككت عائلة المعتقل المتوفى في رواية إدارة السجن كون ابنهم حسب افدتهم لم يكن يعاني من أي مرض و أنه يتمع بكامل صحته وعافيته ولم يكن يدخن أو يستعمل أي نوع من الممنوعات ،

وعلاوة على ذلك، يؤكد والد الهالك أيوب بولوالب أن ابنهم فارق الحياة جراء التعذيب الذي مورس في حقه، معللين ذلك بكونهما عاينا آثار الضرب والجرح في زيارتهما الأخيرة له يوم الإثنين 1/12/2014. مؤكدين بأن ابنهم كان يتعرض بشكل دائم و مستمر للضرب والتعنيف من طرف حراس السجن، كما أكدت عمة المعتقل أيوب بولوالب أن جثته كانت بادية عليها أثار الضرب على مستويات عدة بالجسم، إضافة إلى جرح غائر على مستوى الوجه .

حيث رفضت عائلة الفقيد تسلم الجثة لإلحاحهم كون ابنهم تعرض للتعذيب. معربين عن استغرابهم حول ملابسات الوفاة.

فيما ذهبت تصريحات مرئية لوالدي الضحية و شقيقته إلى أن ابنهم تعرض للضرب و الجرح و التعذيب المستمر.

كما أضافت بأن إدارة السجن نقلت الضحية يوم الأربعاء 3/12/2014 إلى المستشفى في حالة خطيرة ، دون إخبار وكيل الملك، كما أن هناك شهود من السجناء عاينوا تعرضه للتعذيب داخل السجن و أنه ولج المستشفى فاقدا الحياة.

في مقابل تصريحات ذوي الهالك، تؤكد إدارة السجن بأن المعتقل فارق الحياة كونه كان مصابا بمرض برئته،




النتائج الأولية للتحقيق الميداني :




بعدما توصلت لجنة التقصي بهذه الإفادات من لدن عائلة الفقيد أيوب بولوالب، تم اتخاذ السبل الكفيلة للتواصل مع عدد من الأطراف، بما يمكن من الوصول إلى المعلومات الدقيقة حول ما جرى، حيث تم إجراء العديد من الاتصالات ببعض السجناء، حسب الإمكانيات المتاحة، لهم صلة مباشرة وغير مباشرة بالفقيد، أيوب بولوالب، وقد خلصت لجنة التقصي إلى المعطيات التالية :

بعد التحقيقات الأولية، لم يقر أحد من السجناء بأن الهالك تعرض لضرب مبرح قبل إصابته كما تم الترويج له، إلا أنه كان يواجه عدم امتثاله لأوامر موظفي السجن بالصراخ، في حالات متكررة، كما صرح بعض السجناء بأنه تم استعمال القوة معه في أكثر من مرة لثنيه عن الاعتداء على زملائه، حسب تصريحات ثلاث سجناء ممن عايشوا السيد أيوب بولوالب داخل السجن، وكلها حالات لا ترقى إلى مفهوم التعذيب، حسب ما يقتضيه هذا التوصيف، وفق الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي اعتمدت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم : 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1984، ولا سيما المادة الاولى منه، والتي صادق بموجبها المغرب على البروتوكول الاختياري يوم 24 دجنبر 2014 الماضي.

كما تجب الإشارة إلى أن السجين أيوب بولوالب كان موضوع شكاية من قبل العديد من النزلاء بسبب الدخول المستمر في المشاجرة والنزاع معهم، كما كان مداوم على الحضور بمصحة المؤسسة السجنية، حيث كان يشكو من أعراض صحية على مستوى رئته، إلا أنه كان يتلقى فحوصات أولية طفيفة وسطحية حسب ما تم التصريح به، وفق المعطيات التي تمكنت لجنة التقصي الحصول عليها.

وقد كان يستعمل أدوية تتعلق بمرض رئوي، إلا أن أحدا من السجناء لم يكن يطلع على طبيعة المرض الذي كان مصابا به بالضبط.

كما لاحظ بعض السجناء زيادة غير طبيعية في وزنه منذ أشهر قليلة.

ومساء يوم 05 دجنبر 2014، بينما كان واقفا بجانب زنزانته، بالساحة التي يقضي فيها الفسحة القانونية، تعرض لنوبة اختناق، حسب زملائه من النزلاء بالسجن، ثم ما لبث أن سقط أرضا مغشيا عليه، حيث التحق موظفون في السجن بالموقع، ليتم نقل السيد أيوب بولوالب إلى المصحة السجنية، قصد فحصه من قبل ممرض السجن، الذي استشعر خطورة وضعه الصحي، مما قرر معه إخبار مدير السجن، الذي أمر بنقله عبر سيارة الإسعاف إلى مستشفى ابن سينا بالرباط.

وقد تضاربت التصريحات حول حقيقة تعرضه لعقوبة إبان وقوفه في الساحة التي يقضي فيها النزلاء فسحتهم القانونية، لكونه لو كان يمضي عقوبة بالفعل لما سقط في الساحة، بل داخل زنزانة خاصة أو داخل زنزانته، إلا أن معلومات غير مؤكدة، أفادت بكونه كان في شجار مع أحد النزلاء الذين يتقاسم معهم الإقامة، ولكن لم يتسنى التأكد من هذه المعلومة.

وقد صرح سائق سيارة الإسعاف بكونه نقل السجين من المؤسسة السجنية في حالة صعبة، لكنه لم يكن قد فارق الحياة، إلا أنه فور وصوله إلى المستشفى، لم يتسنى له التأكد من وفاة أيوب بولوالب، لكن وجده وقد سالت من أنفه دماء، فيما أكدت فحوصات الطبيب الذي استقبل السيد أيوب بولوالب وفاة هذا الأخير.

استنتاجات الأولية :




حسب المعطيات المستقاة بخصوص الواقعة، ونظرا إلى مرض رئوي أصاب السجين في وقت سابق، فقد تعرض للإهمال الطبي داخل السجن في الأيام القليلة قبل حادثة وفاته، جعله يتعرض لنوبة اختناق حادة، فارق على إثرها الحياة، كما أن اللجنة سجلت تصريحات بحصول تأخر في نقل السجين المصاب إلى المستشفى.

تؤكد لجنة التقصي بأن اتصالاتها الأخيرة مع عائلة السجين المتوفى أيوب بولوالب كان يشوبها تذبذبا حادا، من خلال اعتراف الوالد بأنه غير متأكد مما جرى لإبنه، بعدما تواترت على مسامعهم روايات متضاربة، وينتظر نتائج التشريح الطبي حتى يتسنى له معرفة أسباب وفاة إبنه.




خلاصة التقرير :




تؤكد لجنة التقصي، المنبثقة عن المركز المغربي لحقوق الإنسان (م.د.م) أن مسؤولية وفاة السجين أيوب بولوالب تبقى على عاتق مسؤولي السجن، بسبب الإهمال وعدم تمتيع السجين بالرعاية الطبية اللازمة، حيث أنه، اعتمادا على مقتضيات القانون رقم 23.98 المتعلق بتدبير المؤسسات السجنية، فإن لجنة التقصي لم تستطع التأكد من أن مسؤولي السجن المحلي الزاكي بسلا قد أشعروا بالفعل وفي اللحظة المناسبة ممثل النيابة العامة، بتعرض حياة المواطن أيوب بولوالب للخطر، أو إحالته إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة، وفق ما تقتضيه المادة 71.

كما تبين بأن المسؤولين بالسجن لم يقوموا بإشعار الجهات المعنية بالمرض المصاب به السجين، المسمى قيد حياته أيوب بولوالب، طبقا للمادتين 127 و129 من القانون المنظم لتدبير المؤسسات السجنية، قبل أن يتفاقم وضعه الصحي ويصبح خطرا على حياته.



التوصية العامة :




تطالب لجنة التقصي بإجراء تشريح طبي نزيه، من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقية لوفاة السجين، من أجل تحديد المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حالة ثبوث قصور أو إهمال في قضية وفاة السجين أيوب بولوالب.

وحرر بالخميسات بتاريخ 12 دجنبر 2014

لجنة التقصي حول وفاة السجين قيد حياته أيوب بولوالب

12 دجنبر 2014

تقرير مصادق عليه من قبل المكتب التنفيذي


  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: تقــرير حقوقي: تحقيق حول ظروف وملابسات وفاة المواطن أيوب بولوالب، المعتقل بالسجن المحلي بسلا "الزاكي" Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top