19‏/11‏/2015

الإرهاب صناعة فرنسية ناتج عن فشل سياسة "الإدماج" والتدخل العسكري الخارجي




يبدو أن العمليات الإرهابية التي حدثت في باريس تطرح اشكالات عميقة فيما يتعلق بفشل سياسة الادماج التي اعتمدتها فرنسا للمهاجرين وعوض أن تراعي خصوصياتهم وإذا بها تريد تحويلهم الى فرنسيين يعتبرون نبيذ الغذاء جزء م القيم الجمهورية الفرنسية ونستحضر هنا الغاء غذاء الرئيس فرنسوا هولاند مع الرئيس الايراني روحاني الذي اعترض على وضع الخمر على مائدته. كما أن العائلات التقليدية التي ينحدر منها الجيل الرابع من ـبناء المهاجرعاجزة عن استيعاب الثقافة الغربية ومن أفراد هذه العائلات من لم يتمكن من اتقان اللغة الفرنسية كتابة وحديثا. فلا يكفي أن تولد في فرنسا لكي تكون فرنسيا ثقافة وسلوكا وتصور للاشياء والعالم.
لكن هذا بالمقابل لا يمنع من القول أن الظاهرة الجديدة هي كون الانتحاريين ولدوا فوق التراب الفرنسي وبذلك نالوا الجنسية الفرنسيةز  ولم تعد تربطهم علاقة ببلدان آبائهم الأصلية وأغلبهم احترق بأضواء الحرية الفرنسية وحشروا حشرا ،بعد تعثرهم الدراسي وما ينتج عنه من بطالة ويأس، اما في تعاطي المخدرات او الارتماء في أحضان جماعات متطرفة من مختلف المذاهب والتيارات الاسلامية المنتشرة في فرنسا واوربا. ولنعترف أن المهاجرين يعيشون في أغلبهم خارج التاريخ فهويتهم منشطرة ويناضلون من الناحية النفسية من أجل ضمان مكان لهم داخل فرنسا وخارج النجاحات على مستوى العمل يجدون أنفسهم يعيشون في مجتمع يمقتون فيه أعطاب الحداثة من حرية وتحرر وعشق للحياة ومجتمع لايبال ي بالحياة الخاصة للأفراد . والمجتمع والدولة يعتبران الحياة الخاصة شيئا مقدسا لايجب المساس به. لكن هذه المظاهر تشكل الحلقة المركزية في تفكير مهاجرينا بالنظر الى أصولهم من بلدان لاتزال ترزح تحت ويلات الثالوث المحرم: المرأة- الإستبداد-الفكر الديني المتزمت . مما يجعلهم يعيشون انشطارا خطيرا يجعل مساجد المتطرفين ومواقعهم الالكترونية وتلفزاتهم تستهويهم واما يسقطون في براثين تعاطي المخدرات.
ففشل سياسة الاندماج حولت ضواحي المدن الفرنسية الاساسية الى أحياء للمنحدرين من الدول العربية والاسلامية وهذا ما سهل لتجار المخدرات والعصابات المنظمة وفقهاء الظلام من استقطابهم واللعب على جراحهم. ونستحضر هنا ثورة الضواحي البارسية قبل عشرة أعوام التي جعلت الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك يعلن حالة الطوارئ. وقد خلقت ثورة الضواحي نقاشا حول هوية فرنسا ومطبات سياسة الادماج لكن النتيجة كانت قاسية بحيث ازداد حجم التطرف اليميني في فرنسا وازداد انغلاق أبناء الضواحي بعد الممارسات التمييزية التي طالتهم.
فالاغلبية الساحقة من المهاجرين لايرتادون المسارح ودور السينما او يحضروا الى الندوات وأغلبهم لا يتجاوز المرحلة الثانوية وبعيد عن الحقل الاكاديمي ويختلط عليهم النقاش العمومي اليومي الذي يباشره سيل من وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية الخاص منها والعمومي على مختلف الاصعدة مما يجعلهم غير قادرين على استيعاب "الانساق " المؤطرة للتحاليل والتعليقات المطروحة في الساحة الاعلامية لذلك عندما يعود المهاجرون الى المغرب ونجري بعض الحوارات معهم حول مختلف القضايا العامة والخاصة . نصطدم بكونهم لايتابعون الاخبار ولايقرؤون الجرائد ويمتلكون تصورا مسبقا حول وسائل الاعلام بكونها محركة من جهات غامضة وان النقاش العمومي السائد في فرنسا هو مجرد نقاش بين أشخاص يدافعون عن مصالحهم الشخصية. وأغلبية المهاجرين لا يفرقون بين اليمين واليسار في فرنسا. كما نجد أن ثقافة الحقد على الآخر ممركزة في لاشعورهم ونخال أن حياتهم تحولت الى مجرد صراع ضد الأشرار ز فالصراع والحسد بين المهاجرين سيد الموقف ولايبالون في الاعلان عن كرههم لبني جلدتهم في الديار الفرنسية ومنهم من يفتخر بكونه يعمل في مدينة لا يقطن فيها مغاربة.
فكيف يمكن لهؤلاء المهاجرين أن يستوعبوا الحداثة والديمقراطية في مجتمع انتقل الى حديث عن ما بعد الحداثة في الفلسفة وتاريخ الافكار والفنون باختلاف مشاربها؟ في مجتمع تحول الى مجتمع الاعلام والمعرفة.
ما حدث في باريس من عمليات إرهابية أودت ب129 ضحية مؤلم ويستوجب الإدانة . ومن حق فرنسا أن تدافع عن نفسها عبر مختلف الوسائل التي تتلاءم مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان. ولكن على الفرنسيين ضبط النفس والتعامل بحكمة مع تداعيات الأحداث وعدم الإنسياق وراء الأحكام المسبقة لليمين العنصري المتطرف الذي شرع بعض أفراده في استفزاذ المغاربيين حيث عملية حرق العلمين المغربي والجزائري عملية مدانة ولن تحل المشكلة بل ستصب المزيد من الزيت في النار الملتهبة أصلا. فالإرهاب أيها الفرنسيون أصبح صناعة فرنسية. فهؤلاء الفتية الشباب ولدوا في فرنسا وفرنسا تتحمل مسؤوليتهم لأنهم أبناؤها وعليها أن تتحمل مسؤولية الفشل الذريع لسياسة الادماج وتنامي التطرف اليميني واعتبار قانون معاداة السامية لا يخص فقط سوى اليهود في الوقت الذي يعتبر مسلمي فرنسا يعتنقون دينا ساميا. فكلما تم ازدراء الإسلام يعتبر ذلك حرية تعبير وكلماهوجم اليهود بسبب علاقتهم بالكيان الصهيوني العنصري إسرائيل يعتبر ذلك خرقا لقانون احترام السامية.
فجزء من المشكل وأسبابه يوجدان في السياسة الخارجية لفرنسا وما نتج عنها من تدخل عسكري في ليبيا ومالي العراق وسوريا  وهو ما جلب عليها الكثير من الأحقاد منخلايا وتنظيمات التيارات المتطرفة المنتشرة في مختلف الدول بما فيها فرنسا التي تضم خمسة ملايين مسلم. بالإضافة الى الدول الفاشلة من الصومال الى افغانستان مرورا بليبيا وسوريا والعراق ولبنان.

بقلم: إسماعيل طاهري
  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Item Reviewed: الإرهاب صناعة فرنسية ناتج عن فشل سياسة "الإدماج" والتدخل العسكري الخارجي Rating: 5 Reviewed By: جريدة من المغرب. smailtahiri9@gmail.com
Scroll to Top